حذر خبراء سياسيون وقانونيون من الدعوات الغريبة التي أطلقها بعض الانقلابيين ويطالبون فيها بضرورة مشاركة الشعب المصرى فى عملية تأمين الاستفتاء على دستور الانقلاب الدموي المقرر يومى الثلاثاء والأربعاء، مؤكدين أن مصر لم تعهد من قبل مثل هذه الدعوات التي خرجت علينا من بعض القوى السياسية التى تدّعى المدنية والديمقراطية وزعمت أن الشعب هو المسئول فى الأساس عن عملية تأمين استفتاء دستور الدم. وأضحوا ل"الحرية والعدالة" أن ما يثير الدهشة ظهور مثل هذه الدعوات فى الوقت الذى أعلنت فيه مصادر أمنية أن أكثر من 160 ألف ضابط ومجند بالجيوش الميدانية والمناطق العسكرية على مستوى الجمهورية سيشاركون في تأمين الاستفتاء، بالتنسيق مع وزارة الداخلية واللجنة العليا للانتخابات وباقي الأجهزة المعنية بالدولة وهذا يعنى قوات الجيش والشرطة ستتولى عملية التأمين بشكل قوى. وأضافوا أن مصر لم تشهد من قبل تشكيل لجان شعبية لتأمين الانتخابات حيث أن هذا يدخل فى إطار مسئولية الجيش والشرطة، واعتبروا أن هذه بمثابة مؤشر على حدوث عنف فى هذين اليومين بالإضافة إلى حدوث زيادة حالة الاستقطاب فى الشارع المصرى وأن هذه الدعوات جاءت لتكشف عن الخوف الشديد لدى الانقلابيين من تظاهرات مؤيدى الشرعية ومدى الاحباط من مقاطعة الاستفتاء على الدستور الدموي. ميليشيات مسلحة تعليقا على هذه الدعوات يؤكد المحامي حسن كُريم، أن القانون والدستور المصرى لا يجيز لأحد تأمين المقرات الانتخابية سوى قوات الجيش والشرطة، مستنكرا تلك الدعوات التى تطالب بنزول المواطنين ومشاركتهم فى عمليات التأمين عن طريق تشكيل لجان شعبية والتى لم تحدث سابقا، موضحا أنه من المتعارف عليه تشكيل لجان شعبية بغرض الاغاثات الانسانية، والتوعية فى الانتخابات ويقوم بها فى ذلك الوقت منظمات المجتمع المدنى. ويقول كريم أن هذه الدعوات تعد صورًا من صور تشكيل ميليشيات مسلحة؛ وذلك لتخويف وتهديد المعارضين للانقلاب العسكرى والاستفتاء على وثيقة دستور الانقلاب، مؤكدا أن مناهضى الانقلاب سلميين ولا يحملون أى أسلحة ولا يلجأون إلى العنف. ويضيف أن مجرد الموافقة الضمنية من جانب الحكومة الانقلابية على مثل هذه الأوضاع من الممكن أن يندس بين تلك اللجان الشعبية أناس مسلحين ولا يستبعد أن يحمل أولئك السلاح، محذرا حكومة وداخلية الانقلاب من خطورة تشكيل هذه اللجان. توتر و استقطاب من جانبه يُعرب محمد عبد اللطيف- أمين عام حزب الوسط- عن قلقه الشديد من أن تكون دعاوى تشكيل اللجان الشعبية لتأمين المقرات حُجة يتخذها الانقلابيون ليكون هناك نوعا من أنواع العنف فى يومى الاستفتاء. وأضاف أن التحالف الوطنى لدعم الشرعية ورفض الانقلاب أعلن من قبل عن عدم تواجد تظاهراته وفاعلياته بالقرب من لجان الاستفتاء رُغم أن هذا من حقهم، مبديًا دهشته من تخوف هذه القوى الساسية صاحبة تلك