أعرب المفاوضون الإيرانيون، الذين عادوا اليوم إلى طهران، بعد التوصل لاتفاق تاريخي مع القوى الكبرى في فيينا، عن ثقتهم بأن جميع الأطراف سينفذون هذا الاتفاق، الذي نددت به إسرائيل ومعارضو الرئيس الأمريكي باراك أوباما. وصرح وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، الذي ترأس الوفد الإيراني في فيينا لدى وصوله صباح اليوم إلى طهران، ب"سنتخذ إجراءات و(القوى الكبرى) ستفعل الأمر نفسه، تطبيق الاتفاق سيتم خلال 4 أشهر". والاتفاق الذي أجمعت الصحافة الإيرانية على اختلاف توجهاتها، على الإشادة به، واحتفل الإيرانيون بتوقيعه في شوارع طهران، سيجعل قدرة إيران على صنع قنبلة نووية أمرا مستحيلا، لكنه يضمن لها حق تطوير الطاقة النووية المدنية. في المقابل، ستفيد طهران تدريجيا من رفع للعقوبات التي تبنتها الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة منذ 2006، وأرخت بوطأتها على الاقتصاد الإيراني، ويمكن أن ترفع أولى العقوبات اعتبارا من النصف الأول من 2016 في حال وفت إيران بالتزاماتها. والإيرانيون الذين أعربوا مساء أمس عن سرورهم في شوارع طهران، هتفوا أيضا باسم محمد جواد ظريف، وقارنته صحيفة إيرانية برئيس الوزراء الأسبق محمد مصدق، الذي يعتبر بطلا لتأميمه العام 1953 قطاع النفط الإيراني الذي كانت تهيمن عليه القوى الأجنبية الكبرى. ورحب قسم كبير من المجتمع الدولي بالاتفاق النووي، الذي سيتيح لإيران الخروج من عزلتها السياسية والدبلوماسية والاقتصادية، وتترقب طهران في الأشهر المقبلة، وصول العديد من المسؤولين السياسيين ورجال الأعمال الذين تجذبهم ثروات هذا البلد، الذي يبلغ عدد سكانه 78 مليون نسمة، وخصوصا الغاز والنفط. وفي طليعة هؤلاء وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، الذي أعلن اليوم أنه سيزور قريبا إيران من دون أن يحدد موعدا، وتنتظر العديد من الشركات الفرنسية الموجودة أصلا في إيران التمكن من العودة إليها أو تعزيز حضورها فيها. في المقابل، ندد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بالاتفاق الثلاثاء معتبرا أنه "خطأ تاريخي"، وحذر من أن إسرائيل غير ملزمة بهذا الاتفاق، مضيفًا، "إيران ما زالت تسعى إلى تدميرنا، سنواصل الدفاع عن انفسنا". لكن ظريف اعتبر أن نتنياهو "غاضب" لأن إيران نجحت في تأمين رفع العقوبات ومنع أزمة مصطنعة". وواظبت إيران على نفي سعيها إلى امتلاك قنبلة نووية، وبعد إعلان الاتفاق الثلاثاء، كرر الرئيس حسن روحاني، أن بلاده لن تسعى أبدا إلى الحصول على السلاح النووي، مؤكدا أن إيران حققت "كل" أهدافها عبر توقيع الاتفاق النووي. وهذا بالضبط ما يقلق إسرائيل فضلا عن النواب الجمهوريين الأمريكيين المعارضين للرئيس أوباما، وأكد رئيس مجلس النواب جون باينر، أن الاتفاق "مرفوض"، مضيفا "إذا كان الاتفاق سيئا إلى الدرجة التي اعتقدها في الوقت الراهن، سنقوم بكل ما هو ممكن لوقفه". بدوره، علق السيناتور جون ماكين ، بقوله إن كل شيء يدعو إلى الاعتقاد أنه اتفاق سيء، فيما رأى رئيس لجنة الشؤون الخارجية إيد رويس الذي سيدير المناقشات في مجلس النواب، أن من الصعب تسويقه. وليس مطلوبا من الكونجرس الذي يهيمن عليه الجمهوريون، أن يوافق على الاتفاق، لكنه يستطيع عرقلة عنصر مركزي فيه، مثل تعليق العقوبات الأمريكية مقابل الالتزامات الإيرانية. وكان أوباما، أكد أمس أن هذا الاتفاق ليس قائما على الثقة، بل قائم على التحقق، وأن المفتشون سيكونون قادرين على الوصول إلى المنشآت النووية الإيرانية الرئيسية 24 ساعة على 24 ساعة". وسيعقد الرئيس الأمريكي، مؤتمرا صحافيا اليوم، في محاولة لاقناع الرأي العام وحلفاء الولاياتالمتحدة، وبينهم اسرائيل، بإيجابيات هذا الاتفاق. وتأمل واشنطن، بأن تمهد التسوية لتعاون أكبر مع إيران، بخاصة في مواجهة تنظيم "داعش" الإرهابي، الذي يسيطر منذ عام على مناطق واسعة في سوريا والعراق. ويشاطرها وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف هذا الرأي، عبر إعلانه أمس أن الاتفاق يسهل قيام تحالف "واسع" للتصدي للتنظيم المتطرف الذي يعتبر عدوا لإيران الشيعية والغرب على السواء.