سمير وتهته، دقدق وسامبو، بعجر السخيف، نوسة الكدابة، كتكوتة السفروتة، كلها شخصيات عاش معها أطفال مصر زمنًا ليس بالقصير، على صفحات مجلة سمير المصرية، التي صدرت للمرة الأولى في الخامس عشر من أبريل عام 1956، عن دار الهلال المصرية. ونبعت شهرة مجلة سمير من كونها أولى المجلات المصورة الناجحة للأطفال في العالم العربي، رغم ما سبقها من مجلات أخرى لم تلق نفس الصدى الذي لقته سمير، لذلك كانت هي مجلة الأطفال الصالحة للأعمار من 8 سنوات وحتى 88 سنة. وجاءت شخصية سمير من ابتكار الفنان برني، وهو فنان فرنسي مصري يهودي، كان يرسم الأعداد الأولى من المجلة، حتى غادر مصر بعد عدوان 1956 قبل أن تتم المجلة عامها الأول، مما دعا المجلة إلى طلب رسامين جدد، فانضمت الفنانة بهيجة، اسمها الحقيقي "جيجا توماسيان"، لأسرة المجلة بعد فوزها على 11 رسامًا في رسم شخصية سمير. وكانت سمة المجلة دوما الاهتمام بالأخلاق، ففي بداية أعداد المجلة كانت مغامرات سمير وتهته تنشر تحت عنوان "سمير الحويط وتهته العبيط"، ثم تغير عنوان تلك المغامرات إلى "سمير وتهته" فقط، في العدد رقم عشرين، بعد أن صار تلاميذ المدارس الابتدائية ينعتون بعضهم البعض ب"تهته العبيط"، مما كان له أثرًا أخلاقيًا سيئًا وقتها. وفي أعداد أخرى كانت الأغلفة تصور سمير وتهته وهما يعبران الطريق من أماكن العبور المخصصة، مع تطعيم الرسم ببعض الفكاهة حتى تصل الرسالة بصورة غير مباشرة أو فجة. وربما لا يعرف الكثيرون أن مجلة سمير سبقت مجلة ميكي، الأشهر في مصر، في الصدور، بل واستضافت مجلة سمير شخصيات مجلة ميكي قبل صدورها منفصلة عام 1958، في الكثير من الأعداد، حيث ظهرت شخصية ميكي للمرة الأولى في العدد الثالث من المجلة، في قصة من صفحة واحدة، بينما ظهر أبناء أخت بطوط، سوسو ولولو وتوتو، في العدد السابع عشر، وبعد عشرة أعداد ظهر بطوط نفسه، لكن باسمه الحقيقي "دونالد داك". وبدأت "سمير" تحولها إلى نافذة على المغامرات والقصص العالمية، في العدد الرابع، حين نشرت قصصًا أوروبية مترجمة، أولها كانت "مغامرات فلاش جوردون" التي استمرت حتى العدد السابع عشر، وثانيها قصص "أليس في بلاد العجائب" التي انتهت في العدد العاشر. وكان الحس الوطني لمجلة سمير عاليًا، لا سيما أنها ظهرت في توقيت بلغت فيه الحماسة الوطنية مبلغها، وانتشر فيه حلم القومية العربية، ففي مايو 1964 نشرت المجلة مغامرة لسمير في السد العالي، حيث رسمت أعمال إنشاء السد، وسمير يشارك في البناء، مع كلمات أغنية عبد الحليم حافظ الشهيرة: "قولنا هنبني وآدي احنا بنينا السد العالي". كما كان العدد التاسع والثلاثين الذي صدر في السادس من يناير 1957، بعد انتهاء العدوان الثلاثي على مصر، يصور سمير وتهته بملابس عسكرية ومعهما ضابط جيش يدربهما على الرماية في معسكر حربي. وظلت مجلة سمير ذات شعبية كبيرة بين الأطفال في فترة الخمسينات والستينات والسبعينات، إلا أن بريقها أخذ في الخفوت رويدًا مع مطلع الثمانينات، بينما صعد نجم مجلة ميكي في المقابل، إلا أنها ظلت تصدر دون توقف أو انقطاع، حتى اليوم، حيث صدر قرار بإيقافها، ليرتبط تاريخ صدور المجلة بالرقم 56 الذي يقابل سنة إصدارها، وتنتهي بالرقم نفسه الذي يقابل عدد سنوات عمرها.