ملصق أزرق اللون منصوب في مدخل أهم أحياء التسوق في مدينة مانشستر يحمل صورة الأرجنتيني كارلوس تيفيز وهو فارد ذراعيه مع عبارة "مرحبا بكم في مانشستر"، في لافتة ربما يظن الزائرون ممن ليس لديهم اهتمام كبير بكرة القدم أنها نوع من الترحيب بهم باسم أحد أهم نجوم الكرة في المدينة. ولكن الحقيقة أنها رسالة سخرية من مانشستر سيتي إلى جيرانهم مانشستر يونايتد. رسالة لم تكن أحوالهم في الماضي تسمح بها، ولكن شجعتهم عليها أموال مجموعة أبو ظبي القابضة وصفقات من العيار الثقيل يأتي على رأسها تيفيز نفسه. ويتباهى مشجعو مانشستر سيتي دائما بأنهم "النادي الوحيد" في المدينة، بسبب وجود ملعب "أولد ترافورد" معقل يونايتد خارج حدود المدينة فعليا، وبالتحديد في ضاحية "ترافورد" التي يحمل الملعب اسمها. ومع انتقال تيفيز من يونايتد إلى سيتي في موسم الانتقالات الصيفية الماضية، يرى النادي الأزرق أن اللاعب الأرجنتيني أصبح بالفعل – ولأول مرة – أحد السكان الأصليين لمدينة مانشستر، رغم دفاعه عن ألوان مانشستر يونايتد لمدة عامين ساعد فيهما فريق السير أليكس فيرجسون على الفوز بالدوري. وأثار ملصق تيفيز ضجة كبيرة، إذ ناقشه خمسة آلاف خبر صحفي نشر في 50 دولة في غضون شهر واحد من إبرازه، كما كان موضوعا لحديث نحو ثلثي رجال بريطانيا وفقا لإحصائية إنجليزية، كما رشح لجائزة محلية مرموقة تمنح لأفضل ملصق دعائي في البلاد. عقليات الصغار ولكن فيرجسون رأى في ذلك الملصق تصرفا مثيرا للحنق وبعيدا عن شيم الكبار. وقال فيرجسون حينها: "إنه ناد صغير، يفكر بعقليات الصغار. هذا الملصق يظهر قدرا كبيرا من الغرور والاستخفاف". وتتحلى وجهة نظر المدرب الاسكتلندي القدير بقدر من الصحة فيما يتعلق بصغر حجم سيتي إذا كان المعيار هو البطولات. فالنادي الأزرق لم يفز بالدوري سوى مرتين فقط آخرهما عام 1969 وتوج بطلا للكأس أربع مرات كان آخرها عام 1968. ويرفع مشجعو "أولد ترافورد" سنويا لافتة بعدد السنوات التي لم يفز فيها غريمهم التقليدي بأي بطولة، وتتغير الأرقام الموجودة على اللافتة كل عام في الوقت الذي انتزع فيه يونايتد 11 لقبا للدوري في آخر 16 نسخة إضافة إلى الفوز مرتين بدوري أبطال أوروبا. ولكن جماهيرية سيتي تظل صامدة نسبيا مقارنة بالنتائج غير المشجعة التي يحققها الفريق، إذ قدر عدد مشجعيه في مدينة مانشستر وحدها بما يقرب من 850 ألف، يزيدون إلى مليونين في جميع أنحاء العالم، بحسب إحصائية رسمية صدرت عن النادي في 2005. ويزعم جمهور سيتي أنهم الأغلبية في المدينة، مؤكدين أن أغلب مشجعي مانشستر يونايتد يحضرون مبارياته من المدن المجاورة، والدليل أن ملعب "سيتي أوف مانشستر" يظل دائما وسط أكثر ستة ملاعب جذبا للجماهير في الدوري الإنجليزي على مدار السنوات الماضية، ولا يقل الحضور فيه عن 40 ألف مشجع في المتوسط. ضعف سيتي مقارنة بيونايتد يتضح أيضا في سجل المواجهات المباشرة بينهما. ففي 151 لقاء جمع الفريقين في كافة المسابقات، فاز الشياطين الحمر في 61 مرة بينما فاز ستي في 41 لقاء وانتهت 49 مباراة بالتعادل. مباراة دينيس لو المباراة الأشهر في دربي مانشستر يعرفها الجميع في إنجلترا باسم "مباراة دينيس لو" والتي أقيمت عام 1974 وشهدت هبوط يونايتد رسميا إلى دوري الدرجة الثانية، وتتربع على عرش ذكريات الدربي لما حملته من دراما، وتتفوق في ذلك على نتائج ضخمة حققها كل فريق على حساب الآخر، إذ جاء أكبر فوز لسيتي على يونايتد بنتيجة 6-1 فيما هزم يونايتد جاره بنتيجة 5-صفر. كان لو لاعبا شهيرا في صفوف يونايتد قبل الانتقال إلى سيتي، وجاء لقاء الفريقين في الأسبوع قبل الأخير من المسابقة فيما كان يونايتد يحاول النجاة من الهبوط، الذي كان مصيرا ينتظره في حال الخسارة.
