"زوبة المرجيحة" .. هي كل ما يملكه "سالم" في الحياة، فهي تعد مصدر رزقه الوحيد بعد أن ورثها عن والده، ومصدر تعبه وإرهاقه أيضاً بعد إزالتها في حركة الإشغالات الأخيرة في منطقة الزهراء بمصر القديمة أثناء عمله. سالم أحمد، سريح بمرجيحة "زوبة" في شوارع "زهراء مصر القديمة" تحديداً، فقدها وفقد معها البهجة التي كان يعيشها مع أطفال منطقته، بالضحكات التي يسمعها منهم وتجعله ينسى ألمه ومعاناته التي تركت آثارها على ملامح وجهه المهموم. "راحت زوبة وراحت معاها الضحكة الحلوة"، بصوت مخنوق، قالها الرجل الأربعيني، ومشهد إزالة المرجيحة "زوبة" كما يسميها سالم عالق في ذهنه، "بقالي 15 سنة بقف عليها من أيام ما كنت بنزل مع أبويا وأساعده، لكن زوبة بقالها في المنطقة أكتر من 20 سنة بتفرح العيال، واتربيت وكملت تعليمي منها وعايش من خيرها من بعد موت أبويا". برغم فرحة "سالم" من ضحكة الأطفال وبهجته التي يستمدها من سعادتهم أثناء اللعب، إلا أنه كان يتعب كثيراً وتنتابه آلام شديدة بسبب دفع حمل المرجيحة الثقيل بيديه، خاصة أنه مصاب بالسكر، "كنت بتعب طبعاً بس لما كنت بشوف الأطفال مبسوطين كنت بنسى الدنيا، وكنت عامل سعر لكل طفل على حسب سنه ومقدرته، يعني اللي ببقى عارف إنه ابن ناس مبسوطين كنت بدفعه الجنيه كله تمن اللعبة، لكن الأطفال اللي ببقى عارف إنهم غلابة مكنتش باخد منهم فلوس ولو دفعوا مبدفعهمش أكتر من ربع جنيه، عشان كده العيال دايماً كانت تركب عندي في الدراسة والأجازة وبيحبوني جداً وهما بيهونوا عليا التعب". "مش عارف أرجعها ولا عارف أشتغل أي شغلانة من بعدها"، هكذا حال "سالم" بعد إزالة "زوبة" المرجيحة التي يمتلكها في الدنيا، حاول كثيراً إرجاعها ودفع الغرامة لكن محاولاته باءت بالفشل، "زوبة أبويا هو اللي سماها واتعرفت وسط العيال بمرجيحة زوبة في المنطقة، وعلى قد ما كانت وشها حلو علينا بس تعبتني جداً لما كنت أعرف إن البلدية ماشين في المنطقة ومعرفش أخبيها فين من كبرها، وكل مرة ربنا كان بيسترها معايا، لكن آخر مرة أخدوها مني ومن يومها مش عارف أرجعها ولا لاقي شغل أعيش منه".