يأتي رافاييل بنيتيث وخواندي راموس ويرحل مورينيو أو مارتن يول .. لكن في كل الأحوال يبقى الصراع بين أليكس فيرجسون وأرسين فينجر هو الأمتع والأكثر إثارة في الدوري الإنجليزي. بعد ساعات قليلة يلتقي أرسنال مع مانشستر يونايتد على ملعب الإمارات وهما يشتركان في صدارة الترتيب في مباراة قدر لها أن تكون الدربي الأهم في الدوري الإنجليزي لا بحكم التاريخ أو الجغرافيا بل بسبب التنافس الشرس بينهما منذ أكثر من عشر سنوات وخصوصا بعد تولي فينجر مسئولية المدفعجية. قبل عام 1996 كانت مباريات ليفربول مع إيفرتون وتوتنام مع أرسنال والمانشسترين يونايتد وسيتي هي أسخن مباريات الدربي في ال"بريمير لييج" لكن وصول لقاء المدفعجية مع الشياطين الحمر إلى القمة كان بسبب الكاريزما والهالة المحيطة بشخصيتي الرجلين فيرجسون وفينجر. ولقد تصور البعض منا أن ارتفاع مستوى تشيلسي وليفربول مؤخرا قد يسرق بعض من الأضواء من قمة أرسنال ومانشستر لكن واقع الأمور كشف عدم صحة هذا الافتراض. ولا تخلو مباريات الطرفين من إثارة بالغة فدائما هناك حرب نفسية متبادلة بين المدربين وكبار اللاعبين تظهر على هيئة تصريحات مقصود بها زعزعة ثقة الطرف الأخر وإرهاب حكم اللقاء، ولا تخلو المواجهة من احتكاكات جانبية بين اللاعبين قد تصل لإلقاء بقايا الطعام على بعضهم البعض او المشاجرات الكبيرة كما حدث في موسم 2003-2004. وعلى الرغم من الاختلاف الواضح في المدرسة التدريبية للرجلين فالمؤكد أن عنصر الاستقرار الذي وفرته لهما إدارتا الناديين كان العامل الأكبر في تزايد تأثيرهما الشخصي إلى هذا الحد. وشهد العام الماضي احتفال فيرجسون بمرور 20 عاما على توليه المسئولية بعد أشهر قليلة من احتفال فينجر بمرور 10 سنوات على تدريبه أرسنال. ولا يستطيع أي نجم في الفريقين الوقوف في وجه مدربه ولا يمكن لسوء النتائج أو تراجعها على مستوى موسم كامل أن يهز من ثقة أحدهما ففي مانشستر تسبب فيرجسون في إبعاد بيكام وروي كين وفان نيستلروي، وفي أرسنال لم يبق فينجر على هنري أو فييرا.
وذكر مورينيو أن الرجلين يجلسان على مائدة طعام واحدة ويحتسيان الشراب وعندما يتحدث أي من لاعبي الفريقين عن مديره الفني يلقبه بكلمة the boss أو "الريس" وهو وصف سليم تماما لأن كلا الرجلين يشرف على نشاط الناشئين في الناديين ويحدد قوائم التعاقدات واللاعبين المطلوب ترحيلهم وماذا يأكل اللاعب وماذا يشرب ويدلي بدلوه في مسائل توسيع ملعب أو توقيع عقد تسويقي. فيرجسون يتمتع بقوة شخصية كاسحة تمنحه الفرصة لصهر كتيبة النجوم أي كان حجمهم في فريق واحد يستطيع الفوز بأي تكتيك أو خطة ويحب فكرة "الجيل المتفاهم" فصنع جيل التسعينيات الشهير وعاد بعدها ليبني جيل روني ورونالدو. اما فينجر فهو من أبدع كشافي المواهب، ويختار لاعبين بعينهم يعرف جيدا أن في وسعهم التكيف مع طريقة لعب أرسنال أو دعونا نقول إيقاع لعب المدفعجية. وفي حين يتصور البعض أن علاقة الرجلين يشوبها العداء الواضح بحكم حروبهما الكلامية كشف مورينيو حينما كان مدربا لتشيلسي عن صداقة وتقدير تجمعهما وذلك خلال اللقاءات الدورية التي يقيمها الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يوفا) لمدربي الأندية الكبرى. وذكر مورينيو أن الرجلين يجلسان على مائدة طعام واحدة ويحتسيان الشراب ويتحدثان بلهجة مشتركة للدفاع عن المصالح التي تجمع الأندية العملاقة في مواجهة الكيانات مثل فيفا ويوفا .. وهو ما يشعرنا بوجود قدير واحترام متبادل لا يأخذ فرصته للظهور أمام وسائل الإعلام بحكم شراسة المنافسة. ولعل التجربتين الناجحتين لفينجر وفيرجسون تعطينا انطباعا عن فشل العديد من الأندية الأخرى سواء في مصر أو في أوروبا إذ يؤمن البعض أن المدرب كل دوره أن يضع خطة ما لينفذها اللاعبين والبعض الأخر يستغني عن جهاز تدريبي كامل لدخول هدف في مرماه في الوقت بدل الضائع. أي كان سواء كنا من عشاق أرسنال ومانشستر أو لم نكن من محبيهما فإن ذلك لا يمنعنا من إضاعة ساعتين كاملتين من وقتنا لمتابعة جرعة درامية كروية تستحق المشاهدة يوم السبت.