للمتقدمين لمسابقة شغل 243 وظيفة بوزارة العدل.. رابط الاستعلام عن نتيجة الامتحان الإلكتروني    إدراج 15 جامعة مصرية في تصنيف QS العالمي لعام 2025    سعر الذهب اليوم الجمعة في مصر مع بداية التعاملات    هشام آمنة: تنفيذ 5130 مشروعا ضمن برنامج التنمية المحلية بصعيد مصر    محافظ أسوان: طرح كميات من الخراف والعجول البلدية بأسعار مناسبة بمقر الإرشاد الزراعي    وزير المالية: التأمين الصحي الشامل يخلق بيئة تنافسية لصالح الأسرة    الجيش الأمريكي يعلن تدمير 8 طائرات دون طيار وزوارق مفخخة للحوثيين    خلاف داخل الناتو بشأن تسمية مشروع دعم جديد لأوكرانيا    ماكرون يرحب بزيلينسكي في قصر الإليزيه    توافد الحجاج لأداء صلاة الجمعة في الحرم المكي بأول أيام ذي الحجة    المتحدة للخدمات الإعلامية تعلن تضامنها الكامل مع الإعلامية قصواء الخلالي    واشنطن تطالب إسرائيل بالشفافية عقب غارة على مدرسة الأونروا    ترتيب مجموعة مصر بتصفيات كأس العالم 2026    لوكاكو يكشف إمكانية إنتقاله للدوري السعودي في الموسم الجديد    تنطلق 10 يونيو.. «تعليم الإسكندرية» تنهي استعداداتها لامتحانات الثانوية العامة    إعدام 30 كيلو من اللحوم الفاسدة بشمال سيناء    إصابة 9 عمال في حادث انقلاب سيارة ب«صحراوي المنيا»    حريق يلتهم محل أدوات منزلية شهير في الشرقية    النشرة المرورية.. سيولة وانتظام حركة السيارات في القاهرة والجيزة    4 أغانٍ بطريقة ال AI، تعرف على تفاصيل ألبوم لطيفة الجديد    عقب صلاة الجمعة.. تشييع جثمان المخرج محمد لبيب بمسجد نصر الإسلام    تعرف على فضل صيام التسعة أيام الأوائل من ذي الحجة    صيام العشر الأول من ذي الحجة 2024.. حكمها وفضلها والأعمال المستحبة بها    رئيس «الرقابة والاعتماد»: معايير الجودة تؤسس لنظام صحي تقل فيه الأخطاء الطبية    خبراء عسكريون: الجمهورية الجديدة حاربت الإرهاب فكريًا وعسكريًا ونجحت فى مشروعات التنمية الشاملة    العثور على جثة شاب مذبوح وملقى في بحر الحجايزة بالدقهلية    إشادات صينية بتطور النقل البحري والسكك الحديدية في مصر    الإسكان: تم وجارٍ تنفيذ 11 مشروعًا لمياه الشرب وصرف صحى الحضر لخدمة أهالى محافظة مطروح    توقعات الأبراج اليوم الجمعة 7 يونيو 2024.. ترقيه جديدة ل«الحمل» و«السرطان»يستقبل مولودًا جديدًا    مرسى جميل عزيز l ملك الحروف .. و موسيقار الكلمات    "توتة" تبحث عن جدتها في "ألبوم صور" بثقافة السباعية    ارتفاع حجم التجارة الخارجية للصين بواقع 6.3% في أول 5 أشهر من 2024    بمناسبة يوم الصحفي..نقابةالصحفيين تقود حملة للإفراج عن الصحفيين في سجون السيسي    مداهمات واقتحامات ليلية من الاحتلال الإسرائيلي لمختلف مناطق الضفة الغربية    الأخضر بكامِ ؟.. سعر الدولار أمام الجنيه المصري في تعاملات اليوم الجمعة 7 يونيو 2024    منتخب السودان يتصدر مجموعة تصفيات كأس العالم على حساب السنغال    تفشي سلالة من إنفلونزا الطيور في مزرعة دواجن خامسة بأستراليا    مفاجأة.. دولة عربية تعلن إجازة عيد الأضحى يومين فقط    افتتاح المهرجان الختامي لفرق الأقاليم ال46 بمسرح السامر بالعجوزة غدًا    سيد معوض: هناك لاعبين لعبوا المباراة بقوة وبعد نصف ساعة كانوا بعيدين تمامًا    الأوقاف تفتتح 25 مساجد.. اليوم الجمعة    رغم الفوز.. نبيل الحلفاوي ينتقد مبارة مصر وبوركينا فاسو .. ماذا قال؟    