أكد الدكتور رفيق حبيب -المفكر السياسى والقيادى بحزب الحرية والعدالة- أن سلطة الانقلاب حالة عارضة فى مسار الثورة، وكل ما ترتب أو سيترتب عليه سواء نظام أو دستور سيظل حالة عارضة مؤقتة يمكن أن تنكسر فى أى وقت، نتيجة استمرارية حركة مناهضة الانقلاب والحراك الثورى والاحتجاج السلمى الذى أفشل السياسات القمعية المتواصلة للانقلاب والقائمة على قوة السلاح فى مواجهة تحالف دعم الشرعية المتمسك بالسلمية و شرعية الديمقراطية. وأضاف حبيب فى أحد دراساته عن الانقلاب العسكرى الدموى تحت عنوان "الرهان على القمع.. المعركة الخاسرة"، أن سلطة الانقلاب اختارت منذ اللحظة الأولى، سياسة القمع الأمنى الشامل، حتى تحقق استقرار الأمر الواقع، الذى نتج عن الانقلاب العسكرى. ولم تعتمد سلطة الانقلاب على أى بديل آخر، وحتى لم تضع فى حساباتها خطة بديلة، مما يعنى، أن سلطة الانقلاب راهنت على أن سياسة القمع سوف تنجح. وأشار إلى أنه رغم أن سلطة الانقلاب ادعت أنها سوف تعيد المسار الديمقراطى بمرحلة انتقالية جديدة، إلا أنها لم تتخذ أى فعل يسهم فى دعم هذا الادعاء، أى أنها لم تحاول أن تبدو ديمقراطية ولو ظاهريا، مما يؤكد أن سلطة الانقلاب تحاول أن ترسخ صورة الدولة القمعية الأمنية أو الدولة العسكرية، التى جلبها الانقلاب العسكرى لدى عامة الناس. ونبه المفكر السياسى إلى أن الانقلاب بدأ بتقويض العملية الديمقراطية وكل ما نتج عنها، ثم دخل فى مرحلة تقويض الاحتكام للشارع، رغم أن الانقلاب تم تبريره بعملية احتكام للشارع، ثم انتقلت سلطة الانقلاب بعد ذلك لتقويض أى تعبير عن الرأى وأى تظاهر، حتى تتمكن من فرض سيطرة كاملة على المجال السياسى. وأوضح أن استراتيجية الانقلاب العسكرى تؤكد أنه يهدف إلى فرض ما ينتج عنه كأمر واقع، لا يعترض عليه أحد أو لا يقدر أحد على الاعتراض عليه، ومن ثم يتمكن الانقلاب من استعادة الدولة الأمنية مرة أخرى، وبهذا يقوض ثورة يناير بالكامل، لافتا إلى أن الانقلاب العسكرى جاء بعد ثورة يناير الشعبية، لذا أصبح يخشى من استمرار الحالة الثورية فى الشارع المصرى، فاعتمد على استراتيجية إجهاض الحالة الثورية وإجهاض حلم الثورة والتغيير بالكامل، حتى يعود المجتمع بكامله إلى مرحلة السلبية السياسية الكاملة. الخصم أولا وتحت عنوان "الخصم أولا" قال "حبيب" فى دراسته إن سلطة الانقلاب العسكرى الدموى بدأت منذ اليوم الأول، معركة قمعية متواصلة مع القوى الرافضة للانقلاب العسكرى، لأنها تمثل العقبة الأساسية أمامها، وتمثل أيضا العقبة أمام مشروع استعادة الدولة الأمنية، لذا لم تتوقف سلطة الانقلاب عن سياسة القمع تجاه تحالف دعم الشرعية، بل اعتمدت سياسة تصعيد القمع بصور متتالية، حتى لا يتوقف القمع فى أى مرحلة. وأضاف أن عمليات القمع، تصاعدت بداية من الاعتقالات ثم المذابح ثم التوسع فى الاعتقال، ثم التغييب القصرى بغطاء قضائى، وبعد عمليات الفض الدموى ركزت سلطة الانقلاب على منع التظاهر فى الميادين الكبرى، خاصة فى القاهرة، ومنع تجمع المسيرات، لتمنع أى مظهر احتجاجى حاشد، وفى كل مرحلة كانت سلطة الانقلاب تراهن على أن القمع سوف يوقف حركة الاحتجاج ضد الانقلاب