«المستريح» اسم الشهرة لشخص وجّه إليه عدد من المواطنين تهمة النصب عليهم والاستيلاء على أموالهم، ليتولى توظيفها لهم، نظير أرباح يقبضونها أول كل شهر، مع الاحتفاظ بأصل ما دفعوه بعيداً عن النحر والتآكل! مؤكد أن أغلب من قرأوا خبر «المستريح» استدعوا من ذاكرتهم عشرات الأمثلة لعمليات نصب شبيهة ما زالت تتواصل حلقاتها، منذ ظهور شركات توظيف الأموال فى الثمانينات وحتى الآن، وربما تساءل بعضهم: كيف يمكن أن ينخدع عدد من المواطنين بهذه الطريقة ويتم نصب نفس السيرك لهم بذات الطريقة فى كل مرة، ليضعوا أموالهم فى أيدى النصابين؟ ولو أنك تأملت قليلاً اسم الشهرة الذى خلعه المتهم الأخير على نفسه «المستريح» فربما ظفرت ببعض الأسباب التى تدفع ب«المصرى» إلى الوقوع فى نفس الفخ كلما تم «نصبه»! بعض المصريين يحبون «القرش المريح.. اللى ييجى ع المستريح»، دون أن يتطلب منهم بذل جهد، لذلك تجدهم يميلون إلى «التحويش» فى البنوك وانتظار الفوائد أكثر مما يجنحون إلى الاستثمار، ولو أنك راجعت حجم ودائع المصريين فسترى عجباً، فقد بلغت قيمتها منذ بضعة أيام 1593 مليار جنيه! ومع عظم هذا المبلغ لك أن تتخيل التحولات الهائلة التى يمكن أن يشهدها الاقتصاد المصرى إذا تخلى المصريون عن فكرة «التحويش» وانطلقوا إلى الاستثمار و«زقّ بعضهم البعض». بالطبع هناك صعوبة فى أن يحدث ذلك، لأن الاستثمار يتطلب فكراً وجهداً وإنتاجاً، وهو أمر لا يطيقه البعض، ممن يؤثرون «الترييح»، من أجل هؤلاء يوجد «المستريح» وأمثاله! «المستريح» يعلم ميل البعض إلى «الأنتخة»، وعشق المكسب السهل والسريع، وحولهم ينصب شباكه، فكل «مستريّح» لا بد له من مواطن «مريّح»، لديه «شوية فلوس» ويريد لها أن تربو وتزيد، وتوفر له دخلاً شهرياً يغنيه عن العمل، وإرهاق الذهن والبدن. وشبكة «المستريح» صيادة، وقادرة على التقاط فرائسها بسهولة ويسر، لأنها ببساطة مغزولة ب«الاحتراف». وأول خيوطها أن يظهر النصاب فى مظهر الشخص «المستريح»، أى الذى يملك المال الذى يغنيه عن نهب مال الآخرين، ففى يد هذه النماذج يضع البعض أموالهم دون تفكير. فهل يُعقل أن يسرق صاحب «اللبس الشيك» المستورد و«النضارة الشمس» المنتمية لأحدث خطوط «الموضة»؟! يتصور البعض أن «المستريح» لا ينصب ولا يسرق، رغم أن أغلب لصوص العصر من «المستريحين»! الخيط الثانى فى الشبكة يتمثل فى «الجاه والنفاذ»، ولا جاه فى مصر يعدل جاه الانتماء للحكومة، وليس أقدر على النفاذ فى نظر المواطنين من «الشخص المتصل» بالحكام. ذلك أمر استوعبه «المستريح» جيداً، لذلك استعان فى نصب شباكه حول «فرائسه» بعدد من الصور التى تجمعه مع بعض مستشارى الرئيس، لست أعلم هل هى صور حقيقية أم «تركيب»، وأياً كان الأمر كان لهذه الصور تأثير السحر على «المريحين»، فظنوا «المستريح» أحد «الواصلين»، ممن يمكن أن يضع المرء ماله فى أيديهم، دون خوف أو قلق، بل ويطمئن إلى أنها ستزيد عنده فى أمان، كيف لا والرجل وثيق الصلة ب«كبرات البلد»؟ هكذا يسلم «المريح» نفسه ل«المستريح»، حتى يستيقظ على الحقيقة المرة وتقرع أذنه جملة «العوض على الله يا مريح»!