يظل الرسول (صل الله عليه وسلم)، قدوة نتعلم من سنته حتى قيام الساعة، ويشير هذا الحديث إلى فضل الكلمة ومكانتها ربما تؤدي بالفرد إلى الجنان أو إلى نار جهنم. قال عقبة بن عامر لرسول الله (صل الله عليه وسلم): ما النجاة يا رسول الله؟ فقال: "يا عقبة أمسك عليك لسانك وليسعك بيتك وأبك على خطيئتك" رواه الترمذي. شرح الحديث: أما قوله (صل الله عليه وسلم): "امسك عليك لسانك" فهي نصيحة منه صل الله عليه وسلم بتقليل الكلام إلا في خير، قال الله تعالى: "ما يَلفظ من قول إلا لدَيه رقيب عتيد"، ق، لما للسان من خطورة، وفي البخاري: "إن العبدَ ليتكلم بالكلمة من سَخط الله لا يُلقي لها بالا يَهوي بِها في جهنم". ويخرج العبد من الإسلام بكلمة يقولها بلسانه كما في الحديث، وكما نص كتاب الله تعالى: "ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وءآياته ورسوله كنتم تستهزءون، لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم"، التوبة. وأما قوله (صل الله عليه وسلم): "وليسعك بيتك"، قال الطيبي: الأمر في الظاهر وارد على البيت وفي الحقيقة على المخاطب، أي تعرض لما هو سبب للزوم البيت من الاشتعال بالله والمؤانسة بطاعته والخلوة عن الأغيار وقيل فى معناه: ارض بما قسم الله لك من الزوجة والولد والرزق والسكن وغير ذلك من متاع الدنيا، وانظر إلى من هو أعلى منك في أمر الدين، وإلى من هو أدنى منك في أمر الدنيا، لئلا تزدريَ نعمة الله عليك. أما قوله (صل الله عليه وسلم): "وابكِ على خطيئتك" فمعناه اندم على ما عملته من الذنوب والخطايا ثم اشتغل بإصلاح نفسك وتهذيبها، فلو اشتغل كل عبد بمراقبة نفسه بدلا من تتبع عيوب غيره لكان في ذلك صلاحه وصلاح أهله وأمته، وأما أن يتتبع العبد عورات المسلمين وعيوبهم وينسى نفسه.