دينيس لو بالقميص الأحمر وتلقى لو تمريرة حريرية في منطقة جزاء يونايتد حولها بصورة لا إرادية بكعب قدمه إلى داخل شباك فريقه القديم. وفيما كانت مظاهر الاحتفال واضحة على زملائه، أدرك اللاعب أن تسديدة بكعب قدمه أرسلت فريقه السابق إلى غياهب الدرجة الأدنى. لم يحتفل لو بالهدف، وخرج من الملعب بعد صافرة النهاية مطأطأ الرأس حتى لا تصطدم عيناه بأحد مشجعي يونايتد المصدومين، وكان هذا اللقاء هو الأخير للاعب في الدوري الإنجليزي الممتاز، ووصفه فيما بعد بأنه أكثر أيامه حزنا في مشواره مع كرة القدم. ويعلم الجميع أن تيفيز لن يشاطر لو الشعور نفسه في حال التسجيل في مرمى فريقه القديم في الدربي، على الرغم من أن مشاركة النجم الأرجنتيني من الأساس محل شك بداعي الإصابة. من يفوز؟ وحقق سيتي نسبة نجاح 100% في مشواره بالدوري الإنجليزي حتى الآن بالفوز ب12 نقطة من أربع مباريات خاضها، ويأتي في الترتيب بعد يونايتد الذي جمع العدد نفسه من النقاط ولكن من خمسة لقاءات ويمتلك أهدافا أكثر. ويعاني سيتي فنيا في الدربي المقبل من غياب خط هجوم كامل يتجاوز مجموع ثمن عقود أفراده نحو 100 مليون دولار. فإضافة إلى غياب تيفيز المتوقع، لن يكون المهاجم البرازيلي روبينيو أو التوجولي إيمانويل أديبايور متواجدين في اللقاء بسبب الإصابة والإيقاف على الترتيب. وحرص فيرجسون في تعليقه على المباراة أن يوجه ضربة مقنعة لتيفيز ومانشستر سيتي ردا على اللافتة التي لاتزال تغضبه منذ رفعها قبل أسابيع، مؤكدا عدم اهتمامه بوجود تيفيز من عدمه "لأن أفضل لاعبي سيتي هو أديبايور، وتأكد عدم مشاركته في المباراة". وفي المقابل، واجه مارك هيوز المدير الفني لمانشستر سيتي، والذي كان لاعبا سابقا في يونايتد تحت قيادة فيرجسون نفسه، غضب مدربه السابق بهدوء. ويعتقد هيوز أن حديث فيرجسون المكثف عن سيتي منذ بداية الدوري يؤكد أن الأخير قلق من التطور الكبير الذي طرأ على أداء الفريق، والذي يرشحه أن يكون أحد أضلاع المربع الذهبي للدوري الإنجليزي هذا الموسم. ولم ينس هيوز أن يختتم تصريحاته باعتراف مثير وطريف في الوقت نفسه، يوضح مدى أهمية الفوز بالدربي لدى المشجعين بل وإدارة النادي نفسها. "نعم .. كان من ضمن أهداف لافتة كارلوس تيفيز استفزاز فيرجسون نفسه!" وفقا لهيوز. شاهد تقريرا مصورا عن قصة بوستر تيفيز وهدف دينيس لو التاريخي مع رد فعل اللاعب