الصيادلة: الدواء المصري حتى بعد الزيادة الأرخص في العالم    بعد جدل أفشة.. تركي آل شيخ يعلن عن مفاجأة في برنامج إبراهيم فايق    ترقبوا، محافظ المنوفية يكشف موعد إعلان نتيجة الشهادة الإعدادية 2024    ما قانونية المكالمات الهاتفية لشركات التسويق العقاري؟ خبير يجيب (فيديو)    ساتر لجميع جسدها.. الإفتاء توضح الزي الشرعي للمرأة أثناء الحج    أمين الفتوى: إعداد الزوجة للطعام فضل منها وليس واجبا    مجلس الزمالك يلبي طلب الطفل الفلسطيني خليل سامح    «صلاة الجمعة».. مواقيت الصلاة اليوم في محافظات مصر    عيد الأضحى 2024| أحكام الأضحية في 17 سؤال    حظ عاثر للأهلي.. إصابة ثنائي دولي في ساعات    حسين حمودة بعد حصوله على جائزة الدولة في الأدب: "حاسس إن في حاجة أقدر أقدمها لبنتي"    إبراهيم حسن: الحكم تحامل على المنتخب واطمئنان اللاعبين سبب تراجع المستوى    في عيد تأسيسها الأول.. الأنبا مرقس يكرس إيبارشية القوصية لقلب يسوع الأقدس    غانا تعاقب مالي في الوقت القاتل بتصفيات كأس العالم 2026    بمكون سحري وفي دقيقة واحدة .. طريقة تنظيف الممبار استعدادًا ل عيد الأضحى    نجاح أول تجربة لعلاج جيني يعمل على إعادة السمع للأطفال.. النتائج مبشرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد كمال يكتب: الموجات النفسية للثوار

ليس على وجه الأرض من يعيش متأجج المشاعر مثل (الثائر)، فهو يعيش على فوهة بركان يكاد يصطلى بحُممه، وتوشك مدينته أن تحترق بنيرانه، وهو يواجه ويصر على هزيمة البركان وإعادة السلام لمدينته.
وإذا راجعت الثورات الناجحة ستجد أن أمواجا خمسا رئيسة تمر بها (نفوس) الثوار:
أولا- صدمة.. فابتهاج... فارتباك:
حيث يتلقى (صدمة) الطغاة فيندفع وأمثاله بنقائهم وشجاعتهم إلى الرفض والمواجهة، فيلتئم الثائرون فى جموع دافئة تُشعرهم بالأمان، ومع ظهور الوجه القبيح للطغيان يبتهج الثوار لتصورهم أن الباطل ينكشف والنصر يقترب، لكن النصر يتأخر، ويرون الطغيان يخوض معركته بإصرار وقد أعد خططه بإحكام، فيوقِع الثوار فى خطايا ثورية تكاد تتكرر... لعفوية الثورة، واستعداد الطغاة، فيدرك الثوار أن وحدتهم وامتلاكهم للحق ليس كافيا لمواجهة الطغيان الذى يتسلح بالقوة بديلا عن الحق، ويستجمع الأنصار بديلا عن السماء.
يصطدم الفريقان، ويرتبك الثوار من قسوة الخصوم وعدم توقع دمويتهم، ويدركون فجأة معنى (أن تصارع طاغية لإسقاط حكمه)، وتأتى الصدمة للباطل أيضا فهو يعاين فجأة معنى (أن تحاول قمع عدو راسخ العقيدة)، يخفت ابتهاج الثوار، ويبدأ إدراكهم بطول المعركة.
حينئذ ينتقلون إلى الموجة الثانية.
