1.5 مليار جنيه خسائر شركات التأمين و5 مليارات جنيه خسائر الحوادث عقيل: الشاحنات تنقل 97% من البضائع.. ولا بد من تخصيص طرق لسيرها الشاهد: التصالح فى قانون المرور يعطى الفرصة لمرور المخالفة دون ردع آيات سليمان باتت الشاحنات مشكلة تؤرق خبراء المرور، فهى تسير ليلا ونهارا فى أى وقت، محملة بأطنان من المواد المختلفة، وتسبب أزمات مرورية كبيرة فضلا عن حوادث السير. ويؤكد العديد من الدراسات أن الشاحنات تعد السبب الرئيسى لحوادث الطرق، وسط مقترحات بأن يكون سير الشاحنات من 12 مساء إلى 6 صباحا. ولأن ما يقرب من 98% من البضائع يتم نقلها من خلال الشاحنات، فإن الحاجة لتنظيم سيرها أصبحت ملحة، لتخفيف حدة أزمة المرور وفى الوقت نفسه الانتفاع بها فى عملية النقل. وتفيد الدراسات والإحصائيات المتخصصة أن أسطول الشاحنات فى مصر يصل عدده إلى حوالى مليون شاحنة، 72% منها تقل حمولتها عن 3 أطنان، بينما يبلغ عدد الشاحنات ذات الحمولة الكبيرة نحو 100 ألف شاحنة، منها 5000 شاحنة، تملكها شركات نقل برى، و30000 تملكها جمعيات تعاونية، و22000 شاحنة تملكها شركات تنقل بضائعها الخاصة بها، و43000 يملكها أفراد. كما تشير الدراسات إلى أن قطاع النقل يعد المستهلك الرئيسى للمواد البترولية، حيث يستهلك 38% من أنواع الوقود المختلفة ونحو 84% من استهلاك السولار وحده. ويقول الدكتور أسامة عقيل -أستاذ هندسة الطرق والمرور بكلية الهندسة جامعة عين شمس-: إن معظم الشاحنات، خاصة التى يملكها الأفراد، قديمة وتفتقر إلى الصيانة، وهذا سر تكرار أعطالها على الطرق وتعطيل حركة السير وزيادة عدد الحوادث. وأشار عقيل إلى أن هذه الشاحنات تدار بطريقة غير اقتصادية وتعانى زيادة تكلفة التشغيل، بالإضافة إلى عدم الكفاءة، لأن نسبة الشاحنات ذات الحمولة المتوسطة والحمولة الكبيرة متواضعة، ويجب أن تزيد نسبتها فى الأسطول لكى يكون هناك توازن يحقق الكفاءة ويزيد من قدرة وطاقة الاستيعاب. خسائر حوادث الطرق وأوضح عقيل أن الشاحنات تمثل حوالى 25% من أسطول المركبات فى مصر، مضيفا أن أخطر تحدٍّ يواجه صناعة النقل فى مصر هو مشكلة الأمان على الطرق، حيث بلغت أعداد الحوادث السنوية فى مصر حوالى 40 ألف حادث ينتج عنها حوالى 8500 قتيل وحوالى 40 ألف مصاب ومعوق وتبلغ التكلفة الاقتصادية السنوية للحوادث حوالى 10 مليارات جنيه. وكشف عن أن جميع الإحصاءات على مدى السنوات السابقة أظهرت أن الشاحنات تتسبب فى حوالى 50% من الحوادث؛ أى أنها تتسبب فى 5 مليارات جنيه خسائر سنوية، وأنها السبب فى وقوع نسبة 60% بين قتلى حوادث الطرق؛ أى أنها هى السبب الرئيسى فى حوادث الطرق فى مصر. وأرجع السبب وراء حوادث الشاحنات إلى تساقط أشياء من حمولة المركبات أمام السيارات التى تأتى خلفها فتتسبب فى اضطراب الحركة المرورية وحوادث، بالإضافة إلى الحمولات البارزة عن المركبات بطريقة غير سليمة، فضلا عن المركبات التى تسير ليلا وغير مكتملة العواكس والأضواء الخلفية، بجانب الشاحنة التى تحمل حمولة غير متوازنة وتميل إلى ناحية أكثر من الأخرى؛ مما يتسبب فى انقلاب الشاحنة. وأضاف أن 30% من سائقى الشاحنات يقودون السيارات وهم تحت تأثير المنبهات والمخدرات والمسكرات، كذلك انتشار