أحمد إسماعيل - أحمد أمين عرفات تعد قلعة صلاح الدين من أهم المناطق الأثرية لما تضمه من مواقع ومتاحف تاريخية، والمطلوب سرعة ترميمها مع الحفاظ على هوية تلك المواقع، وعدم المساس بها، أو تغيير تركيبتها الأصلية، وتوفير متطلبات الزائرين كاللوحات المعلوماتية، والكتيبات، والمرافق الخدمية، والمحافظة على المقتنيات التراثية وعرضها بالطريقة الصحيحة، لتكون مناطق جذب سياحى تعمل على تنشيط حركة السياحة الوافدة لمصر، وذلك فى إطار التنمية المستدامة التى تتبناها الحكومة فى شتى المجالات بما يلبى الاحتياجات السياحية والاقتصادية. «الأهرام العربى» التقت الدكتور محمد ناصر عفيفى - مدير عام شئون مناطق آثار القلعة - سابقاً - ومدرس الآثار بكلية الآثار جامعة أسوان ، والذى استعرض معنا تاريخ القلعة وأهم الآثار المهددة بالانهيار إذا لم يتم ترميمها سريعا. تعتبر قلعة صلاح الدين الأيوبى بالقاهرة من أفخم القلاع الحربية التى شيدت فى العصور الوسطى.. ويكفى أن أقول إن أغلب آثار هذه القلعة مهددة بالانهيار إذا تعرضت لزلزال بمقياس 3 ريختر فقط، وهى كارثة بكل المقاييس إذا لم ننتبه إليها، فهذه القلعة الشامخة مر عليها الكثير والعديد من الأحداث التاريخية. شهدت أسوارها أحداثاً تاريخية مختلفة خلال العصور الأيوبية والمملوكية وزمن الحملة الفرنسية على مصر سنة 1798م، وحتى تولى محمد على باشا حكم مصر، حيث أعاد إليها ازدهارها وعظمتها.. وعلينا الاهتمام بهذا التاريخ والاعتناء به لأن إهماله جريمة كبرى، فهناك دول أخرى تتمنى أن تمتلك 10 % فقط مما نملك من آثار. ماذا عن أبواب القلعة ؟ عندما نتحدث عن أبواب القلعة والتى تحتاج لترميم وتطوير عاجل وسريع، ومنها باب المقطم وتم تعريفه بهذا الاسم لمجاورته لبرج المقطم الذى يرجع تاريخه إلى العصر العثمانى كما عرف هذا الباب باسم باب الجبل لإشرافه على باب جبل المقطم، أما حالياً فإنه يعرف باسم بوابة صلاح سالم. وعندما تولى محمد على باشا الحكم وقام بعمل تجديدات بالقلعة، قام بتمهيد طريقاً من باب الجبل إلى قلعته بالمقطم، أما حالياً فقد تم شق هذا الطريق وقطعه بطريق صلاح سالم . ولقد ضاعت معالم هذا الباب كما تم هدم جزء كبير من السور والشرفات التى كانت تعلوه، كما تم هدم جزء كبير من السلالم التى كانت توصل إلى أعلى السور الشمالى وبرج المقطم عند شق طريق صلاح سالم سنة 1955م وفتح الباب الحالى الذى يدخل منه للقلعة من جهة صلاح سالم . كذلك منطقة باب العزب، وكان بها مصانع البارود والسلاح والترسانة التى أنشأها محمد على لتصنيع المراكب والإسطبل الخاص به ومكانه الآن قسم الخليفة، وهو يعد من الآثار المشهورة جدا خصوصا أن إحدى الروايات تحكى أن مكتب المأمور فى ظهره إحدى طولات الخيل وهو يواجه جامع السلطان حسن وجامع الرفاعى ويتوسطهم جامع المحمودية .. وباب العزب مطلوب ترميمه سريعا لأنه آيل للسقوط، وتم إعداد مشروع ترميم له، لكن لم يتم تنفيذه إلى الان وهو كان المدخل الرئيسى للقلعة وقت الحكم العثمانى وبالمناسبة هو يصل إلى الممر الذى حدث به مذبحة المماليك . إلى متى ستظل أسوار القلعة بهذه الحالة المتردية؟ يجب أن نعرف أن أخطر منطقتين بالقلعة هما هرم اليسار والحطابة، والاثنتان لا يجوز البناء عليهما، والقانون ينص على أن المبنى السكنى للأهالى الذى يتهدم بهاتين المنطقتين لا يجوز إقامته، لكن السؤال المهم، لماذا لا يتم تنفيذ الإزالة؟ هذا هو السؤال الذى تعجز عن تنفيذه الآثار، ورغم اتخاذها لكل الإجراءات القانونية التى تصدرها بحق قرارات الإزالة، إلا أن ما يعطل قرارات الإزالة هو العبارة التى تجعلنا عاجزين والمتمثلة فى جملة "قيد الدراسة الأمنية"، وعندما لا يرى المتعدون قدرتنا على تنفيذ الإزالة يستمرون فى تعديهم بشكل كبير. وفيما يتعلق بجامع محمد على وما يقال حول أن أسواره آيلة للسقوط وتحتاج لتدخل سريع ؟ هى فعلا مصيبة، فهو فى حاجة لصيانة عاجلة فمادة الألبستر التى تغطى الأسوار تآكلت بنسبة 90 % بفعل عوامل الجو والتعرية، وكذلك قصر الجوهرة الذى تعرض لحريق لكنه كان يعمل بعد الحريق الذى حدث به، وكان مقرا لحكم محمد على ومن جاء بعده حتى الخديو إسماعيل، وما حدث فى قصر الجوهرة هبوط فى الأرضية لذا قمنا بإغلاقه، وتم طرح ترميمه وإرسائه على شركة خاصة، واستلمت الموقع وتنتظر الدفعة المقدمة. ماذا عن «سراي العدل» والذى يعد أقدم محكمة فى مصر؟ سراى العدل تحتاج لأكثر من 50 مليون جنيه، لأن حالته أخطر من قصر الجوهرة فجدرانه من الممكن أن تسقط فى أى لحظة، حتى أن الدعامات والسقالات التى تم عملها منذ فترة لم تعد ذات قيمة بمعنى آخر أن وجودها مثل عدمه ويكفى أن أقول إن أى هزة أرضية بسيطة تكفى لانهيار المبنى بالكامل. ماذا عن متحف الشرطة؟ يقع متحف الشرطة ضمن مجموعة متاحف القلعة بساحة معروفة بساحة العلم وافتتح عام 1986، ويضم مقتنيات تهدف إلى إبراز تاريخ الشرطة منذ أقدم العصور وحتى تاريخنا الحديث. يبدأ المتحف من بوابة العلم التى يقع إلى اليمين منها سجن القلعة، وإلى اليسار الجناح الثانى للسجن الذى يؤدى إلى متحف مركبات الشرطة يليه مدخل الحديقة المتحفية ثم المتحف الرئيسى ويضم المتحف مجموعة من القاعات خصصت كل قاعة لعرض تاريخ الشرطة فى عصر بعينه.. وهو يعانى شقوقاً فى السقف تتسبب فى تسرب مياه الأمطار مما يهدد الأساسات، ومطلوب ترميمه ثم تطويره سريعا. ماذا عن برج الساعة؟ تعد من أشهر معالم القلعة وهى أول ساعة فى مصر والشرق الأوسط وقد أهداها ملك فرنسا لويس فيليب إلى محمد على الذى أهداه فى مقابلها المسلة الفرعونية.. وهى فى حاجة إلى ترميم وصيانة عاجلة. د. جمال جاد الرب المدير الحالى يرد: فى إطار حرص «الأهرام العربى» على حق الجميع فى الرد وعلى متابعة آخر المستجدات فيما يخص مشاريع ترميم آثار منطقة قلعة صلاح الدين المهددة بالانهيار .. كان حديثنا مع الدكتور جمال جاد الرب، مدير عام منطقة آثار القلعة الحالى والذى تحدث قائلا: أولا قطاع المشروعات بالمجلس الأعلى للآثار قام بوضع خطط الترميم اللازمة لترميم آثار منطقة قلعة صلاح الدين سواء العاجلة أم المستقبلية، فمثلا بالنسبة ل«سراى العدل»، والتى تعد أقدم محكمة فى مصر سوف يتم بدء أعمال الترميم بها عن طريق شركة وادى النيل خلال شهر على أقصى تقدير، وبالنسبة لبرج الساعة فإدارة الترميم الدقيق بالمجلس الأعلى للآثار بدأت عملها بالفعل، لكنها تحتاج فترة ليست بالقصيرة فهم حاليا يأخذون عينات خصوصا من الألوان لإحضار الأصلى منها تمهيدا لتشكيلها مستقبلا، وبالنسبة لمتحف الشرطة فهو يتبع قطاع المتاحف، والذى بدأ عمليات الترميم لأكثر من جزء وخاصة سد الشقوق بالسقف، أما عن جامع محمد على، فهناك مشروع ترميم بدأ بالفعل أسفل الجامع فيما يسمى «بالقاعات السبع» والتى تعود للعصر المملوكى وكان من المفروض تجهيزه ليصبح متحفاً لأبواب القاهرة الأثرية بعد تجميعها، لكن تم تعديل الفكرة والاكتفاء بالترميم فقط لعدم نزع الأبواب من أماكنها الأصلية، وفور الانتهاء من الترميم سيبدأ ترميم السور الخارجى للجامع، لكن المشكلة الأهم فى القلعة حاليا تنحصر فيما يخص أسوار القلعة والمهددة بسبب كثرة البناء المخالف للقانون، وبرغم صدور العديد من قرارات الإزالة فإنها لم تنفذ حتى الآن، وهذا يرجع للدراسات الأمنية وانشغال الشرطة بالظروف الأمنية الحالية . وأضاف، فى النهاية يجب أن نعلم أن الاعتمادات المالية لمنطقة القلعة غير كافية، ويكفى أن أقول إننا نجد مشكلة فى توفير رواتب العاملين، فكيف نسرع بعمليات الترميم والتى تحتاج لملايين، لكننى أقدر الظروف الراهنة التى تعانيها وزارة الآثار والتى أتمنى أن تتعافى سريعا، كذلك فأنا أتمنى دورا أكبر لوزارة السياحة والمتمثلة فى هيئة تنشيط السياحة وأن تتعاون مع وزارة الآثار فى إعداد مطبوعات وكتيبات وملصقات تساعد السائحين أثناء زيارتهم للمناطق الأثرية، ليس فى منطقة القلعة فقط وإنما لكل المناطق الأثرية فى مصر، أيضا أطالب الزائرين بالتعامل مع الآثار بوعى وعدم الاستهانة بها وكأنهم فى حديقة الحيوان .