ثانيا- مرارة وخوف:
حيث يتوحش الطغيان ويقذف بكل أسلحته، يُسيل الدماء ويهتك الأعراض ويفتك بالجموع، فينقل أهل الحق إلى واقع طالما قرأوا عنه فى معارك الأمم الغابرة وفى قصص الأنبياء، لكنهم يعيشونه واقعا يحول الأصدقاء إلى أشلاء فيرحلون فى لحظات أمام أعين مقروحة، ويصاب الأشداء فيعيشون عجزة بعد أن كانوا يتفجرون بالحيوية، ومع الرصاص والدماء والمصادرة والمطاردة يتولد خوفٌ مشروع، فنطرده حينا، ويدهمنا حينا، الدماء والدمار ليسا مسألة هينة، ومواجهتهما كل يوم ليس هزلا، فتتردد المشاعر بين عهود القصاص للشهداء، وبين الحفاظ المشروع على النفس، وتدخل الحسابات، فإذا دخلت أطاحت باليقين، فإذا ظهرت العقيدة اختفت الحسابات، وأصبح الارتكان على القوى العزيز هو أفضل الحلول العقلية والقلبية، ومع هدأة النفس، يشعر الثائر بمسئولية أكبر من القصاص للشهداء، وأكبر من حفظ نفسه، إنه يناضل من أجل وطن وشريعة ومستقبل، فينتفض ويتقدم الصفوف، فتزداد الجراح وتشتد المقاومة، فيزداد التوحش، فيغلبه الألم، ولكنه يتقدم رغم آلامه، وخصمه لا يرحم آلاما ولا جراحا … فيتسلل الشوك إلى الحلوق، وتتجمد الدموع بالعيون، وتتساءل النفوس: هل سنهزم؟
حينئذ ينتقلون إلى الموجة الثالثة.
ثالثا- توجس ومراجعة:
تأتى أوقات يشعر فيها الثوار أن ثورتهم قد تضيع بسبب قوة الخصم وامتلاكه أسباب البقاء والانتصار، وينغمسون فى القياسات المادية فيجدونها لصالح الطغاة، ويلتفت الثائر بعيدا عن الجموع الثائرة، فيجد شعبا مُغيبا مخدوعا، لا يفيق أحدهم إلا بقتل ولده أو انتهاك عرضه، ويتخذ العبودية دينا، ويتصالح مع إهدار كرامته، بل ويجد لها موروثا من المنطق، (إحنا فين وهمه فين)، (إحنا غلابة)، (لو دخلت بلد بتعبد العجل حش وادِّيله)، فإذا نظر الثائر خارج حدود وطنه سيجد حكومات ترسخ أقدام الطغاة، وأعداؤه عرب وصهاينة وأمريكان، يمتلكون ما يهدمون به ثورات وثورات، فيأتيه الهاجس: وأين أنا.. وأين نحن من كل هذه التحديات؟.. يراجع نفسه وهو يلقى بالحجارة على بلطجية النظام، ذراعه تعمل ضدهم، وعقله يتساءل: هل كنا على خطأ؟
هل استدرجونا لفخ؟
هل هذا شعب يستحق أن نضحى له؟
أين الناس من قتلانا ومعتقلينا؟
ثم يعود إلى نفسه فيقول: كيف أطلب حماية من شعب قمت بثورتى لأحميه من الطغاة؟
قدمنا نفوسنا ونحن نعلم أنهم مغيبون ومخدوعون فلماذا نطالبهم بما لم يتأهلوا له طيلة حياتهم؟
ثم لماذا أنظر إلى قوة الأعداء ولا أنظر إلى نجاح كل الثورات التى قامت رغما عن القوى العظمى وأسلحة الطغاة وتوحش العسكر؟
مراجعات تتردد طيلة الوقت، يقظة ومناما، لحظة استنشاق الغاز، ولحظة حمل الجرحى،ولحظة الصلاة ولحظة الضحك.. أو الحزن.
حينئذ تظهر الإبداعات، ويظهر العمليون الذين (يراجعون) الحسابات أثناء المعركة، ويطورون المعركة أثناء الالتحام، فتتماسك بهم الصفوف كما تماسكت من قبل بدماء الشهداء وبصفاء العقيدة، وتحافظ على الصف الثورى، وتنزل الهزائم بالطغاة.
لكن ضربات الطغاة تتوالى بلا حساب، تدافع عن وجودها.
وحينئذ تنقسم القلوب بين مستجيب يشعر بالنصر، ومستريب يتذوق الهزيمة.
فتكون الموجة الرابعة.
رابعا- نصر قريب أم هزيمة ساحقة:
هذه مرحلة متقدمة عن مرحلة التوجس والارتباك فهى مرحلة يلوح فيها الشئ ونقيضه، سترى عدوك منهارا بسبب صمودك وستراه متماسكا لسيطرته على المؤسسات.
سيرى الطاغية أن الزمن لم ينل من صمود الثوار، لكن الزمن يظل تحديا يرهق الثوار.