ظاهرة قطع غيار السيارات المغشوشة التى تتسبب فى حوادث. وأشار إلى أن أكثر من 25% من الإطارات المستخدمة فى المركبات غير صالحة نهائيا للاستخدام، وعرضة للانفجار، وتتسبب فى حوادث، وليس عليها رقابة، كما لا يوجد قانون يحدد العدد الأقصى لساعات قيادة المركبات يوميا، حيث يقوم سائقو الشاحنات بالقيادة لأكثر من 14 ساعة يوميا وأكثر من 6 ساعات متصلة، ويتسبب ذلك فى الإرهاق، فضلا عن أن نسبة كبيرة من سائقى الشاحنات غير متعلمين، ويجهلون قواعد المرور، ولا يفهمون معنى اللافتات والعلامات المرورية. ولفت إلى افتقار الطرق المصرية للمراقبة الأمنية المرورية والانضباط، الأمر الذى يتيح الفرصة لسائقى الشاحنات للهروب من العقوبات، وتكون النتيجة أن أداء السائقين يتدنى كثيرا نتيجة إدراكهم بأنهم غير مراقبين، ويتسبب ذلك فى زيادة السرعة وارتكاب أخطاء فى أسلوب القيادة ومخالفات تتسبب فى حوادث. وأوضح أنه لا يوجد فى مصر إدارة تشغيل للطرق السريعة بين المدن، ولا يوجد تنظيم للحركة المرورية أثناء فترات الشبورة، كما أن نسبة وجود الشاحنات على الطرق أعلى من نسبة وجود السيارات الصغيرة؛ لأن الشاحنات تعمل أكثر من 18 ساعة يوميا فى المتوسط فى حين أن السيارات الصغيرة لا تزيد نسبة وجودها على الطرق فى المتوسط عن 6 ساعات على الأكثر. وتابع أنه نظام منح تراخيص الدرجة الأولى يواجه بعض العيوب، مشيرا إلى أن نسبة كبيرة من السائقين يقودون الشاحنات رغم سحب الرخص منهم أو يقودون برخص منتهية الصلاحية. وأوضح أن من سلبيات الشاحنات أيضا المبالغة والعشوائية فى تحصيل الإتاوات، وغرامات الوزن الزائد، والرسوم المختلفة على الشاحنات؛ حيث لا يوجد أسلوب عادل للمحاسبة الضريبة لها، ولجوء أصحاب الشاحنات وشركات النقل إلى تحميل أوزان زائدة عن المسموح لتحقيق عائد إضافى. وقال عقيل: إن التحدى الآخر الذى يواجه صناعة البضائع فى مصر هو التدمير الذى تحدثه الشاحنات على الرصيف فى شبكات الطرق، والذى يجعل تكاليف الصيانة أضخم مما تتحمله ميزانية الدولة، لذلك أصبحت حالة الطرق متدنية. وأكد أن أكثر من 97% من حجم نقل البضائع يتم على الطرق بالشاحنات، فى حين يقتصر دور السكة الحديد والنقل النهرى حاليا على أقل من 3%. وأضاف أنه مهما تم الاهتمام بنقل البضائع على السكة الحديد وفى النقل النهرى، فإن نصيب كل منهما سيظل محدودا، وسيظل النقل للبضائع على الطرق بالشاحنات هو السائد والغالب، ولن يقل مستقبلا بأى حال عن 90%؛ لذلك لا بد من إيجاد حل لمشكلة إتلاف الرصف بالأحمال الزائدة والأحمال الكثيفة على الطرق. طرق منفصلة للشاحنات أما الحل من وجهة نظر أستاذ هندسة الطرق فيبدأ بإنشاء طرق منفصلة للشاحنات، وبصفة خاصة فى المحاور التى تتركز عليها حركة الشاحنات فى نقل البضائع، وهى مرتبطة بالموانئ والمدن والمناطق الصناعية والمحاجر ومناطق التعدين ومراكز الإنتاج والتصنيع والتجارة الداخلية. وأشار عقيل إلى ضرورة إنشاء تحويلات لكل الطرق المخترقة للمدن والتجمعات العمرانية بحيث تمر خارجها والتوسع فى ازدواج الطرق وخاصة تلك التى عليها كثافات مرورية عالية أو عليها حركة نقل بالشاحنات. ولفت إلى أن إنشاء طرق للشاحنات سوف يقلل جدا حركة الشاحنات على