ماللسيد وزير الثقافة وجسد موظفة موقرة بوزارته؟ لماذا يعيرها بسمنتها إن كانت أو لم تكن كذلك؟ لم يبد استنكاره ويعلن أن له مشكلة مع البدينات؟ مالها وما لنا وما للسامعين بعقده الخاصة وشكاواه الذاتية؟ هل لو كانت تلك الموظفة رئيسته فى العمل أو حرم أحد رؤسائه كان سيبدى لها تلك الملاحظة ويبثها نفس الشكوى أو يهزر معها كما يقول بنفس الطريقة أمام الجميع بعد حملة استنكار لفعله! لا أتصور ذلك أبداً، إنه يعى تماماً ما فعله وصدر عن مشاعر صادقة ومتكيفة مع ثقافته. فقد مارس السيد الوزير ذو الثقافة الأزهرية الدينية نفس ما مارسه وزير الإعلام الإخوانى ذو الثقافة الدينية أيضاً مع إحدى المذيعات حين وصف أسئلتها بأنها ساخنة مثلها، وحين تعرض لإحدى الصحفيات حين طالبها أن تأتى له ليقول لها! ثم صدر تصرف مماثل يتعامل مع المرأة بنفس المنطق حين تعرض الشيخ محمد سيد طنطاوى لتلميذة بإحدى المدارس بعدما أجبرها على خلع النقاب ووصفها بالدميمة. إن هذه المواقف الثلاثة تكشف تعامل ثلاثة من المسئولين ذوى المناصب الرفيعة من خلفية ثقافية واحدة، وإذ يتعلق موضوع عملهم بالأخلاق فقد تصرفوا بطريقة غير أخلاقية وساعدتهم مواقعهم فى السلطة للإساءة لمواطنات، واتسمت طريقتهم بالتمييز الجنسى واتخاذ نوع الجنس وسيلة للضغط وفرض الرأى وإبداء المشاعر رفضاً وقبولاً فى أمور عملية وموضوعية. تعامل الثلاثة الموقرون مع المعنيات من منطلق أنهن جسد (بدين دميم ساخن قابل لدعوة ذات إيحاء جنسى) وهم قد أبدوا رأيهم وعبروا عن مشاعرهم تجاه هذه الأجساد فمنهم من استاء واكتفى كالشيخ طنطاوى، ومنهم من طالب بالتخسيس والتخلص من السمنة كما فعل السيد الوزير النبوى، ومنهم من أبدى استحساناً وإثارة كالوزير الإخوانى المشار إليه. وهكذا فالثلاثة سلطويون ذوو الثقافة المحدودة سبقتهم مشاعرهم وفضحتهم فى كلماتهم وسلوكهم وتركيزهم فى جانب شخصى غير موضوعى وغير متعلق بالعمل فى علاقتهم مع مرؤوسيهم من النساء، ويحمل الثلاثة، نتيجة ثقافتهم الواحدة، مشاعر عداء تجاه المرأة وتجاه عملها وحريتها، فضلاً عن أنهم يتولون مناصب سياسية بينما لم يسبق لهم العمل بالسياسة الذى يصقل الأفراد ويدربهم على كيفية التعامل والتكلم والموضوعية، ويخلصهم أيضاً من التفكير فيما قد يسبب لهم حرجاً أو إساءة. لقد كشف اختيار وزير الثقافة عن غير توفيق وحكمة كما اتضح أيضاً من تصريحات سابقة أدلى بها تتعلق بالرقابة وبالأخلاق والدين! ولكن يبدو أن الاختيارات وترجيح شخص على آخر لوزارة ما تتم وفق أجهزة الأمن، كما قال السيد مصطفى الفقى فى حوار أخير ب«المصرى اليوم» واستنكره، إن مثل هذه الاختيارات غير السياسية كشفت وتكشف عن مزيد من التقهقر والتراجع فى مجالات العمل وعلاقات الدولة بالمجتمع وبالمواطنين مما يكرس التخلف وقلة الإنتاج وخفة الإنجاز. وبينما أبلغت الرئاسة تقديرها لمراسلة تليفزيونية كانت تحمل طفلتها أثناء العمل وإذاعة تقرير! والسؤال كيف يكون حال هذا العمل لو أن الطفلة بكت أو فعلت ما يصرف النظر عن العمل أو يوقفه؟ إن للعمل قدسيته ومالا يمكن تعميمه على سائر المواطنات فى أماكن العمل يجب ألا تمتدحه الرئاسة إن فعلته مواطنة لافتة، لأنه يأخذ شكل الدعاية العاطفية التى لا تخدم الإخلاص فى العمل الذى تدعو إليه، هذا فى وقت تجاهلت الرئاسة ما تعرضت له مواطنة أخرى أثناء العمل من وزير يمثل الرئاسة والدولة كلها. إننا نحيى شجاعة الموظفة التى رفضت اعتذار الوزير تليفونياً ونطالبه معها باعتذار علنى أو تقديم استقالته ليكون ذلك بداية للتعامل بالموضوعية ومنع التمييز وباللياقة والاحترام الواجب إعلاء لقيمة وضرباً لمثل.