في حين يعد اسلوب مانشستر يونايتد التقليدي جدا أكبر ميزة للفريق في ذهاب دور ل16 من أبطال أوروبا، يقف أليساندرو نيستا حائلا أمام شياطين إنجلترا لإسقاط ميلان في سان سيرو. بداية، إن ظهر كل فريق في أفضل حالاته على المستوى الفردي، فإن خطة مانشستر يونايتد التقليدية تؤهله لإسقاط ميلان. والسبب يرجع للطريقة التي يدافع بها مانشستر يونايتد، ومقارنة ذلك باسلوب هجوم ميلان، خاصة بعدما تساوى الطرفان في الأسماء القادرة على صنع الفارق برحيل كاكا ورونالدو. فخلال الأعوام الماضية كان مانشستر يونايتد يهتم بتأمين دفاعة بأكبر قدر من اللاعبين، مع ترك المسؤوليات الهجومية للنجم البرتغالي كريستيانو رونالدو. وبالمثل، كان الشغل الشاغل لكارلو أنشيلوتي المدرب السابق لميلان هو تكثيف وسط الملعب وحماية الدفاع، مرتكنا على البرازيلي كاكا ليصنع الفارق بقدراته الخاصة. لكن بعدما سحب ريال مدريد سلاحا هجوميا من ميلان ومانشستر، بات على مدربي الفريقين توزيع دور رونالدو أو كاكا على باقي لاعبي الفريق. تقليدي وفعال اعتماد مانشستر يونايتد الإنجليزي على خطته التقليدية 4-4-2 أو شقها الدفاعي 4-5-1 يمنحه أفضلية على ميلان. فميلان يلعب بطريقة 4-3-3، ويرتكن الروسونيري هجوميا على جناحيه ألكسندر باتو ورونالدينيو لاستغلال المساحات التي تنتج من تقدم دفاع الخصم. لكن الظهير في مانشستر لا يترك مساحات خلفه كثيرا، لأنه يعطي الأولوية للواجبات الدفاعية، كونه غير مطالب بالتقدم الهجومي، لأن الفريق يستخدم جناحين صريحين. لذا يملك أبناء أليكس فيرجسون أفضلية دفاعية على المستوى الخططي بفضل لويس ناني وأنطونيو فالنسيا، والأمر ذاته هجوميا. فطريقة هجوم ميلان تحت قيادة المدير الفني البرازيلي ليوناردو تعتمد بشكل كبير على تقدم واحد من ظهيري جنب الفريق، لوكا أنطونيني أو إيجنازيو أباتي. ووجود ناني وفالنسيا معا يجعل مانشستر قادرا على الاستفادة من المساحات خلف أباتي وأنطونيني. وقد يقتبس فيرجسون من الدربي الذي خسره ميلان من إنتر بهدفين، إذ تحرك هداف النيراتزوري دييجو ميليتو على ظهير الروسونيري الأيمن أباتي طوال المباراة. وانتزع منه هدفا لإنتر ساهم في فوز الفريق، والابتعاد بصدارة الدوري الإيطالي عن ميلان. وحتى إن لم يتقدم أباتي أو أنطونيني لتفادي الخطأ، يعني ذلك افتقار ميلان لجناحيه، ما يفقد رونالدينيو وباتو خطورتهما الهجومية.
هذا كون باتو يتحرك من آخر اليمين للعمق ويحتاج من يحتل مكانه على الجناح، ورنالدينيو بالمثل ينتظر وصول الظهير الأيسر من ميلان خلفه ليبدأ في التمركز كصانع لعب في الوسط. ولميلان أيضا حظوظه ربما تقف طريقة اللعب في صف مانشستر، لكن ميلان يملك عناصرا تؤيد قدرته على الفوز بالمباراة، خاصة على ملعبه سان سيرو. الإصابات وقدرة ميلان على مجاراة وسط ملعب مانشستر، مع مستوى أليساندرو نيستا قادرين على قيادة الروسونيري نحو دور الثمانية. فرغم افتقاد ميلان للعديد من نجومه مثل ماركو بورييللو وجيانالوكا زامبروتا وربما تياجو سيلفا بسبب الإصابة، إلا أن غيابات مانشستر يونايتد أكثر تأثيرا في المباراة. فغيابات مانشستر يونايتد تتوافق تماما مع عناصر قوة ميلان، وبالتالي يستطيع الروسونيري استغلال إصابة الصربي نيمانيا فيديتش والايرلندي جون أوشيه. فسواء جوني إيفانز أو ويس براون، وحتى الظهير البرازيلي الشاب رافايل لا يجيدون المهام الدفاعية بنفس قدرة أوشيه وفيديتش اللذان يغيبان عن اللقاء للإصابة. وطريقة لعب ميلان تجعله يستفيد من ضعف الظهير الأيمن لمانشستر، كون