شهد الظهور الأول لمجلس النواب الجديد، خروجًا عن النص طوال الجلسة الإجرائية، فتارة تجد عدم الالتزام بتعليمات مقرر الجلسة، ورجاءه المستمر ل"السادة النواب المحترمين" بالهدوء والجلوس في أماكنهم، وأخرى "العصبية الزائدة" و"المشادات الكلامية" بين النواب ورئيس المجلس، وبين النواب وبعضهم البعض، ومرات تراهم يلتقطون "سيلفي"، ويتحدثون في هواتفهم خلال انعقاد الجلسة. "المجلس مرصود.. برجاء الالتزام بالتقاليد والأعراف البرلمانية"، كلمات رددها على مسامع المشاهدين الدكتور علي عبدالعال رئيس مجلس النواب، لكن لا تراها على الشاشة خلال فعاليات الجلسة، وما شهدته من ظواهر سلبية تحتاج إلى تحليل، بخاصة وأنها قد تكون أول وآخر جلسات المجلس التي تذاع فعالياتها كاملة على الهواء مباشرة بعد قرار وقف البث، وإذاعة الجلسات مسجلة بعد خضوعها لعملية المونتاج. طبيبة نفسية تنصح "النواب الجدد" بالخضوع ل"دورات تدريبية" لتحسين أدائهم في البرلمان "بدون مونتاج ورتوش تجميلية".. رصدت "الوطن" عددا من المشاهد، إضافة إلى تحليل أساتذة وخبراء الطب النفسي للجلسة الأولى من البرلمان المصري. يقول الدكتور يسري عبدالمحسن الخبير النفسي وأستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر، إن "الهرج" و"المرج"، وعدم احترام قدسية المجلس، تصدروا مشهد الجلسة الأولى في البرلمان، وهو أمر يحتاج إلى شيء من الحسم، وأن يكون هناك ضوابط ونظم حاكمة، تقود المجلس إلى بر الأمان، حيث وضح في الجلسة الأولى ضعف التخطيط والتنظيم في إدارة الجلسة. وفسر عبدالمحسن، ل"الوطن"، مشاهد الانفعال الزائد خلال أداء اليمين من بعض النواب، أو أداء اليمين بشكل مبالغ فيه، والإصرار على الحديث في أوقات غير مناسبة بالجلسة أو قطع أحاديث الآخرين، ومشهد "إعلان أحد النواب الاعتصام بوضع كمامة على فمه، مكتوب عليها ممنوع من الكلام"، بأنها لقطات اتضح فيها حب الظهور والاستعراض والمبالغة من قبل بعض النواب، مشيرًا إلى أن بعضهم ظهر في حديثه أنه يسعى إلى "الشهرة". خبير نفسي: بعض النواب يفتعلون الأزمات للفت الانتباه إليهم وعن بعض اللقطات المثيرة للجدل، التي ظهر فيها عدد من نواب المجلس في جلسته الأولى، ومنها "رفض أحد النواب إعادة حلف اليمين الدستورية بسبب عدم التزامه بنص اليمين، ما تسبب في مشادات كلامية، وحالة من الفوضى والتراشق بين النواب وبعضهم البعض، إضافة إلى "العصبية الزائدة" في حديث رئيس المجلس مع النواب، والمشادات الكلامية التي وقعت بينه وبين بعضهم خلال فعاليات الجلسة، وعقب انتخابه مباشرة. وقال الخبير النفسي: "هذه الظواهر تؤكد أن بعض النواب، يتعاملوا من منطلق حب الزعامة وادعاء البطولة، فيحاولوا فرض سطوتهم على الآخرين، وهذا ينم عن جهل البعض بأدنى قواعد الديمقراطية والتقاليد البرلمانية، كما أن الكثير من نواب هذا المجلس حديثو العهد بالديمقراطية". وبشأن الأجواء العصبية الزائدة عن اللازم، التي سيطرت على الجلسة الأولى بمجلس النواب، وحدوث مشادات كلامية ومناوشات بين النواب، قال عبدالمحسن: "هذا نوع من أنواع الشغب الذي لا مبرر له، وخروجا عن القواعد والنظم، كما أن البعض يثير المشكلات ويفتعل الأزمات لتسليط الأضواء عليه". وفسر الخبير النفسي، "التقاط الصور الفوتوغرافية"، و"السيلفي"، والحديث في الهاتف خلال فعاليات الجلسة، بأنها تصرفات تنم عن عدم المسؤولية والالتزام، حيث يتصور هؤلاء أنهم في محفل عام، وليس إنهم نوابا جاؤوا ليمثلوا الشعب تحت القبة. وبدورها، أكدت الدكتورة سوسن فايد أستاذة الطب النفسي، أن كافة المشاهد التي ظهرت خلال الجلسة الأولى لانعقاد البرلمان، أوضحت أن النواب "بيحبو" ديمقراطيا، ولا يمتلكون النضج السياسي الكافي، لذا اتسمت الجلسة بالعصبية الشديدة والتوتر والارتباك، علاوة على حب الظهور الذي ساد بعض المواقف أحيانا. وفسرت فايد، في تصريحات خاصة ل"الوطن"، موقف النائب الذي رفض أداء اليمين الدستورية ثم امتثل في النهاية، بأن ذلك التصرف ناجم عن شخصيته الهيستيرية في معظم المواقف، وأنه يحاول دائما افتعال مواقف لإثارة الجدل حوله، موضحة أنه فعل ذلك خلال الجلسة الأولى للفت الانتباه إليه منذ اللحظة الأولى وإشعار الجميع بوجوده. وحول شخصية رئيس مجلس النواب الدكتور علي عبدالعال، وانفعاله الشديد على بعض النواب، أكدت أستاذة الطب النفسي: "الموقف يدل على عدم خبرته البرلمانية وممارسته لمثل ذلك الدور من قبل، ورغبته الأكيدة في النجاح وإثبات سيطرته وتحكمه في الأمور منذ اللحظة الأولى، وخروج ردود الأفعال بشكل مطمئن"، واصفة إياه ب"الرجل المثالي في المناخ غير المثالي"، وذلك لأن الأجواء كلها كانت مليئة بالعصبية، "والعصبية تؤدي إلى عصبية". وبشأن أداء بعض النواب وعدم التزامهم ورغبتهم الدائمة في مغازلة الكاميرات والتقاط صور ال"سيلفي"، أكدت فايد، أن ذلك يدل بما لا يدع مجالا للشك، أن النواب يعيشون طفولة ديمقراطية، وتصرفاتهم تدل على الانفعال الزائد والتوتر ورغبتهم الأكيدة في الظهور، لعدم تصديق ما هم فيه في اللحظة الحالية من ناحية، وإثبات وجودهم من ناحية أخرى. ونصحت أستاذة الطب النفسي، جميع النواب بالخضوع لدورات تدريبية، تعطيهم خبرة في ممارسة دورهم الجديد كنواب عن الشعب، حتى يتحلوا بالالتزام الذي بات مفقود تماما خلال أولى جلسات البرلمان.