شوارع امتلأت بالنازحين الذين افترشوا الطرقات للاحتماء بها من بطش الاحتلال الإسرائيلي، وامتلأت الطرق بجثامين الشهداء التي فاضت عن طاقة القبور، فلا يوجد متسع لأي شيء فالأقدام تتزاحم وفي بعض الأوقات المشي على القدمين يكون أسرع من السيارة من شدة التزاحم. هكذا بات المشهد للسائر على قدميه في شوارع غزة، وتحديدا مدينة رفح الفلسطينية التي فر إليها الآلاف من النازحين للاحتماء بها من قصف الاحتلال، حسب رواية الطبيب الغزاوي صالح الهمص، أثناء زيارته لبيته لأول مرة منذ اندلاع الحرب على غزة في السابع من أكتوبر الماضي، «أول مرة أخرج للشارع من وقت الحرب، الشوارع أصبحت خيم إيواء ومقابر»، حسب تعبيره. خيام في الشوارع الجانبية يصف الدكتور صالح مشهد النازحين في الشوارع، بأنهم يبيتون في خيام من النايلون في كل مكان بالمنطقة الغربية بشكل خاص ورفح بشكل عام، وحسب روايته ل«الوطن» مشهد الزحام يذكرني بالناس في أيام الحج فلا يوجد متسع لأي شئ، حتى المدارس امتلأت بالنازحين والناس تبحث عن الدفئ فتستعمل الحطب وتقص الأشجار من الشوارع للتدفئة كالعصور البدائية، حسب روايته. في كل بيت شهيد المدينة يملأوها البؤس وفي كل مكان قصة معاناة، في كل بيت شهداء وجرحى، رائحة الموت في كل مكان، يقول الهمص في وصف المشهد« مدينة رفح الفلسطينية في غزة تعداد سكانها تقريبا ربع مليون نسمة الآن بها أكثر من مليون نسمة من النازحين». فوجئ الطبيب الغزاوي في أول يوم أجازة له منذ اندلاع الحرب في غزة، بارتفاع شديد في أسعار السلع- إن وجدت- مع ندرة أصناف كثيرة من الأطعمة، «اسأل الله العون لكل نازح يواجه البرد في خيمة نايلون لا تسد عنه البرد ولا شراب ساخن»، حسب تعبيره.