رحل كانتونا وفان نيستلروي وبيكام ورونالدو وظل مانشستر يونايتد سيدا للكرة الإنجليزية. هذا ليس لأن الفرق الكبرى لا تقف على نجم، بل لأن النجم الحقيقي ظل داخل قلعة الشياطين الحمر يقودها من تتويج لأخر وهو جالس طوال ال25 عاما الماضية على مقعد المدير الفني. فاز مانشستر يونايتد بالدوري رقم 19 في تاريخ النادي، بفضل المدير الفني المخضرم أليكس فيرجسون الذي قاد الفريق ل12 لقبا منهم. فبرغم أن قائمة مانشستر يونايتد لم تعد بإنجازات هذا الموسم بعدما قرر النادي عدم تعويض كريستيانو رونالدو للعام الثاني على التوالي، وجدنا الشياطين يحصدون اللقب في النهاية. نجوم بحجم ريان جيجز وبول سكولز وجاري نيفيل وإدوين فان دير سار تقدموا كثيرا في العمر، وواين روني تائه منذ مونديال 2010، وإصابات ريو فرديناند لا تنتهي. حتى الصفقات لم تكن واعدة لأن مانشستر اقتصد في الإنفاق واكتفى بضم مهاجم مكسيكي هو خافيير هرنانديز، وهو مهاجم جيد. لكن إلى أي حد انتظر الجماهير منه مردودا قويا؟ وبرغم كل هذا، فإن مانشستر حقق مالم يتوقعه أحد، وفاز بالدوري متخطيا رقم ليفربول، ووصل لنصف نهائي كأس إنجلترا، بل ويلعب في ويمبلي أمام برشلونة على لقب الأبطال. يقول فيرجسون عن ذلك "صحيح أن مانشستر يونايتد لم يكن الأقوى على مستوى قائمة اللاعبين، لكنه كان الأفضل جماعيا. قدم كل لاعب أقصى ما لديه وكانت الألقاب هي الجائزة". والفضل يرجع للسير الاسكتلندي العجوز، الذي تمكن من إخراج أفضل ما لدى كل لاعب لديه في القائمة، وجعل الفريق يلعب كرة جماعية لا تحتاج لنجم واحد ينقذها في المواقف الحرجة. ويقول جوزيه مورينيو المدير الفني لريال مدريد عن فيرجسون بعد ساعات من فوز مانشستر بالدوري "إنه السبب الرئيسي في حبي للكرة الإنجليزية". وتابع المدرب المشهور بجملة (أنا مدرب استثنائي) عن فيرجسون "إنه مدير فني فريد من نوعه، هو الوحيد في هذا المجال الذي أطلق عليه لقب الزعيم". ففي الوقت المناسب يلعب ريان جيجز ليمنح الفريق إبداعا لا يملكه أحد مثل الويلزي الأعسر، ثم يجلس بديلا ويترك موقعه للدينامو بارك جي سونج أو متعدد الأدوار دارين فيلتشر، أو السريع أنطونيو فالنسيا أو المهاري ناني. وأحيانا أخرى يجتمع بعضهم معا لتنفيذ خطة معينة. في أوقات يلعب مانشستر بثنائي هجوم للاستفادة من طاقة روني مع مهارات برباتوف أو فاعلية هرنانديز. وفي أخرى يشارك لاعب واحد منهم كرأس حربة وحيد لزيادة كثافة الوسط. ويستعرض FilGoal.com خمس مراحل مرت على مانشستر، لكل منها نجما رئيسيا وأخرون ساعدوه على قيادة سفينة الشياطين نحو لقب الدوري التاريخي. ويقرأ FilGoal.com تلك المراحل من خلال خمس مباريات كانت بمثابة الأبرز في موسم طويل حصد فيه مانشستر 77 نقطة من 22 انتصارا و11 تعادلا وأربع هزائم. 1) مانشستر يونايتد 3-2 ليفربول (19 سبتمبر..أولد ترافورد) الجولة الخامسة من الموسم، ومانشستر بالفعل أهدر أربع نقاط بعد تعادلين مع فولام وإيفرتون، ويدخل مباراة ليفربول بهدف عدم تضييع نقاط جديدة. وبالفعل تقدم مانشستر بهدفين لبرباتوف، لكن ستيفن جيرارد قائد الحمر رد لليفربول بهدفين لتقف النتيجة عند حد التعادل حتى الدقيقة 84، التي شهدت هدف النصر للشياطين بأقدام بربا. برباتوف في هذه المرحلة كان النجم الأبرز لمانشستر يونايتد، وكتبت الجرائد البريطانية وقتها أن نادي الشياطين الحمر أخيرا سيستفيد باللاعب القادم من توتنام مقابل 25 مليون استرليني.
