«ارتفاع سعر المازوت خرب بيوتنا»، ستسمع هذه الصرخة كلما تحدّثت مع أحد أصحاب مصانع الطوب فى الغربية، أو أى من العاملين فيها، فالمحافظة التى كانت يوماً قلعة صناعة الطوب فى مصر، لم تعد تجد الوقود الكافى للاستمرار فى الإنتاج، وحتى عندما وجدته، حرقت أسعار الوقود أصحاب المصانع، فأصبح الطريق الوحيد أمامهم هو إغلاقها، وتسريح عمالها. من كفر الزيات غرباً إلى زفتى شرقاً، توقفت أبراج الطوب عن إطلاق دخانها، عدا القليل منها، التى تعمل على «استحياء»، ووفقاً ل«مزاج» شركات البترول المتعاقد معها على توريد المازوت إلى تلك المصانع البالغ عددها 6 آلاف مصنع، حسب مصادر فى جهاز شئون البيئة، أشارت إلى أن «20% منها لم تقنن أوضاعها البيئية، وأهمها ألا يقل ارتفاع المدخنة عن 80 متراً، حيث يعمل بعضها بمداخن ارتفاعها 45 متراً فقط». ويقول صاحب أحد المصانع فى كفر الزيات، محسن الدسوقى، إن «صناعة الطوب تواجه العديد من العقبات، التى أدت إلى توقف معظم المصانع خلال الأعوام الماضية، بعضها نجح فى فتح أبوابه مجدداً، والبعض الآخر ما زال مغلقاً، لعدم توافر المازوت، وعدم الحصول على حصة ثابتة منه، وترك شركات البترول لنا فريسة للسوق السوداء». وأضاف أن «المصانع تعانى أيضاً من تراكم الضرائب الجزافية عليها، وارتفاع أسعار مكونات الإنتاج وفواتير الكهرباء، بالإضافة إلى عدم وجود قوانين منظمة للعمل، مما يثير مخاوف أصحاب المصانع والعمال من استمرار تدهور الصناعة، وتوقف مزيد من المصانع عن العمل، مما يعنى المزيد من الخسائر، وتسريح العمال». ويشير «إبراهيم الصاوى»، صاحب مصنع آخر، إلى أن «سعر طن المازوت الذى تعتمد عليه الصناعة وصل إلى 2500 جنيه»، موضحاً أن «المصنع يستهلك فعلياً 40 طناً فى الأسبوع الواحد، لحرق 400 ألف طوبة، ورغم ذلك لا تجده، وأصبحنا نحصل عليه من أسيوط، بعد إغلاق شركات المازوت فى طنطا والإسكندرية، ونضطر أحياناً إلى استخدام أسطوانات البوتاجاز فى بعض الأحيان، وعندها يتم تحرير محضر تموين، يعنى الدولة لا توفر لنا المازوت ولا تتركنا نتصرّف». وأكد أن هناك أصحاب مصانع طوب لا يعرفون ما إذا كانت الكميات الواردة إليهم من المازوت عن طريق مقاول شركة البترول، هى المخصصة للمصنع، أم أنها قادمة من السوق السوداء، موضحاً «نحن ندفع ما يطلبه المقاول فى صمت، ولا نعلم السعر الحقيقى للمازوت فى الشركة، وأحياناً نضطر إلى شراء الزيت المحروق، الذى يُستخدم كبديل للمازوت، ويصل سعره إلى 2250 جنيهاً للطن، وأحياناً يرتفع إلى 2400 جنيه». من جهته، شكا محمد النجار، صاحب مصنع فى زفتى، من ارتفاع فواتير الكهرباء التى يضطر أصحاب المصانع إلى دفعها، وتتخطى أحياناً ال30 ألف جنيه شهرياً، مشيراً إلى أن انقطاع الكهرباء يكبّدهم خسائر فادحة بسبب توقف الإنتاج، بالإضافة إلى معاناتهم من ارتفاع سعر متر «الطفلة» المستخدمة فى صناعة الطوب إلى 50 جنيهاً، مما يؤدى إلى خسائر كبيرة، وتراكم الديون على أصحاب المصانع، الذين يضطرون إلى إغلاقها وتسريح العمال، مثلما حدث فى قرية سنباط، التى شهدت إغلاق 11 مصنعاً خلال العام الماضى. وأشار إلى أن «عدد المصانع فى مدينة زفتى وحدها يصل إلى 4 آلاف مصنع، فى كل واحد توجد عمالة تقدر ب190 عاملاً، 70% منهم مؤمن عليهم، والباقى عمالة موسمية، مما يجعل العاملين فى هذه المصانع بالآلاف، وسيؤدى إغلاق هذه المصانع إلى تهديد أسر تلك العمالة». من جهته، قال عماد حنفى، مقاول توريد المازوت، إن «الحصة المخصّصة لكل مصنع تغطى نسبة تتراوح بين 25 و50% من احتياجاته، مما يضطر أصحاب المصانع إلى استكمال الكمية المطلوبة من الزيت المحروق والسولار»، فيما أكد عبدالسلام ناصف، صاحب مصنع، أنه توقف عن العمل لمدة عام، سرّح خلاله العمال، ولم يدفع تأميناتهم، بسبب تراكم الديون عليه، موضحاً أنه أعاد فتح المصنع بعد تنصيب الرئيس عبدالفتاح السيسى، وأكد أنه «فى حالة عدم استجابة الدولة لنا بتوفير الغاز الطبيعى أو المازوت، فمن الممكن أن تتوقف العديد من المصانع الأخرى». وحذر «الصاوى عبدالحافظ»، صاحب أحد المصانع، من أن «نقص المازوت والسولار، وارتفاع أسعارهما إلى الضعف، يدفعنا إلى استخدام أسطوانات البوتاجاز غير الآمنة، حيث أدت إلى انفجارات فى مصانع عديدة»، مؤكداً أن «الأفضل هو استخدام الغاز الطبيعى الأكثر أماناً، والأقل ضرراً على البيئة»، وطالب المحافظة ومسئولى «البيئة» و«البترول» بإدخاله إلى المصانع فى أسرع وقت. من جهته، أكد أمين رابطة مصانع الطوب فى الغربية «جمال عياد» أحد أصحاب المصانع، أن «حل الأزمة لا يتوقف على توفير المازوت فحسب، لأن أصحاب المصانع يتعرّضون لخسائر مادية بسبب الضرائب الجزافية عليهم، وارتفاع أسعار مكونات الإنتاج، وفواتير الكهرباء»، مشيراً إلى أن «المحافظ سعيد مصطفى كامل، تدخل لتوفير المازوت بعد الإعلان عن إغلاق المصانع لأبوابها، والتجمهر أمام ديوان عام المحافظة، حيث طلبوا عقد اجتماع معه، وتقرر بالفعل عقده الخميس المقبل».