صدر عن مكتبة الإسكندرية عدد خاص من مجلة "ذاكرة مصر" عن محمد علي باشا، وذلك بمناسبة مرور 210 أعوام على أول يوم تقلد فيه محمد علي حكم مصر في يوليو 1805م، نتج عنها تحول تاريخي وسياسي هام في تاريخ البلاد. يقع العدد في 180 صفحة، ويحتوي على مقالات وصور نادرة لمؤسس الأسرة العلوية في مصر، بالإضافة إلى إعادة نشر بعض المقالات الأجنبية وتقديمها للقارئ العربي حتى تكتمل الصورة الذهنية حول شخصيته وعصره. قال الدكتور خالد عزب، رئيس قطاع المشروعات والخدمات المركزية بمكتبة الإسكندرية، "حاولنا في هذا العدد أن نتطرق إلى ملامح شخصية محمد علي وتركيبتها النفسية التي انعكست على أفعاله، والبيئة التي نشأ فيها وعلاقته باسطنبول قبل حكم مصر، وغيرها من التفاصيل التي ربما تعطي صورة واضحة عن شخصه". أضاف "عزب"، أن العدد يتناول مشروع محمد علي التوسعي وتجربته في حكم الشام وما له وما عليه من هذه التجربة، بالإضافة إلى جانب مهم في حكمه لمصر، وهو مشروعاته الإصلاحية الكبرى، ومنها على سبيل المثال ترسانة الإسكندرية، ومطبعة بولاق، وأعماله بقلعة الجبل، واهتمامه بالبعثات التعليمية والهدف منها وهل حققت المرجو منها أو لا؟". ولفت "عزب" إلى أن هذا العدد الخاص يتناول جانبًا جديدًا خاصًّا بعمائر وأوقاف محمد علي بمسقط رأسه؛ مدينة قولة اليونانية؛ ثم الدور الذي لعبته الدول الكبرى وتحالفها من أجل تقويض طموح الباشا الذي يحكم مصر لحساب المصالحة الدولية الكبرى. وأضاف: "لم نغفل بعض الجوانب الاجتماعية الخاصة بعصره، ومنها بداية استخدام عربات الخيول في مصر، وترقيم وتسمية شوارع القاهرة، وغيرها من الموضوعات التي نتمنى أن تنال إعجاب القارئ وتضيف إلى هذه الفترة التاريخية الجديد". وأكد "عزب"، أنه تبين أن كل من التقى بمحمد علي، وطنيين كانوا أو غرباء، أجمع على الإعراب عن جاذبيته الطاغية، وفوق كل شيء عن أدبه الجم، تلك السمة التي يتصف بها الرجل المهذب العثماني الحقيقي. وأشار إلى تتابع الأحداث أدى إلى تولية محمد علي حكم مصر عام 1805م، وكان عليه أن يصفي القوى المعارضة له، أو أن يكسبها إلى جانبه، وكان ذروة هذه التصفية في مذبحة المماليك"مذبحة القلعة"، التي أدت إلى استقرار الأوضاع لمحمد علي. ويضيف عزب: "ساعد هذا الإجراء على سرعة تحديث مصر، وهو ما ترك أثره على القلعة؛ حيث انتهى دور فرق الجيش العثماني بها، فلم نعد نرى وجودًا للإنكشارية ولا للعزب. بل أصبحت سلطة الباشا محمد علي هي السلطة العليا والوحيدة في القلعة". وتابع: أن أعمال محمد علي تدل على استيعابه لتقنيات العصر ومستجداته، ولنا في ذلك الأمر ثلاثة إجراءات اتخذها؛ الإجراء الأول: هو إنشاؤه قلعة المقطم أعلى قلعة الجبل، والإجراء الثاني: إقامة أبواب جديدة للقلعة تسمح بمرور العربات، وهي وسيلة الانتقال التي بدأت تشيع بمصر منذ أن دخلها الفرنسيون. والإجراء الثالث: هو تشييده دارًا للصناعات الحربية في القلعة في المكان الذي شغله جند العزب بالقلعة في العصر العثماني. وقدم "عزب" وصفًا معماريًا دقيقًا ومدعم بالصور لقلعة المقطم: الواجهات، الطريق الجديد للقلعة، الباب الجديد، الباب الوسطاني، باب القلة، الديوان، دار الضرب، سراي العدل، سراي الجوهرة، سراي الاستقبال، سراي الإقامة (قصر الضيافة)، سراي الحرم، القصر الشرقي، القصر الوسطاني، القصر الغربي، القصر الأحمر، ومسجد محمد علي. وأشار إلى أنه في مايو 1838 جمع محمد علي رؤساء وقناصل الدول، وأبلغهم عزمه على إعلان استقلاله بحجة أن استقلال مصر هو خير ضمان لاستئناف السلام في المنطقة، وطلب إليهم استشارة حكوماتهم في هذا الشأن قائلاً: «لا يمكنني أن أرضى بترك ما شيدته من المنافع والمرافق بمصر طول هذه السنين مما كلفني أموالاً طائلة في يد الباب العالي بعد موتي، وإن قلبي لينفطر كلما فكرت في أن ثمرة أتعابي ضائعة ومصيرها للفناء وأن أولادي وأسرتي ستصير بعد موتي تحت رحمة الباب العالي».