هاتريك بربا في ليفربول رفع رصيده وقتها إلى خمس أهداف من خمس مباريات، واستمر البلغاري على معدل ممتاز لدرجة إحراز خمس إصابات في مباراة واحدة ضد بلاكبرن روفرز. وساعد بول سكولز ودارين فليتشر تحديدا برباتوف في قيادة مانشستر خلال تلك المرحلة التي شهدت تدني واضح في مستوى روني، وتذبذب أداء لويس ناني وإصابة أنطونيو فالنسيا. 2) مانشستر 1-0 أرسنال (13 ديسمبر.. أولد ترافورد) ظهر أرسنال في تلك المرحلة من الموسم كأبرز حصان في سباق القمة الإنجليزي، وكان لزاما على مانشستر الفوز عليه في أولد ترافورد، حتى يكبح جماحه قليلا. وقدم مانشستر عرضا متوازنا غلب عليه الطابع الدفاعي، حتى خطف بارك جي سونج الكوري الجنوبي النقاط الثلاث للشياطين الحمر في مباراة أهدر خلالها روني ركلة جزاء. وبعد المباراة أهدى فيرجسون الفوز ل"الخط الخلفي لمانشستر يونايتد الذي يعمل كلاعبين خارقين، يشعرون الجماهير دوما بالأمان حتى حين يلعب الفريق ضد أقوى مهاجمي العالم". وجاءت تصريحات فيرجسون لتعكس أن نجم المرحلة في موسم مانشستر كان الرباعي رافايل داسيلفا ونمنيا فيديتش وريو فرديناند مع باتريس إيفرا. هذا الرباعي تحمل كل أخطاء باقي خطوط مانشستر، وبفضله حافظ الفريق على نظافة شباكه أمام أرسنال، ولم يخسر أبناء فيرجسون في 29 مباراة متتالية هذا الموسم. حتى حين كان أحد عناصر هذا الرباعي يغيب بسبب الإصابة، مثل فرديناند، كان مانشستر يظهر صلدا بفضل تحضير فيرجسون لبدلاء واعدين مثل فابيو وكريس سمالينج. ومادمنا نتحدث عن الجوانب الدفاعية لمانشستر، فإن بارك جي سونج أيضا يستحق الذكر في تلك المرحلة كونه كان لاعبا خططيا غير عادي في حسابات فيرجسون خلال تلك المرحلة. 3) مانشستر يونايتد 3-2 بلاكبول (25 يناير.. بلومفيلد رود) إنها مرحلة خافيير هرنانديز، الفتى المكسيكي الذي تحمل مسؤولية مانشستر يونايتد في الوقت الذي تذبذب فيه بريق برباتوف واستمر روني في حالة انعدام الوزن. مانشستر كان متأخرا بهدفين أمام بلاكبول برغم سهولة المباراة نظريا، لكن فريق فيرجسون "ثار" بثلاثة أهداف اشترك فيها برباتوف بهدفين، ومعه هدف ل"تشيتشاريتو". هرنانديز انتقل لمانشستر قادما من جوادالاخارا المكسيكي، ولم يتوقع أحد انسجامه سريعا مع أجواء الكرة الإنجليزية، بحسب تصريحات فيرجسون. ويعلق فيرجسون عن حبة البازلاء الصغيرة "إنه لاعب رائع، لم أتوقع أن ينسجم معنا بهذه السرعة، لكنه يملك حاسة تهديفية مذهلة، تجعلني أعتمد عليه من دون اعتبار ذلك مغامرة". ويتمتع هرنانديز برشاقة كبيرة في الحركة، ما يسمح له بالهروب من الرقابة الفردية اللصيقة، كما أن حاسته التهديفية جيدة ما يعينه على التمركز السليم وانتظار الهدايا من زملائه لإحرازها. 4) مانشستر يونايتد 4-2 وست هام يونايتد (2 ابريل.. بولين جراون) مباراة أخرى يتأخر فيها مانشستر بهدفين نظيفين مع نهاية الشوط الأول، وكالعادة يبحث يونايتد عن منقذ جديد لتحويل النتيجة لصالح الشياطين.
