في الثامن والعشرين من شهر مارس لعام 1928 كانت سجلات التاريخ تستقبل أحد أهم القرارات في تاريخ الرياضة ، ألا وهو موافقة الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) على إنشاء بطولة لكأس العالم في عام 1930 ، وتقرر بعدها بحوالي عام كامل أن أوروجواي هي التي ستنال حق الاستضافة ، لتكون نقطة انطلاق الحدث الرياضي الأشهر والأفضل على مستوى الكرة الأرضية. وقد يطرق على أذهان البعض سؤال مهم ، وهو : "لماذا تم إسناد شرف تنظيم كأس العالم لدولة مثل أوروجواي دون باقي الدول الأخرى"؟ .. وهنا يأتي الرد سريعا ، وهو أن هذه الدولة كانت هي حاملة اللقب لدورة الألعاب الأوليمبية في كرة القدم لمرتين متتاليتين ، هما كل تاريخ كرة القدم في دورة الألعاب الأوليمبية ، إذ انضمت كرة القدم كرياضة أوليمبية في عام 1924 رغم أن نشأة الساحرة المستديرة كانت قبل ذلك بعشرين عاما ، والسبب الآخر هو أن أوروجواي كانت تحتفل في عام 1930 بمرور قرن كامل على استقلالها ، وهو ما يضمن نجاح البطولة من الناحية الجماهيرية على الأقل بسبب وجود احتفالات شعبية كبيرة في مونتيفيديو العاصمة. وصادفت البطولة الوليدة بعض المشاكل في بدايتها ، وهي عدم قدرة الكثير من المنتخبات الأوروبية القوية مثل إيطاليا وألمانيا وهولندا وإسبانيا وإنجلترا على المشاركة في البطولة بسبب بعد المسافة بينهم وبين قارة أمريكا الجنوبية ، إذ اعتبرت الدول الأوروبية أن الرحلة طويلة وشاقة ومكلفة ، ولذلك ، فقبل انطلاق البطولة بشهرين فقط لم تكن أي دولة أوروبية قد أعلنت أنها ستأتي ، وكانت البطولة الأولى ستقام بدون دول أوروبية ، إلا أن الجهود الخارقة لجول ريميه رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم في حينها نجحت في إقناع أربع دول أوروبية للمشاركة هي بلجيكا ، فرنسا ، يوجوسلافيا ورومانيا ، وللدولة الأخيرة قصة طريفة وراء مشاركتها في كأس العالم ، وهي أن الملك كارول ملك رومانيا هو الذي وافق على سفر الفريق مؤكدا لهم أن كل اللاعبين الذين سيخرجون للعب في كأس العالم سيحصلون على إجازة ثلاثة أشهر من العمل ، وهي الفترة التي تضمن لهم الذهاب إلى الأوروجواي والمشاركة في البطولة ثم العودة ، وكان هذا القرار هو السبب في موافقة اللاعبين على السفر بعد أن ضمنوا أنهم سيستطيعون أن يعودوا لأعمالهم مرة أخرى! والشيء الطريف الذي يجب ذكره للدلالة على أن الرحلة كانت طويلة وشاقة هو قرار اللجنة المنظمة للبطولة بأن قرعة كأس العالم لن تجرى إلا بعد وصول الفرق المشاركة إلى أوروجواي ، وهو ما حدث بالفعل ، إذ كانت هناك مخاوف من اعتذار أي فريق عن المشاركة في وقت متأخر ، أو أن يبدأ فريق رحلة السفر الطويلة إلى الأوروجواي ثم تمنعه أي ظروف طارئة عن الوصول.
الفريق الحديث لأوروجواي يختلف كثيرا عن الجيل الذهبي وأقيمت مباريات البطولة بالكامل على ثلاثة استادات كلهم في مدينة مونتيفيديو ، وأسماء تلك الاستادات هي : بوسيتوس وباركال سينتر وسينتيناريو ، والأخير هو الأبرز والأشهر ، إذ يسع ل95 ألف متفرج ، وتم بناؤه خصيصا من أجل البطولة ، لكن لم يتم الانتهاء من تشييده إلا بعد انطلاق كأس العالم بخمسة أيام ، ويعتبر السبب وراء ذلك هو هطول الأمطار بغزارة مما تسبب في تعطيل أعمال البناء فيه! نترك كواليس ما قبل البطولة بعض الوقت ، ونتجه إلى البطولة نفسها التي تضمنت مشاركة 13 منتخبا ، منها ثمانية منتخبات من قارة أمريكا الجنوبية ، وأربعة منتخبات أوروبية ، بالإضافة إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية ممثلة قارة أمريكا الشمالية الوحيدة ، وتم تقسيم الفرق إلى أربع مجموعات بحيث تضم كل مجموعة ثلاثة منتخبات باستثناء المجموعة الأولى التي ضمت أربعة منتخبات ، وكان نظام البطولة يشير إلى أن متصدر كل مجموعة هو الذي يتأهل فقط ليلعب مباشرة في الدور قبل النهائي ، ومن المعروف أنه لم تتم إقامة تصفيات لتحديد الفرق المشاركة في البطولة ، إذ أن كل الدول تستطيع المشاركة إذا نجحت في توفير الأموال والجهد اللازمين للوصول إلى أوروجواي! وجاء افتتاح البطولة بمباراة بين المنتخبين الفرنسي والمكسيكي ، ونجح "الديوك" في تحقيق الفوز الأول بأربعة أهداف مقابل هدف واحد ، وكان الفرنسي لوسين لاورين هو صاحب أول أهداف البطولة ، وعلى الرغم من البداية الفرنسية القوية ، فإنهم تعرضوا للهزيمة في المباراة الثانية أمام المنتخب الأرجنتيني بهدف دون رد في مباراة شهدت الكثير من الأحداث المثيرة للجدل ، إذ أنهى حكم المباراة اللقاء قبل نهاية الوقت القانوني بست دقائق ، وهو ما قابله الجانب الفرنسي باعتراض شديد ومثير على الحكم لفترة طويلة ، حتى تراجع الحكم عن قراره بإنهاء اللقاء ، وطالب باستئناف اللعب واستكمال الوقت المتبقي من المباراة ، إلا أن مفاجأة كبيرة حدثت ، وهي أن بعضا من لاعبي الفريق الفرنسي كانوا قد غادروا الملعب بالفعل بسبب يقينهم بأن الحكم لن يعود في قراره مرة أ