سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
*الخبراء: «التضخم» هزم الدولة والحكومة أصبحت «جزر منعزلة» ماجدة قنديل: المؤشرات خطيرة.. ومعدلات التضخم تؤثر بشدة على «النمو».. و«المركزى» لا يستطيع خوض المعركة منفرداً
أكد عدد من الخبراء أن الدولة فشلت خلال الفترات الماضية فى محاربة مشكلة التضخم واقتلاعها من جذورها عبر القضاء على الأسباب الحقيقية التى تؤدى إلى ارتفاع أسعار السلع الموجودة فى السوق. وعلى الرغم من أن أصابع الاتهام طالت كافة الجهات المعنية بأنها تعمل فى جزر منعزلة، فإن خبراء وجهوا أصبع الاتهام إلى البنك المركزى المصرى فى إدارة السياسة النقدية، لافتين إلى أهمية إعادة هيكلة الموازنة العامة للدولة ومنظومة الدعم وتكاتف جميع الجهات لمحاربة الممارسات الاحتكارية وتوفير السلع فى الجمعيات الاستهلاكية والتنسيق بين السياسات المالية والنقدية لحل أزمة ارتفاع الأسعار ومحاصرة التضخم. قالت الدكتورة ماجدة قنديل، المدير التنفيذى السابق للمركز المصرى للدراسات الاقتصادية، إن المؤشرات الأخيرة تشير إلى انخفاض معدلات التضخم، إلا أنها لا تزال عند مستويات مرتفعة جدا على صعيد السوق المحلية مقارنة بالمستويات والمعايير العالمية المقبولة. وأضافت أن انعكاسات القوى الشرائية أثرت بشكل حاد على معدلات نمو التضخم خلال الفترات الماضية، وتحديدا فترة ما قبل الثورة حيث تخطى حاجز ال10%، فيما يبدو معدلاته متواضعة بعد الثورة نتيجة انكماش وتراجع النشاط الاقتصادى بشكل كبير. وأضافت أن البنك المركزى فشل فى محاربة التضخم منذ أن أعلن صراحة فى عام 2004 أن محاربته على قائمة أولوياته، مشيرة إلى أن آليات السياسة النقدية وحدها لا تكفى للقضاء على الأسباب الجوهرية لارتفاع الأسعار ومن ثم زيادة معدلات التضخم فى السوق المحلية. وأشارت إلى أن ارتفاع حجم الواردات المصرية وارتفاع نسبة المشتريات من المنتجات المستوردة ساهما فى زيادة مستوى أسعار السلع، بخاصة فى ظل ارتفاع سعر صرف الدولار والعملات الرئيسية الأخرى مقابل الجنيه خلال الآونة الأخيرة. وعلى مستوى سعر الفائدة فى محاربة التضخم، قالت «قنديل» إن «لجنة السياسة النقدية لدى البنك المركزى تجتمع بشكل دورى للبت فى تحديد مستوى أسعار الفائدة على «الكوريدور» -سعر الفائدة على الإيداع والإقراض لدى البنك المركزى لليلة واحدة، وهو سعر استرشادى للبنوك العاملة فى السوق- وتأخذ فى اعتبارها هدفين أساسيين من الصعب تحقيقهما فى آن واحد، وهما دفع عجلة النشاط الاقتصادى بخفض سعر الفائدة لزيادة معدلات التمويل المحلى ومن ثم زيادة معدلات الاستثمار والإنتاج، فيما يتم دعم الهدف الثانى عبر تخفيض سعر الفائدة لسحب السيولة من السوق، وبالتالى خفض الطلب لتخفيض مستوى الأسعار ومن ثم التضخم بشكل عام. وتابعت أن البنك المركزى يحدد أولوياته خلال كل مرحلة وفقا للظروف السوقية التى يمر بها الاقتصاد، مشيرة إلى أنه فى الوقت الحالى يتبع منهجية تثبيت سعر الفائدة خوفا من ارتفاع الأسعار والتضخم من ناحية، وبطء النشاط الاقتصادى من ناحية أخرى. وأضافت أن اتجاه المركزى لتشكيل لجنة تنسيقية تجمع الجهات المختصة بمحاربة الأسباب التى تؤدى إلى ارتفاع الأسعار، يتفق مع احتياجات الدولة فى الوقت الحالى، مشيرة إلى أن البنك المركزى لا يستطيع وحده محاربة التضخم. وأضافت أن وضع آليات عمل تلك اللجنة أهم من تحديد الأسباب نظرا لأن المشكلة تحتاج إلى تنفيذ حقيقى على أرض الواقع وليس مجرد تحديد المشكلات وأسبابها فقط، وأن أهم ما يجب أن تأخذه اللجنة فى الاعتبار هو الارتباط بالسياسة النقدية، كما يجب أن تكون لدى البنك المركزى قدرة على تحديد مواطن المشكلات بالإضافة إلى المبادرة إلى المسئولين فى الجهات المختصة لتنفيذ القضاء على الأسباب التى تؤدى إلى ارتفاع الأسعار. وأشارت إلى أن البنك المركزى استهدف التضخم من خلال دعم سعر الجنيه مقابل الدولار خلال الفترات الماضية، مما كلف الدولة خسائر كبيرة فى الاحتياطى النقدى الأجنبى. وتابعت: «على الرغم من أن اللوم لا يمكن إلقاؤه على كاهل البنك المركزى وحده نظرا لأن استهداف التضخم يحتاج إلى منظومة عمل تشارك فى تنفيذ توصياتها كافة الجهات المختصة، فإنه يعد جزءا مهما ورئيسيا فى المنظومة المتكاملة». من جهتها، قالت بسنت فهمى، الخبيرة المصرفية، إن «حل مشكلة التضخم يكمن فى تشجيع الدولة على الاستثمار والإنتاج فى السوق المحلية لزيادة المعروض من السلع المحلية، وبالتالى خفض أسعارها»، لافتة إلى أنه يجب أن تتجه السياسة النقدية من جانبها إلى تخفيض سعر الجنيه ورفع سعر الفائدة. وأشارت إلى أن خفض قيمة الجنيه لن يدفع الأسعار إلى الارتفاع إذا ما تم ذلك فى إطار منظومة متكاملة تستهدف تطوير الإنتاج المحلى وزيادته وهيكلة الدعم ليصل إلى مستحقيه وتقليص عجز الموازنة العامة ومحاربة الممارسات الاحتكارية وتوفير السلع الغذائية بأسعار مدعومة فى الجمعيات الاستهلاكية، إلى جانب دور المركزى فى إدارة السياسة النقدية لكى يمكن السيطرة على التضخم وتطوير مستوى الدخل وتوفير فرص العمل. وأضافت أن الجمعيات الاستهلاكية لا تعمل كما يجب والدعم لا يذهب إلى مستحقيه، وبالتالى المنظومة بأثرها تحتاج إلى إعادة هيكلة لتحقيق الأهداف الاقتصادية، ويجب أن يكون هناك تنسيق بين السياسات المالية والنقدية بما يدعم اقتصاد الدولة، وألا تعمل كل جهة فى جزيرة منعزلة عن الأخرى. وأشارت إلى أن دعم الجنيه مقابل العملات الأخرى يعظم من اعتماد الدولة على الواردات على حساب الإنتاج المحلى، وحل تلك المشكلة يحتاج إلى إعادة النظر فى السياسة النقدية وأن تتسم بمرونة وشفافية أكبر.