هذه المرة جاءت النجدة من روني، الذي انتفض في تلك المرحلة من الموسم، واستهل استفاقته بثلاثة أهداف من أصل رباعية أتمها هرنانديز وخطف بها مانشستر الفوز من براثن وست هام. كانت قضية تجديد عقد روني مع مانشستر قد انتهت، وانصب تركيز اللاعب فقط داخل المستطيل الأخضر، وخضع لعدة معسكرات خاصة في إنجلترا، بل وفي أمريكا كذلك. وأفصح فيرجسون بشأن تلك الفترة من الموسم "قدم روني عملا كبيرا في التدريبات، طلبت منه عدم التفكير في التسجيل، والتركيز على التحرك بكثرة داخل الملعب وربط خطوط الفريق". وتابع "مع الوقت بدأنا نشعر مجددا بأن روني حاد الذهن وتركيزه ارتفع، وتدريجيا استعاد حاسته التهديفية". في هذه المرحلة أيضا من موسم مانشستر كان تألق جيجز وناني لافتا بشكل كبير، ولعب الثلاثي دورا هاما في قيادة الشياطين من نصر لأخر. ويستحق جيجز تحديدا تسليط الضوء عليه أكثر، وربما كان الأفضل ترك ذلك للمرحلة الخامسة من موسم مانشستر. 5) مانشستر يونايتد 2-1 تشيلسي (8 مايو.. أولد ترافورد) إنها المرحلة الأخيرة من الدوري، وسباق القمة مشتعل بين مانشستر وتشيلسي، خاصة بعد خسارة الفريق ذو الرداء الأحمر من أرسنال في ملعب الإمارات بهدف أرون راميسي. وبات الفارق في تلك الفترة بين مانشستر وتشيلسي ثلاث نقاط قبل مواجهتهما معا، وبات واضحا أن الفائز بالمبارة سيتوج بطلا لإنجلترا. ودخل مانشستر المباراة بنية هجومية، واعتمد فيرجسون على سلاحه الذي لا يخيب أبدا في صنع الفارق للشياطين.. ريان جيجز. ولعب جيجز دور القائد في وسط ملعب مانشستر، وساعد رفاقه على حسم مباراة تشيلسي بهدفين سجلهما هرنانديز ونمنيا فيديتش. الجناح الويلزي ذو ال37 عاما، والذي لم يكف عن الطيران منذ ارتدى قميص مانشستر لأول مرة عام 1990 كان أحد أهم مفاتيح لعب الشياطين الحمر هذا الموسم. ويوضح فيرجسون "مع الوقت اعتدت تقدير كم مرة يستطيع جيجز أن يقطع مسافة كبيرة في أرض الملعب، وحين كنت أشعر أنه لائق بدنيا لم أكن أتردد في إشراكه". وشارك جيجز في 25 مباراة مع مانشستر هذا الموسم في الدوري، وقدم عروضا لا تتناسب مع عمره الكبير إذ ظهر فيها كشاب يافع، سريع رشيق وخفيف الحركة، إضافة لخبرته الكبيرة. وقد جدد مانشستر يونايتد عقد جيجز من دون تردد بعد عروضه المميزة، خاصة في مباريات الشياطين الحمر في دوري أبطال أوروبا، أمام مرسيليا ثم تشيلسي، وشالكه. جيجز، وسكولز وبارك وروني وناني وفالنسيا وبرباتوف ورافايل وتوأمه فابيو ومايكل كاريك وفليتشر وفيديتش وفرديناند، كلهم نجوم يتألقون في مرحلة، ثم يتراجع مستواهم في أخرى. ربما يستطيعون المساهمة في فوز فريق بلقب صعب مثل الدوري الإنجليزي، لكن شريطة وجود مساعدة ودعم من باقي الفريق لهم. أما النجم الوحيد الذي لا ينخفض مردوده أبدا في مانشستر يونايتد، هو أليكس فيرجسون، الذي تقول إنجازاته أنه أفضل "مدير" فني لفريق ناد في العالم.