شبكة الطرق المصرية، وبذلك سوف يزيد عمر الطرق وتقل تكاليف الصيانة، ويوفر فى القطاعات الإنشائية وتكلفة الرصف للطرق الجديدة بدرجة كبيرة، وتقدر تلك الوفورات بمبلغ 2 مليار جنيه سنويا. وطالب بزيادة نصيب نقل البضائع بالسكة الحديد والنقل النهرى، وتشجيع وتنظيم نقل البضائع بالحاويات، وقصر الترخيص بالنقل للشاحنات المجهزة لذلك. وشدد على ضرورة إلزام أصحاب الشاحنات بتركيب جهاز التاكوجراف الذى يحدد سرعة الشاحنة خلال الرحلة وأوقات العمل والتوقف والوزن والحمولة، ومنح الترخيص للسائقين وفقا للمستوى التعليمى والمهنى ووضع نظم لإعادة تأهيل السائقين. شركات التأمين وتوقع عقيل تراجع الخسائر السنوية بحل مشاكل الطرق، فضلا عن انخفاض خسائر شركات التأمين أيضا والتى بلغت العام الماضى نحو 1.5 مليار جنيه. وفيما يتعلق بخطة الرئيس محمد مرسى بتحديد ساعات معينة لسير الشاحنات، أكد عقيل أنها يجب أن تشهد من الناحية التطبيقية بعض الاستثناءات؛ بمعنى: أن هناك شاحنات لن يطبق عليها هذا القرار؛ نظرا لأن طبيعة البضائع التى تحملها لا يمكن أن تحدد لها ساعات مثل سيارات الخضروات، وأنابيب البوتاجاز، فتلك السيارات من الممكن إعطاؤها تصاريح. وأضاف أننا يجب أن نهدف من ذلك المقترح إلى حل 90% من مشكلة الشاحنات على الطريق، موضحا أن التطبيق يجب أن يكون له قواعد، ويجب أن يكون هناك مراقبة من جانب إدارات المرور من ناحية التطبيق، كما يجب أن ينزل رجال المرور بكامل قوتهم، وألا يأخذوا إجازات طوال فترة ال100 يوم لحين استعادة النظام، بدلا من حالة الفوضى التى تعيشها البلاد. البحث عن بدائل من جانبه، أشار الدكتور حسن مهدى، أستاذ الطرق والمرور بكلية الهندسة جامعة عين شمس إلى أن حل مشكلة النقل تحتاج إلى تحسين البدائل. وأوضح أنه يجب الارتقاء بمرفق السكك الحديد، بما يجعله منافسا من ناحية الجودة والسعر، فالمواطن إن رأى بديلا أحسن من الشاحنات فى نقل بضائعهم فسيلجأ له لا محالة، لأن الأساس هو الاهتمام بأنماط نقل البضائع الأخرى والتى يدخل النقل النهرى ضمنها. وشدد على ضرورة العمل بالتوازى فى الارتقاء بمنظومة النقل النهرى والبحرى أيضا، مشيرا إلى أن الاهتمام بأنماط النقل الأخرى سيعمل أيضا على تجنب الكثير من حوادث الطرق التى تقع معظمها بسبب سير الشاحنات على الطريق، فضلا عن كون الحمولات الزائدة تؤدى إلى التلف السريع فى رصف الأسفلت، وهو ما يكلف الدولة مليارات الجنيهات؛ لأن رصف الطريق يتم من مشتقات البترول لعمل الخلطة الأسفلتية، حيث إن المتر المسطح من الطريق يتكلف من 150 إلى 200 جنيها. التصالح فى المخالفات وعقب اللواء مجدى الشاهد -الخبير المرورى- بأن المشكلة الكبرى ستكون أثناء تطبيق وإعمال قانون المرور، موضحا أن وجود بند التصالح يعطى الفرصة لأى مخالفة أن تمر دون ردع لها مثل الحمولات الزائدة والسير عكس الاتجاه وكذلك سير الشاحنات فى أوقات معينة. وقال الشاهد: إن أسهل ما سيلجأ له صاحب الشاحنة هو دفع قيمة التصالح فى مقابل ألا تسجل له المخالفة، وهو يرى أنه لم يغرم شيئا. وأكد الشاهد أننا بحاجة إلى إعادة النظر فى قانون المرور، وإعادة صياغة له؛ لأنه ملىء بالثغرات التى لن تمكن رجال المرور من القيام بأدوارهم.