العسكرى، وعندما كانت تفشل مرحلة، كانت تتجه لمرحلة أخرى من القمع، حتى توقف الاحتجاج الشعبى على الانقلاب. ولفت إلى أنه حتى تتمكن سلطة الانقلاب من القضاء على أى احتجاج شعبى، ركزت معركتها مع جماعة الإخوان المسلمين، حتى تدعى أن جماعة الإخوان المسلمين هى فقط التى تحتج، وكل المجتمع مؤيد للانقلاب العسكرى. وأوضح القيادى بحزب الحرية والعدالة أن الانقلاب ركز استراتيجية القمع، على تحديد الخصم فى طرف واحد، يتم تشويهه إعلاميا، حتى تتمكن من تمرير عمليات القمع ضد الخصم، فى محاولة لمنع أى تعاطف شعبى مع الخصم، حتى يسهل قمعه، وحتى لا تتمدد حالة التعاطف داخل فئات أخرى من الشعب، فتتوسع عملية الاحتجاج، وتتوسع عملية القمع. وأشار إلى أن التحالف الوطنى لدعم الشرعية ورفض الانقلاب، لم يضم جماعة الإخوان المسلمين فقط، بل العديد من القوى السياسية، خاصة القوى الإسلامية، كما أنه عبر عن أغلب القاعدة الجماهيرية للتيار الإسلامى، بما فى ذلك القاعدة الجماهيرية للتيار السلفى، ولهذا كانت سلطة الانقلاب تحاول أن تركز على جماعة الإخوان المسلمين، حتى لا يظهر أنها تواجه كل جماهير التيار الإسلامى، ورغم أن سلطة الانقلاب حازت على دعم حزب النور السلفى، إلا أن هذا الدعم لم يغير من واقع المواجهة، فظلت المواجهة منذ اليوم الأول مع أغلب جماهير التيار الإسلامى، بما فى ذلك جماهير التيار السلفى. القمع يوسع الاحتجاج وتحت عنوان "القمع يوسع الاحتجاج" كشف "حبيب" أن حالة القمع الدموى أنتجت مزيدا من التعاطف الشعبى، ووسعت الاحتجاج الشعبى، على خلاف ما كانت تهدف له سلطة الانقلاب، فعمليات القمع أدخلت العديد من أسر الشهداء والمصابين والمعتقلين فى صفوف حركة الاحتجاج، كما أن عمليات القمع الدموى أثرت على شرائح عديدة، فأصبحت ترفض الانقلاب العسكرى. وتابع: إنه رغم أن عمليات القمع كانت توسع القاعدة الجماهيرية المحتجة، إلا أن سلطة الانقلاب استمرت فى عمليات القمع، بصورة أكدت أنها لا تملك أى بديل آخر، وأن الانقلاب العسكرى قام على استراتيجية القمع الشامل فقط، مشيرًا إلى أنه مع استمرار القمع، تأكد أن سلطة الانقلاب تستهدف قمع عامة الناس، وليس فقط المنتمين لتنظيم معين، حيث تم استهداف النساء ثم استهداف الفتيات والطلاب وغيرهم. فسلطة الانقلاب تريد نشر حالة من الخوف فى صفوف كل من يعارض الانقلاب، حتى تفرض هيمنتها الكاملة وتسكت كل معارضة. قمع المؤيد وقال المفكر السياسى، إنه فى أى انقلاب عسكرى، تركز السلطة على قمع خصوم الانقلاب، حتى تتمكن من القضاء على أى حركة رافضة للانقلاب العسكرى، ثم تتحول بعد ذلك إلى قمع أى شكل من أشكال المعارضة أو الاحتجاج، حتى ممن يؤيد الانقلاب العسكرى، حتى تتمكن من تقويض الاحتجاج الشعبى، وتقويض أى حراك ثورى، وقد فشلت سلطة الانقلاب العسكرى فى تقويض حركة مناهضة الانقلاب سريعا، مما جعل الحركة تتمدد وتتسع، وفى الوقت نفسه لم تتمكن سلطة الانقلاب من تأجيل معركتها مع القوى أو الكتل المؤيدة لها، فبدأت مبكرا بتقويض أى اعتراض من داخل المعسكر المؤيد للانقلاب العسكرى. وأضاف: مع ظهور قانون التظاهر الذى يستهدف منع التظاهر عمليا، بدأت سلطة