ضم مخيم اليرموك اللاجئين الفلسطينيين، في بداية الثورة السورية الأسر السورية، التي فرت من قصف النظام السوري للمتظاهرين في البداية، وتطورت الأحداث مع صعود التنظيمات المتطرفة في المشهد السوري. وشكل المخيم رئةً للنازحين والمطاردين، إلى جانب نصف مليون من الفلسطينيين، الذين كانوا يسكنون المخيم. كما لعب دورًا إنسانيًا، بعيدًا عن السياسة أو الاشتباك مع أي من الأطراف المتنازعة، وقامت الهيئات الأهلية وتجمعات شباب المخيم بدور مهم في هذا الجهد الإغاثي. ففي عام 2012 مع بدء اشتباكات كتائب المعارضة المسلحة مع قوات النظام السوري التي دخلت في نطاق المخيم، تشكلت بعض اللجان الشعبية من بعض الجهات السياسية التي تسكن المخيم، وتدخلت في الاشتباكات هي الأخرى مع رفض غالبية أهالي المخيم لهذا التصرف؛ ما أدى إلى تصاعد القتال بين المعارضة والنظام الذي عمد إلى استخدام الأسلحة الثقيلة لقصف مناطق بالمخيم. وأعلنت بعض الفصائل المعارضة عن سيطرتها على أجزاء من المخيم؛ ما أدى إلى اشتداد القصف المدفعي على مبانٍ داخلية. وتعاونت قوات من الجيش السوري بالتعاون مع بعض الشبيحة بفرض حصار على المخيم بشكل كلي، ومنعوا دخول جميع المواد الغذائية لأكثر من 20 ألف لاجئ فلسطيني من سكان المخيم، حتى إن قرابة 100 لاجئ من المخيم ماتوا بسبب الجوع، أكثرهم من الأطفال وكبار السن. وبلغ عدد شهداء الجوع والحصار في المخيم نحو 154 شخصًا حتى 26 يوليو من العام الماضي 2014، وتزايدت أعداد الوفيات جراء الحصار مطلع هذا العام، ليصل إلى أكثر من 200 حالة وفاة، ولا يزال الحصار مستمرًا. وتشكلت مجموعة مسلحة داخل المخيم تسمى أكناف بيت المقدس، تابعة لحماس، كلجنة شعبية داخل المخيم لضبط الأمور الأمنية المتدهورة بداخله، والدفاع عنه أمام أي اشتباكات تأتي من خارجه. وتتمركز قوات للتنظيم "داعش" في مناطق من المخيم في منطقة الحجر الأسود بعد السيطرة عليها، وطرد قوات النظام منها، فيما هاجمت مجموعات مسلحة من التنظيم المخيم بشكل مفاجئ، ووقعت مناوشات مع قوات أكناف بيت المقدس بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة في البداية، حتى أرسل تنظيم "داعش" تعزيزات مرت إلى داخل المخيم. وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان وقوع اشتباكات عنيفة، منذ عدة أيام، بين عناصر التنظيم من طرف، ومقاتلي أكناف بيت المقدس من طرف آخر في الشوارع الواقعة عند أطراف المخيم، لافتًا إلى معلومات مؤكدة عن تقدم للتنظيم في المخيم. وتبادل أنصار تنظيم "داعش" على مواقع التواصل الاجتماعي، مساء أول أمس، التهاني والتبريكات بحفل قطع الرؤوس في مخيم اليرموك بسوريا، بعد أن سيطر التنظيم على أغلب أجزائه. وأظهرت صور بثها أنصار التنظيم على موقع "تويتر" لرأسين مقطوعين لرجلين يتهمهما التنظيم بالردة، يعود أحدهما لناشط من "حماس" في المخيم. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن تنظيم "داعش" حتى مساء السبت، بسط سيطرته على 90% من مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين على مشارف دمشق. في سياق متصل، اتهمت كتائب "أكناف بيت المقدس"، رسميًا ولأول مرة منذ بدء أحداث مخيم اليرموك قبل 4 أيام، تنظيم جبهة النصرة، فرع القاعدة في سوريا، بمشاركة تنظيم الدولة في الهجوم على مقراتها داخل المخيم، ومحاولة اقتحامه بالقوة. وأصدرت الأكناف، بيانًا مساء أمس جاء فيه: "يتصدى إخوانكم في كتائب أكناف بيت المقدس للهجوم البربري الذي يتعرض له مخيم اليرموك منذ 4 أيام من قبل تنظيم "داعش" المجرم، وبمشاركة من جبهة النصرة، وبتواطؤ بعض الفصائل الأخرى". وبرر تنظيم جبهة النصرة قطعه طرق الإمداد على الفصائل التي قدمت إلى مخيم اليرموك بهدف القتال بجانب كتائب "أكناف بيت المقدس" ضد تنظيم "داعش" بوجود فصيل "شام الرسول" بينها، وهو الذي طرد "النصرة" قبل أسابيع من منطقة "بيت سحم" في دمشق، وأسر عددًا من مقاتليها عقب توقيعه مصالحة مع النظام السوري. وأكدت "الأكناف" مضي مقاتليها في قتال تنظيم "داعش" ومن سانده، وأضاف البيان: "أننا في كتائب أكناف بيت المقدس ندافع الآن عن عاصمة الشتات الفلسطيني، تأدية لواجبنا وذودًا عن دماء شعبنا الذين ما خرجنا إلا لرد الظلم عنهم، ونبذل دماءنا رخيصة في سبيل ذلك". وتابع البيان: "وإننا ننفي الأنباء التي تتحدث عن استسلام أي من مجاهدينا، ونؤكد أننا صامدون في مخيم اليرموك حتى تطهيره من أيادي الظلم والطغيان بإذن الله". ودعا البيان جميع الفصائل المسلحة في جنوبدمشق إلى "التحرك بشكل عاجل وفوري لاستئصال هذا السرطان الأسود الذي يثخن في منطقتنا طغيانا وظلمًا"، في إشارة إلى تنظيم "داعش" الذي يتقدم داخل المخيم، وفقًا لعدة وكالات أخبار عالمية.