الحب ليس روايةً شرقيةً بختامها يتزوَّجُ الأبطال.. لكنه الإبحار دون سفينةٍ وشعورنا أن الوصول محال.. لم تستطيعي، بَعْدُ، أن تَتَفهَّمى أن الرجال جميعهم أطفال".. كلها كلمات رقيقة شكَلت وجدان الكثيرين، من منا ينسى قصائد الرائع "نزار قبانى"، الذي تحل ذكرى ميلاده، اليوم، وقد وصفه النقاد بأنه "مدرسة شعرية وحالة اجتماعية وظاهرة ثقافية فريدة"، حيث يعد نزار "شاعر حقيقي له لغته الخاصة، إلى جانب كونه جريئًا في لغته واختيار موضوعاته". في حيّ "مئذنة الشحم" وُلد قبانى وشبّ وترعرع في دمشق القديمة، وبحسب ما قال نزار في مذكراته، فقد ورث القباني من أبيه ميله نحو الشعر، كما ورث عن جدّه حبه للفن بشكل مختلف. فبدأ بكونه خطّاطاً تتلمذ على يد خطّاط يدويّ ثم اتّجه للرسم وما زال يَعشقُ الرسم حتّى أن له ديواناً يُسمّى الرسم بالكلمات،ومن ثم شُغف بالموسيقى، وتعلّم على يد أستاذ خاص العزف والتلحين على آلة العود، لكنّ الدراسة خصوصًا خلال المرحلة الثانوية، جعلته يعتكف عنها، ثُمّ استقر في النهاية على كتابة الشعر. من أشهر أعماله، قصائدة الغنائية التى كان يكتبها للعديد من الفنانين العرب ومنها، قارئة الفنجان" للعندليب الأسمر، "زيدينى عشقًا" لكاظم الساهر، وله العديد من الدواوين من أشهرها "يوميات امرأة لا مبالية"، "كل عام وأنت حبيبتي". وهكذا بعد أن عًلم قبانى الكثيرين معنى الحب، وأثر فيهم بقصائده العذبة وأسلوبه السهل البسيط الذى يصل إلى القلب مباشرة، رحل نزار عن عالمنا في أبريل عام 1998، حيث كان يعانى من تردى أوضاعه الصحية، وقد توفى بسبب أزمة قلبية فى لندن، وكتب فى وصيته قبل الوفاة: "أتمنى أن يتم دفنى فى دمشق، فهى الرحم الذي علمني الشعر الذي علمني الإبداع والذي علمني أبجدية الياسمين". وتم دفن قبانى في "باب صغير"، بعد أربعة أيام من كتابته وصيته، بعد جنازة حاشدة شارك فيها مختلف أطياف المجتمع السوري إلى جانب فنانين ومثقفين سوريين وعرب.