الانقلاب العسكرى فى استهداف القوى والكتل الشبابية المؤيدة للانقلاب والرافضة لتصرفاته، وهى تعلم أن تلك المكونات تمثل خطرا على الانقلاب، لأنها تظهر معارضة من داخل مؤيدى الانقلاب العسكرى أو مؤيدى مظاهرات 30 يونيو. وهكذا، بدأت سلطة الانقلاب فى قمع حركات شبابية مؤيدة لها، وأخرى من خصوم جماعة الإخوان المسلمين، قبل أن تتمكن من تحقيق أى نجاح فى قمع حركة مناهضة الانقلاب، التى لم تتوقف ولم تتقلص. وهو ما جعل سلطة الانقلاب، تندفع فى فتح كل معاركها بشكل متزامن، وتدخل معركة شاملة لقمع الجميع، ووقف أى حراك أو احتجاج أيا كان سببه. الادعاء الديمقراطى ونبه "حبيب" إلى أنه من الواضح أن سلطة الانقلاب، لا تهتم بالحفاظ على العنوان الديمقراطى الذى تغلف به خريطة طريق الانقلاب، فقد مارست القمع بصورة وحشية، كشفت للجميع أن تلك السلطة تريد بناء دولة بوليسية، وكان توسيع وتمديد القمع ليشمل المعارض والمؤيد إذا احتج، سببا آخر فى كشف خريطة طريق الانقلاب. ولفت إلى أن سلطة الانقلاب كشفت عن رؤيتها للنظام السياسى الجديد، الذى تريد تدشينه، وهو واقعيا ليس إلا نظام ما قبل الثورة، ولكن فى صورة أسوأ، فهو نظام سياسى يعتمد أساسا على تحصين مؤسسات الدولة العميقة، حتى تصبح هى السلطة الفعلية، وتتمكن من تجريد أى سلطة مدنية منتخبة، من سلطتها. وأضاف القيادى بحزب الحرية والعدالة، أنه من الواضح أن سلطة الانقلاب تستهدف فعلا، أن يدرك عامة الناس أن مرحلة الديمقراطية قد انتهت، وأنه لا عودة للديمقراطية مرة أخرى، حتى تبث حالة من اليأس والسلبية فى نفوس عامة الناس. فسلطة الانقلاب تخشى من استمرار حالة الطلب على الديمقراطية، لأنها تعنى استمرار الحالة الثورية وحالة الاحتجاج، وهو ما يعيق استعادة الدولة الأمنية. وتابع أنه إذا تصور من يؤيد الانقلاب أن من حقه أن يختار وينتخب من يريد، وأن من ينتخبه يجب أن يتمتع بالسلطة الكاملة، فإن هذا يعنى أن من أيد الانقلاب، سوف يصبح عقبة فى طريق تحقيق أهداف الانقلاب وسوف يعرقل بناء الدولة الأمنية من جديد. فأى مظهر من مظاهر الحرية والديمقراطية سوف يعوق بناء الدولة الأمنية الشاملة. وأكمل: ولأن الانقلاب العسكرى جاء بعد ثورة شعبية، فلم يعد كافيا أن يعيد الدولة الأمنية السابقة على الثورة، بل أصبح يستهدف بناء نموذج دولة أمنية، أكثر قمعا وأشد سيطرة، حتى تقمع ذكرى الثورة من ذاكرة عامة الناس، وحتى تغيب مرحلة الثورة والاحتجاج، ولا يعود عامة الناس للاحتجاج مرة أخرى. القمع هو الحل قال المفكر السياسى، إن سلطة الانقلاب تريد قمع حركة مناهضة الانقلاب، وتريد قمع أى احتجاج من مؤيديها أو أى احتجاج من أى فئة؛ لذا فإنها جعلت القمع هو الوسيلة الوحيدة لإنجاح الانقلاب، ولم يعد أمام سلطة الانقلاب أى بدائل أخرى. مما يجعل سلطة الانقلاب تسير فى طريق واحد، دون أن تقدر على التراجع أو تغيير استراتيجيتها، وأصبح من الواضح أن سلطة الانقلاب سوف تستمر فى قمع أى تحرك من جانب مؤيديها، أو القوى التى تخاصم جماعة الإخوان المسلمين، والقوى المعادية للتيار الإسلامى عموما، حتى تفرغ حركة تلك القوى من أى تأثير. وأضاف: ولأن سلطة الانقلاب، لم