سيشعر الثوار بأدلة قاطعة أن عدوهم مرتبك ومنهزم، سيرون ذلك فى قراراته وفى إعلامه، وفى شرطته، ولكنهم سيجدون الأيادى تمتد إليه لتثبيته، فيشعرون أن أمارات انتصار الثورة واضحة، وأن احتمالات انتصار الطغاة محتملة.
سيسمع الثوار أخبارا بقلوب متلهفة، وستلهج ألسنتهم بالدعاء أن تكون أخبار هلاك "الفريق" صحيحة، أو انفجار العصابة من الداخل حقيقة، لا بأس، سيقول بعضهم هذه أعمال مخابرات، وآخر يقول بل هذه حقائق، وثالث يرجع الأمر إلى الله، ورابع وخامس …
مرحلة شديدة، النصر يلوح للثوار ويلوح أيضا للطغاة.
سيرى الثوار أيضا أصدقاء الأمس وقد هبطت عليهم الحكمة! وبينما هم منغمسون بين تظاهرة أو جنازة أو تهجد أو زيارة معتقل، سيسمعون: (قلنا لكم وماسمعتوش الكلام)، (تركتم الحل الثورى واخترتم المسار السياسي.. اشربوا)، (حذرناكم من العسكر ولم تنتصحوا)، و(غباؤكم أوصلكم لسيناريو 54 تانى). وعلى النقيض... سيسمعون أيضا (يا ليتنى كنت معهم) (هم رجال المواجهة ولسنا فى سيناريو 54 بل فى معركة تحرر)، و(نعم مختلف معهم ولكنهم على الحق).
الغث يتكلم والثمين.
فالناقد وهو يمد يديه مع الثوار (مخلص) فاحتضنوه.
والناقد القاعد وهو يتشفّى فى الثوار (ناقم) فدعوه يحترق.
والناقد متفلسفا على الثوار (متبلد) فأهملوه لسفاهته.
سيسمع ويرى ويحس الثوار بالنصر قريبا جدا... وبعيدا للغاية!!
ثم ينتقلون إلى الموجة الخامسة.
خامسا- يقين وعمل:
وهى مرحلة النضج: ففى هذه المرحلة يكون الثوار قد هزموا تحدى الزمن، وقهروا آلام التنكيل، وتعهدوا بالقصاص، ورأوا ضعف الباطل رغم زهوته، وأحسوا بقوة الحق رغم جراحه، وعلموا كيف يخطط الباطل، وكيف يمكر، وإلام يهدف، فيبادلونه تخطيطا بتخطيط ومكرا بمكر، وترتقى نفوسهم وتتجلد، فلا يهمهم إعلام الضلال، ويقبلون تحدى إعادة الوعى للملايين، ويشفقون على الناس بدلا من النقمة عليهم، وينتقلون إلى آفاق من المقاومة كانت خيالا لا يتصورون ارتياده، ويرتقون من مرحلة الأيدى الناعمة، إلى الأذرع الصلبة، والقلوب الراسخة والإرادة المستعلية، لا يهمهم تساقط الرموز، ولا سخرية الأصدقاء، ولا قلة الموارد، ولا تهديد الحياة والأبناء.
مرحلة تؤثر فى الأحداث ولا تتأثر بها، يتقدم الثوار مهما كان قرار الطغاة مرعبا ومهددا.
كل أفعال الثورة تكون فعلا إراديا ويحولون الطغاة إلى ردود الأفعال الاضطرارية.
تتساقط أمامهم زمجرة الدبابات فتصبح كنباح الكلاب أو مواء القطط.
تنهار أمامهم جبابرة الشرطة ويعدون كالنساء يطلبون الغوث من قياداتهم.
هذه مرحلة لا تبالى بمكاسب الطغاة السياسية، ولا سعيهم لاختلاق شرعية تحميهم.
هنا..يُقدم الثوار بثبات على تدمير قواعد اللعبة وإعادة الأمر فيها لصاحب الأمر … للشعب.
خافوا على الثورة فهى أعز ما نملك.
لكن لا تخافوا من مشاعركم المتناقضة ولا عواطفكم المضطربة مادمتم فى الصفوف.
سنقلق ونخاف ونتوجس ونتمنى ونضحك ونحزن ونسعد ونتألم ونتقدم ونتقهقر ونُجرح وقد نستشهد.
لكننا أبدا لن ننهزم.
مكملين
لا رجوع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.