لخص ناثان براون، الأستاذ بجامعة جورج واشنطن والباحث فى النظام القضائى المصرى، الإعلان الدستورى الذى أصدره الرئيس محمد مرسى بقوله: «أنا مرسى، صاحب النفوذ والجبروت المطلق، وفى أول قرار لى باعتبارى صاحب النفوذ المطلق، أمنح نفسى نفوذا أوسع، لكن لا تقلقوا فهذا لن يستمر طويلا». وأضاف «براون» أن قرارات «مرسى» بإعادة محاكمة مبارك ورموز نظامه، قدمت للمصريين باعتبارها محاولة لتحقيق المطالب الشعبية وتحقيق العدالة وضمان الانتقال إلى ديمقراطية دستورية، موضحا أن الصلاحيات الهائلة وغير المتوقعة التى منحها الرئيس لنفسه أثارت مخاوف الكثيرين من أن يصبح ديكتاتورا. وتابع الباحث الأمريكى، فى تحليل نشره عدد من المواقع العالمية، أن تلك القرارات قد تكون متوقعة من قبل زعيم وطنى ذى شعبية ساحقة، وليس رئيسا انتخبه 51٪ من شعبه فى بلد منقسم سياسيا، مشيراً إلى أن «مرسى» قد ينجح فى تجاوز الانتقادات والمعارضة لتلك القرارات بمنح بعض المكاسب للاعبين الرئيسيين فى الساحة المصرية، خاصة أن معارضيه منقسمون على أنفسهم. وأكد «براون» أن معارضى مرسى لا يحتاجون للتوحد فقط وإنما لخطة واستراتيجية لمواجهة الرئيس المصرى الذى يشبه -فى نواياه- «سينسنيتس»، إمبراطور روما، الذى حكمها بالحديد والنار فى عام 458 قبل الميلاد قبل أن يصبح حاكما ديمقراطيا،مختتما تحليله بأن قرارات «مرسى» قد تكون واردة، لكنها وسيلة غريبة للتحول الديمقراطى. وتحت عنوان «الرئيس المصرى يمنح نفسه سلطات واسعة»، كتبت صحيفة واشنطن بوست أن قرارات «مرسى» الأخيرة ستزيد من حدة الانتقادات العلنية له ولجماعة الإخوان باحتكار السلطة والفشل فى حل مشكلات البلاد، موضحة أن قرارات الرئيس لم تنظر فى إعادة محاكمة العشرات من ضباط الشرطة صدرت بحقهم أحكام براءة من تهمة قتل المتظاهرين، وهو ما اعتبرته الصحيفة ضمان لولاء قوات الشرطة والأجهزة الأمنية سيئة السمعة للرئيس، حسب وصف الصحيفة. وترى شبكة «فوكس نيوز» الإخبارية الأمريكية أن قرارات الرئيس محمد مرسى وضعته فوق القانون، وتأتى على خلفية شعوره بالزهو بعد الثناء الكبير الذى أغدقه عليه الرئيس باراك أوباما ووزيرة خارجيته هيلارى كلينتون، بعد نجاحه فى وقف إطلاق النار فى غزة. وربطت شبكة «سى إن إن» هذه القرارات برضا الولاياتالمتحدة عن دوره فى أزمة غزة، واصفا قرارات «مرسى» بمحاولة منه لاحتواء تصاعد الاحتجاجات العنيفة فى وسط القاهرة الغاضبة من أداء حكومة هشام قنديل وجماعة الإخوان المسلمين والخلافات السياسية الشديدة التى هددت التأسيسية بالانهيار. واعتبر موقع ال«بى بى سى» أن قرارات الرئيس المصرى ستمهد الطريق لصراعات جديدة فى مصر، فكثير من المؤسسات ومن بينها القضاء والقوى السياسية المعارضة لن تقبل فكرة أن قرارات الرئيس «نهائية ولا يمكن الطعن عليها»، لأن ذلك يجعله شبيها للديكتاتور السابق الذى ثار المصريون للإطاحة به فى 2011. ونقل الموقع عن الدكتور محمد البرادعى قوله: «إن مرسى يتصرف وكأنه فرعون جديد». «الرئيس مرسى.. فرعون مصر الجديد»، كان العنوان الرئيسى لصحيفة «إسرائيل اليوم» التى ربطت بين قرارات مرسى بتحصين الجمعية التأسيسية ومجلس الشورى ضد أحكام القضاء وبين نجاحه فى جهود الوساطة فى غزة. صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، قالت فى تقريرها إن الرئيس المصرى منح نفسه سلطات تعدت كافة الحدود، بعد أن أصدر قرارا جعل جميع قراراته الأخرى محصنة وغير قابلة للطعن أو الإلغاء. وفى السياق ذاته، قالت صحيفة «هاآرتس» إن الإعلان الدستورى الجديد الذى أصدره مرسى، خطوة لتخفيف الضغوط التى يتعرض لها من الشارع المصرى. وذكرت «معاريف» نص قرارات مرسى الجديدة، مشيرة إلى أن الإعلان الدستورى الجديد كان دراميا، ويحول «مرسى» إلى ما يمكن أن يطلق عليه «الرجل الحديدى».