تتمكن من تحمل أى احتجاج لا يرتبط بحركة مناهضة الانقلاب، لذلك أصبحت سياستها القمعية واضحة للجميع وتطال الجميع. وتأكد أن سلطة الانقلاب سوف تتخلص من أى قوى سياسية تريد القيام بدور مستقل عنها، وأى قوى سياسية تريد أن تصل للسلطة بغير رضى وسماح سلطة الانقلاب، وبهذا تبنى سلطة الانقلاب نظاما سياسيا قمعيا، يقوم على سلطة عسكرية مباشرة، هى الوحيدة صاحبة القرار الفعلى وصاحبة السلطة الفعلية، ولن يسمح لأى طرف بالقيام بأى دور سياسى مؤثر بعيدا عن سيطرة السلطة العسكرية، أى سلطة الدولة العميقة. وتابع: بقدر ما أصبح القمع هو الطريق الوحيد لسلطة الانقلاب، بقدر ما أصبح أى نوع من الاحتجاج أو الحراك السياسى، يهدد بقاء سلطة الانقلاب. لهذا لن ينجح الانقلاب إلا إذا قضى بالكامل على ثورة يناير، وقوض كل ما حققه المجتمع من الثورة، وقوض كل مكتسبات الثورة، خاصة حق التظاهر وحرية العمل السياسى والديمقراطية. السلطة المؤقتة وبين "حبيب" أن الانقلاب العسكرى، يتحول إلى أمر واقع مستقر، عندما تتوقف حركة مناهضة الانقلاب، ومع استمرار تلك الحركة يظل الانقلاب العسكرى أمرا واقعا غير مستقر، ولم يتحول إلى واقع قابل للبقاء، مما يعنى أن حركة مناهضة الانقلاب تحول سلطة الانقلاب، أى السلطة العسكرية الأمنية، إلى سلطة مؤقتة، وحالة عارضة فى مسار الثورة، وأنه مع استمرار حركة مناهضة الانقلاب تظل الثورة مستمرة، وحالة الاحتجاج الثورى مستمرة، مما يعنى أن الثورة لم تنتهِ، وهو ما يجعل سلطة ما بعد الانقلاب، سلطة مؤقتة وحالة عارضة فى مسار الثورة. وأضاف أنه مع قدرة حركة مناهضة الانقلاب على الاستمرار بغير توقف، يصبح الانقلاب حدثا مرفوضا لم يتحقق له القبول العام، سواءً القبول بالتأييد أو القبول بالصمت، وهو ما يجعل كل ما ينتج عن الانقلاب، له نفس صفة الانقلاب، فكل سلطة أو نظام سياسى أو دستور ينتج عن الانقلاب، يصبح أمرا عارضا يرفضه قطاع واسع من المجتمع، وبقدر ما تصبح سلطة الانقلاب سلطة مؤقتة وحالة عارضة فى مسار الثورة، بقدر ما تصبح مهددة بالانكسار فى أى وقت، فلا تستقر لها السلطة ولا تحقق استقرارا سياسيا، ولا تبنى نظاما سياسيا مستمرا أو دائما. انكسار الانقلاب وأوضح "حبيب" أن سلطة الانقلاب، حددت استراتيجية واحدة لها، تتمثل فى النهج الأمنى القمعى، لذا أصبح نجاحها مرتبطا بتوقف الاحتجاج ضد الانقلاب العسكرى، مما يعنى ضمنا، أن الانقلاب العسكرى يفشل، إذا استمرت حركة مناهضة الانقلاب، والتى يقودها التحالف الوطنى لدعم الشرعية ورفض الانقلاب. وبهذا، يصبح استمرار التظاهر ضد الانقلاب العسكرى، هو أداة إنهاء سلطة الانقلاب المؤقتة. ولفت إلى أن التظاهر فى حد ذاته، أصبح يؤدى إلى استنزاف سلطة الانقلاب، واستنزاف وجودها، واستنزاف أيضا شرعية القوة، التى تحاول سلطة الانقلاب جعلها مصدر شرعيتها. فالانقلاب العسكرى بنى أساسا على تدخل السلاح فى العملية السياسية وتقويض العملية الديمقراطية من خلال قوة السلاح، وبهذا، فإن سلطة الانقلاب تحاول بناء شرعية القوة، فيصبح من يملك القوة هو من يحكم. ونبه إلى أن استمرار الاحتجاج على الانقلاب العسكرى يفشل شرعية القوة، ويجعل من يملك