الدعوات، قائلاً:" لا يوجد ما يستدعى كل هذا التخوف". ويعتبر عبد اللطيف تلك الدعوات بمثابة حلقة من مسلسل الانقلابيين لمزيد من التوتر فى الشارع والاستقطاب بين الناس، مشيرا إلى أنه من الممكن أن يقوم عدد من المواطنين الشرفاء بالتعاون مع البلطجية بأعمال عنف وخاصة أنه لن يكون هناك ما يمنعهم عن القيام بذلك. بدوره يقول الدكتور إبراهيم البيومى- الخبير فى علم الاجتماع السياسى- أن تلك الدعوات تعد عبثا وليس لها قيمة خاصة فى ظل قيام قوات الجيش والشرطة بالتأمين القوى حيث أعلنت مصادر أمنية الأيام الماضية عن قيام ما يزيد عن 160 ألف ضابط ومجند مسئولية تأمين لجان الاستفتاء. ويضيف: "الأمر لا يحتاج كل هذه المزايدات وأن يتم تشكيل لجان شعبية"، مشيرًا إلى أن تلك الدعوات لا تعدو عن كونها محاولة من جانب الأحزاب الكرتونية التى ليس لها وجود إلى إثبات وجودها. الرعب الانقلابي من جهته يوضح أحمد فودة- الخبير السياسى ومدير مركز الحضارة للدارسات - أن دعوات تشكيل لجان شعبية تتولى عملية تأمين مقرات الاستفتاء تنُم عن الخوف الشديد من التظاهرات التى من المقرر أن يقوم بها الشعب ورافضى الانقلاب، وتكشف أيضًا عن مدى الاحباط من مقاطعة غالبية الشعب لدستور الانقلاب الدموي، مؤكداً أن هذا الشعب لن يقوم بتشكيل لجان لتأمين عملية الاستفتاء على الدستور الذى جاء على أشلاء المصريين. ويشير إلى أن هناك محاولات للترويج بأن هناك فئة قليلة ستستخدم العنف يومى الثلاثاء والأربعاء لتفسد عملية الاستفتاء، قائلاً:" لا أعتقد أن الشعب سيقيم لجانا شعبية بقدر ما سيقيم فاعليات ضد دستور الانقلاب". ويُبين فودة أنه قد يحدث عنف الأيام القادمة، مستبعدا أن تنشب حرب أهلية فى مصر لعدة أسباب أهمها أن الصراع القائم سياسى بين الشعب وبين فئة تضم العسكر والقوى التى تدّعى المدنية، لافتا إلى أن فكرة الحرب الأهلية لا تمت للواقع بصلة حيث لم نرَ لها وجوداً منذ 30 يونيو. وتابع:" فئات من الشعب كانت تنتقد سياسات الرئيس الشرعي د.محمد مرسى لكنهم الآن غيروا آراءهم بالفعل فمنهم من أصبح مؤيدا لعودة الشرعية، ومنهم من عاد ليصبح جزء من حزب الكنبة ويقف موقف "المتفرج". ويؤكد الخبير السياسى أن أيام الاستفتاء ستكون حاسمة فى تاريخ القضاء على الانقلاب العسكرى، مشيرا إلى أنه يمكن تمرير الدستور من خلال تزويره كما يحدث فى استفتاء المصريين بالخارج، إذ أن نسبة المشاركة لم تتجاوز 3% وإعلام الانقلاب يعلن عن ارتفاع نسبة المشاركة، مؤكدا أن ما يحدث حاليا سيكون مقدمة للطوفان فى 25 يناير في ذكرى الثورة بمعنى أنه لن تعود الأمور لما كانت قبله. وينوه فودة إلى أن دعوات الأحزاب المدنية هذه تشبه تماما دعوتها بمقاطعة الاستفتاء على دستور 2012 الذى كان يعطى للشعب حقوق لم يحصل عليها منذ 1952، كما توضح طبيعة تلك القوى المدنية التى لا تسعى إلى تحقيق الديمقراطية.