عندما تدق طبول الحرب استمع لعدوك، ليس لأنه يقول الحقيقة. فلا أحد من الساسة يقولها، فالسياسة فن الكذب. استمع لخصمك واقرأه بطريقة: اعرف عدوك. منذ بداية المحنة وصحف العدو تتساءل: لماذا لا تصبح سيناء مكاناً لتوطين سكان غزة؟ إنه الهاجس الوطنى العام الذى يدور فى عقول المصريين رغم خلافاتهم. انظر إلى ما يجرى باعتباره اختباراً. أمريكا تختبر رد فعل مصر الجديدة. وإسرائيل تريد معرفة آخر مدى يمكن أن يصل إليه المصريون فى حالة ضرب غزة لآخر حدود التدمير. والحمساويون لديهم رغبة فى إدراك الموقف المصرى. هل هو معادل كلامى؟ أو يمكن أن تلتحق بالخطب الرنانة إجراءات محددة، وإيران تحلم بنقل المواجهة إلى غزةوسيناء قبل أن يفكر الأمريكان والصهاينة فى ضربها. العدوان على غزة المقصود به مصر، ولكن حكامنا خجلوا من ذكر هذا فى مقابل أن يتفضل العدو ويسمح لهم بزيارة رئيس الوزراء لغزة صباح الجمعة. قال الصهاينة إن رحلة رئيس الوزراء كانت بناء على رغبة أوباما ليهدئ من ردود فعل حماس، ويضعنا فى مأزق يكاد يصل إلى حدود الهوان الوطنى. قال إن مصر استأذنته -العدو طبعاً- أن يوقف القصف وقت الزيارة. ولم يفِ العدو بعهده ولا الفلسطينيون، وأتى الطفل الذى تم ضربه خلال الزيارة. واحتضنه رئيس الوزراء وبكى وعاد لنا بقميصه ملطخاً بدماء الطفل الفلسطينى. تدهورت الأمور. إسرائيل تريد اختبار تطابق أفعال وأقوال من يحكمون مصر الآن، وتجرهم إلى مواجهة قبل أن يكونوا مستعدين لها. ولهذا راجت فى القاهرة قصة خلافات الرئيس مرسى والفريق أول السيسى حول التباين بين رد الفعل السياسى والعسكرى للمحنة. ثم هل حسبنا فى مصر قبل الإقدام على هذه العنتريات التليفزيونية موقف مصر الدقيق وحالة جيشها الوطنى العظيم بعد إرهاق الفترة الانتقالية؟ ثم بعد إهانة عزل قياداته بالطريقة التى تمت فيها. مع أن الأمر لم يكن يتعدى الصراع على السلطة. وربما كان الصهاينة يستعدون للانتخابات القادمة بهذه الضربات. ثم إن اختصار قضية فلسطين فى غزة ونسيان فلسطين خطأ وجريمة. تبقى فلسطين أكبر من غزة وأهم. ومن يستطيع نسيان أصابع إيران فى غزة وقدرتها على تحريك الأمور، والخروج من مربع احتمال ضرب أمريكا وإسرائيل إيران. لنقل المعركة إلى غزة فى أبعد مكان عنها. إن المواجهة التى أتصورها مع العدو الصهيونى إن كنا نعيش مصر الثورة كما يدَّعون هى تعديل كامب ديفيد. بقصد أن نوفر لقواتنا المسلحة القدرة على ترتيب أوضاع سيناء، سمعنا ضجيجاً وأفعالاً ولم نر أية إجراءات فى الواقع. والعدو الصهيونى قال إنه لن يسمح بإعادة النظر فى كامب ديفيد. لست فى حاجة للقول إننى ضد الصهاينة. وقطرة دم أى شهيد عربى فلسطينى أو مصرى تساوى جميع الصهاينة.