القوة غير قادر على فرض أمر واقع، وغير قادر على فرض قبوله من كل المجتمع، مما يكسر شرعية القوة ويجعلها واقعيا وعمليا خروجا على الشرعية، وهى دستوريا وقانونيا خروج على الشرعية. بين شرعيتين وقال القيادى بحزب الحرية والعدالة إنه بقدر ما يتمكن الانقلاب العسكرى من فرض نفسه على قطاعات من المجتمع، وفرض سيطرته على القوى المؤيدة له، ومنع القوى التى تعارض حكم العسكر وتخاصم جماعة الإخوان المسلمين، من القيام بأى دور مؤثر، تختصر المعركة بين سلطة الانقلاب والتحالف الوطنى لدعم الشرعية. وكل طرف منهما يحوز على شرعية مختلفة، حيث تتمسك سلطة الانقلاب بشرعية القوة، ويتمسك تحالف دعم الشرعية بشرعية الديمقراطية. وهو ما يختصر المعركة فى طرفين، ويجعل المواجهة بينهما تحدد مسار مستقبل الانقلاب. وأضاف: لأن سلطة الانقلاب استخدمت استراتيجية القمع، لذا فإنها ضيقت مساحة العمل السياسى، وبالتالى ضيقت من مساحة الأطراف الفاعلة فى المجال السياسى، وهو ما يقلص قدرة سلطة الانقلاب على المناورة، لأنها لن تجد أطرافا مختلفة، تحاول إشعال المعارك بينها، حتى تتمكن من فرض سلطتها. فالمعركة اختصرت إلى أضيق نطاق، حيث باتت بين طرفين، سلطة الانقلاب، وحركة مناهضة الانقلاب. الخلاصة وخلص رفيق حبيب فى دراسته إلى أن سلطة الانقلاب نفسها، هى التى حددت متى ينتهى الانقلاب ومتى ينكسر. لأنها راهنت على استراتيجية الصدمة والرعب، وتصورت أن القمع سوف يوقف كل احتجاج ضدها، وعندما فشلت فى تحقيق ذلك عدة مرات، لم تتوقف عن استخدام نهج القمع، بل تمادت فيه، فأكدت أن بقاء الانقلاب العسكرى، مرتبط بتوقف حركة مناهضة الانقلاب. وأضاف أنه أصبح استمرار حركة مناهضة الانقلاب، واستمرار الاحتجاج والتظاهر، يؤدى فى النهاية إلى إنهاء الانقلاب العسكرى، وكل ما ترتب عليه، لأن الاحتجاج ضد الانقلاب، يحوله إلى سلطة عارضة ومؤقتة، ولا يجعله حالة دائمة أو مستقرة أو مستمرة. فالاحتجاج، يبقى الانقلاب العسكرى، كحادث لم يلقَ قبول من كل المجتمع، ولو بالصمت عليه. وأوضح أن الانقلاب يفرغ الساحة السياسية من أى قوة، لذا تبقى القوى المناهضة للانقلاب، هى القوى الوحيدة المؤثرة فى الساحة السياسية، وهى القوى القادرة على إنهاء الانقلاب، وفى الوقت نفسه هى القوى القادرة على الدفاع عن الثورة والديمقراطية عمليا، والانتصار لهما، فالمواجهة بين سلطة الانقلاب وحركة مناهضة الانقلاب تغير الواقع السياسى عن الصورة التى كانت قبل الانقلاب؛ فكل القوى التى تقف مع الانقلاب أصبحت جزءا من منظومة الاستبداد الأمنى والعسكرى، وكل القوى التى أيدت الانقلاب، وفى الوقت نفسه أصبحت غير قادرة على التأثير عليه أو معارضته بفاعلية، دفعت نفسها خارج إطار الفعل المؤثر. مما يعنى، أن الساحة السياسية تبنى من جديد؛ من خلال القوى القادرة على الوقوف أمام الانقلاب العسكرى، والتى تصبح تدريجيا هى القوى المؤثرة فى الشارع، وهى القادرة على استعادة الثورة والديمقراطية، وبالتالى هى القوى التى تحقق تواجدها السياسى، من خلال نضالها ضد الانقلاب، فتصبح هى القوى الممثلة للثورة، لأنها هى التى تعمل من أجل تحقيق التحرر الكامل غير المنقوص.