أرجع شريف الديوانى، المدير التنفيذى للمركز المصرى للدراسات الاقتصادية، ما تشهده الأسواق العالمية حالياً من تراجع حاد، إلى عدة أسباب، فى مقدمتها تباطؤ نمو الاقتصاد الصينى، وما ترتب عليه من انخفاض حاد فى أسعار النفط، بالإضافة إلى اشتعال «حرب عملات» بعد قيام الصين بخفض سعر صرف عملتها المحلية «اليوان». وقال «الديوانى» فى حواره ل«الوطن» إن الدول العربية، وتحديداً دول الخليج، ستكون من أبرز المتضررين نتيجة تراجع الاقتصاد الصينى، متوقعاً أن تؤثر الأزمة الحالية سلبياً على الاستثمارات الخليجية فى مصر.. وإلى نص الحوار:■ بداية.. كيف تقرأ المشهد الحالى فى الأسواق العالمية ومدى ارتباطه بالصين؟- الصين ثانى أقوى اقتصاد فى العالم، وأغلب اقتصادها قائم على التصدير بنسبة كبيرة جداً، وهذا الأمر قائم منذ أكثر من 30 عاماً، وهو أحد عوامل سرعة نمو معدلات الاقتصاد الصينى الذى وصلت معدلاته إلى 10 و11% قبل الأزمة المالية العالمية فى 2008.■ لكن هذا المعدل شهد تراجعاً كبيراً بعد الأزمة المالية؟- صحيح، فمعدل النمو تراجع إلى نحو 8% حتى وصل إلى 7%، والصينيون شعروا أثناء الأزمة المالية العالمية بأن الاعتماد على الاستثمار فى الأسواق العالمية قد يضرهم، لذا اعتمدوا فى استثماراتهم على المدخرات المحلية لديهم، وهذا نجح إلى حد ما، لكن فى النهاية الاقتصاد الصينى، كما قلت، قائم على التصدير بالأساس.■ وكيف تقيّم قرار خفض قيمة العملة المحلية الصينية؟- هذا الأمر يأتى فى إطار «حرب العملات»، فالصين تحاول تدارك التباطؤ فى معدلات نموها، المرتبط فى الأساس بمعدلات نمو الاقتصاد العالمى، فالصين لم تجد مفراً من خفض عملتها لزيادة تنافسية سلعها فى الأسواق الأوروبية والأمريكية، كى تتمكن من زيادة الطلب على منتجاتها، وأعتقد أن الصين واجهت ضغوطاً هائلة فى اجتماعات صندوق النقد الدولى من جانب الولاياتالمتحدة، للإبقاء على قيمة عملتها، فهى فى حالة حرجة الآن، وموقفها لا تحسد عليه، والأمر لا يستدعى بطبيعة الحال الحديث عن نظرية مؤامرة لتقويض الاقتصاد الصينى، الأمر ببساطة عبارة عن منافسة اقتصادية شرسة. «الديوانى»: «حرب العملات» العالمية تلحق ضرراً بمصر ■ هل ما يحدث فى الصين الآن له انعكاسات على الاقتصادات العربية بوجه عام، والمصرية خاصة؟- بالطبع، الأمر سيكون له تأثيرات سلبية كبيرة جداً على الدول العربية، وأخص هنا الدول الخليجية، وعلى رأسها السعودية والكويت والإمارات، باعتبارها من كبار منتجى البترول، فسعر برميل النفط وصل إلى 40 دولاراً، فى حين أن الموازنات المالية لتلك الدول كانت تتوقع عودته إلى مستويات 70 دولاراً للبرميل، والأمر مرتبط بالطبع بما يحدث فى الصين، باعتبارها أكبر مستورد للطاقة فى العالم حالياً، وما حدث فى البترول من هبوط سيتبعه بالطبع سلع أخرى.■ إذن الأمر ستكون له عواقب سلبية على الاقتصاد المصرى، باعتبار دول الخليج من أكبر الداعمين له حالياً؟- أتصور أن تنخفض معدلات الاستثمار الخليجية فى مصر خلال الفترة المقبلة، إن لم يكن على مستوى الاستثمار المباشر، فسيكون على مستوى السندات وأذون الخزانة وسوق الأسهم، الأمر ليس هيناً فى دول الخليج، فتلك الدول اقتصاداتها قائمة على البترول كسلعة أساسية.■ الرئيس عبدالفتاح السيسى سيزور الصين اليومين المقبلين.. فهل تتصور أن ينعكس ما يحدث فى الصين على العلاقات الاقتصادية بين البلدين؟- لا أعتقد أن الأمر يمكن رؤيته من تلك الزاوية، فاستثمارات الصين فى مصر مهما بلغت قيمتها ونسبتها لن تكون سوى نقطة فى بحر من إجمالى استثماراتها فى الخارج، وقرار ضخ استثمارات صينية فى مصر قرار له أبعاد استراتيجية طويلة، وليست قصيرة الأجل.