الروسونيري يعتمد على هبات النجم البرازيلي رونالدينيو من الجناح الأيسر. فقط على ليوناردو إيجاد حل خططي لمواجهة قوة باتريس إيفرا الظهير الأيسر لمانشستر يونايتد، والذي يعد أحد أفضل لاعبي مركزه في العالم. إيفرا قادر على رقابة باتو بنجاح، ولو تمت محاصرة المهاجم البرازيلي فسيفقد ميلان الكثير من قوته، لأن بينيات رونالدينيو كلها تتجه للنجم الشاب بسبب سرعته. وربما على ليوناردو اللجوء لأحد خيارين، الأول الدفع بباتو في عمق الهجوم مع إشراك ديفيد بيكام في الجهة اليمنى. أو يبدل الجناحان في ميلان مركزهما من أن لأخر، لأن رونالدينيو لا يحتاج لقوة بدنية حتى يرسل بينيات ممتازة تحت رقابة إيفرا، وباتو أقوى من أي ظهير أيمن في مانشستر. وسط متعادل تتساوى كفة ميلان ومانشستر يونايتد في صراع الوسط، فالطرف الإنجليزي قوي على مستوى الأفراد، والعملاق الإيطالي يملك عنصر الكثافة العددية. أليكس فيرجسون المدير الفني لمانشستر يونايتد يعتمد أغلب الوقت على ثنائي ارتكاز صريح، بينما الروسونيري يملك لاعبين في الوسط الدفاعي، ومعهما ينضم ثالث. فيضع ليوناردو الثنائي ماسيمو أمبروسيني وجينارو جاتوزو للتكفل بقطع الكرات والتغطية على ظهيري الجنب المندفعان للهجوم دائما، ويغطي معهما أندريا بيرلو.
ودور بيرلو متنوع، فإذ ينضم إلى العمق للتغطية، ويصبح ارتكاز ثالث أثناء هجمات ميلان من اليسار، لأن رونالدينيو يتكفل بصناعة اللعب. أو يهتم بيرلو بصناعة اللعب من العمق حين يهاجم ميلان من الناحية اليمنى، وهذ التنوع يمثل حملا كبيرا على وسط مانشستر يونايتد. في المقابل، فليتشر وكاريك يتميزان بالتنوع، فكل منهما يجيد التمرير والتغطية على ظهيري الجنب والتصويب من خارج المنطقة. وحتى حين يدفع فيرجسون بثلاثة لاعبين في وسط الملعب، بإضافة بول سكولز على فيلتشر وكاريك، تظل طريقة التحرك على حالها دون تغيير. فدور سكولز يقتصر على خلق كثافة عددية، لكنه لا يضيف الكثير من الإبداع للهجوم، عكس الويلزي ريان جيجز الغائب للإصابة. كما يعتمد مانشستر كسائر الفرق الإنجليزية على خط دفاع متقدم، يكفل لثنائي الوسط تغطية مساحة أقل نسبيا، ما يعادل الكفة بين مانشستر وميلان. بمعنى، إن كان مانشستر هو المبادر بالهجوم، ستجد أن خط الدفاع يقف في وسط الملعب تقريبا، ويجبر ميلان على التراجع. ووقتها يصبح ميلان منكمشا، ويتراجع مهاجمو الروسونيري لأداء أدوار دفاعية، ما يكفل لثنائي ارتكاز مانشستر حرية في التقدم دون خوف من مرتدة إيطالية، ولكن.. نيستا .. مفتاح ميلان مع أليساندرو نيستا، الهجمات التي يشنها الخصوم ترتد كنقطة قوة لميلان، ولو ظهر "المدافع الأنيق" في حالته، ترتفع حظوظ الطرف الإيطالي عن مانشستر في الفوز. فنيستا من المدافعين النادرين القادرين على أداء قلب الدفاع بعقل الليبرو، منظما خط الظهر، على عكس أسماء تملك القوة، دون الإبداع مثل جون تيري وكارليس بويول. وبالتالي، يستطيع نيستا حتى لو انكمش دفاع ميلان أن يؤمن الهدوء للفريق الإيطالي، ويحميه من الهجمات الخطيرة. وحينها تصبح سيطرة مانشستر شكلية، وتزيد التمريرات العرضية بين لاعبي الفريق الإنجليزي، وهنا تظهر فائدة الزيادة العددية في وسط الملعب لميلان بوجود بيرلو. وتبدأ هجمات ميلان المرتدة وقتها معتمدة على بيرلو، الذي يملك إبداعا مذهلا في إرسال بينيات طولية تستهدف نقطة ضعف الخصم. وسواء ركز بيرلو على جوني إيفانز أو ويس براون، أو وراء رافايل الظهير الأيمن لمانشستر، فإن ميلان يضمن تهديد المرمى الإنجليزي، وربما دك شباكه كذلك.