■ شعرت من قبل بالإهانة؟ ■ توسلت إلى أشخاص لمجرد السماح لك بزيارتهم أو حتى إلقاء نظرة عليهم؟ ■ دفعت دم قلبك أبلكيشن وطلبات؟ ■ دفعت دم قلبك تانى تدريب وتأهيل لك ولطفلك ولزوجك على مهارات المقابلة وملء الأبلكيشن بالإنجليزية؟ إذا فعلت هذا، كله أو حتة منه، فأنتِ أم مصرية أصيلة، خُضتِ رحلة البحث عن مدرسة لابنك، وقررتِ أن تعانى فى هذه الرحلة مخاضاً لا يقل عن مخاض ولادة هذا الصغير، الذى تبحثين له عن مدرسة، تحمى مستقبله المغبون الغامض من كوارث التعليم «النص كُم»، وما أكثره فى هذا البلد، وتضمن له -من وجهة نظرك- وظيفة ودخلاً ومستقبلاً. فى هذا السياق الأقاويل كثيرة، والادعاءات أكثر، والشعارات كلها تتحطم مع أول جولة فى أول مدرسة، لمجرد الاختيار بين التعليم الحكومى والخاص بدرجاته، من اللغات إلى التجريبى ثم الناشونال أو الإنترناشونال، فكل من يتحدث عن مجانية التعليم فى مصر سيكتشف أن حديثه مجرد كلام مرسل لا أساس له، وهو يسدد بإرادته 500 جنيه -لا ترد- قيمة ورقة لا قيمة لها تضم بيانات الطفل وأبويه ومؤهلاتهما، يرتعش وهو يقدمها، ترتجف يداه وهو يملأ بياناتها، جالساً أمام مدرسة تتفحصه بعناية وكأنها تنتقى عريساً أو عروسة، وتطلع فيه القطط الفاطسة، إلى أن تعطيه الجواب النهائى «ابنك مقبول، أو مرفوض». كل من يدّعى أن التعليم الحكومى هو من أفرز أجيال العمالقة مثل زويل ومحفوظ ويعقوب وغيرهم، سيعرف أن معلوماته عن هذا التعليم توقفت فى حقبة زمنية مر عليها قرن من الزمان، حين يشاهد بعينيه مستوى هذه المدارس سواء الفصول المتهالكة أو المدرسين، ممن يهددون الطلبة بأعمال السنة من أجل الدروس، أو يهددونهم «اللى مش هيجيب هدية عيد الأم ما يدخلش الفصل من الأساس»، ليكتشف أنه مطالب فى مارس من كل عام دراسى، بهدايا للمدرسات وعاملات النظافة وكل أنثى مرت على نجله فى سنوات دراسة هى الأسوأ على الإطلاق. كل من يرفع شعار أن الطفل المصرى من أذكى أطفال العالم، سيتحطم شعاره أمام طفل لا يحفظ من كل ما يتلى عليه من أناشيد وأدعية وآيات قرآنية سوى المقطوعة الموسيقية الفريدة «عبّيله وادّيله»، يرددها بفرحة وتناغم كمن يردد نشيد بلادى بلادى، ويفخر بحفظها لحناً وكلمات، ويعبر عنها راقصاً وكأنه أوكا وأورتيجا، يشعر حينها الأب والأم أن مجهودهما وكل الذل الذى تحملاه فى سبيل هذا الصغير، راح هباءً والسبب «إعلانات التليفزيون». كل هذا والوزير -أى وزير للتعليم بالمناسبة- يتابع عن بُعد معركة التقديم السنوية فى المدارس، يساير الشكاوى المتكررة من أولياء الأمور بتصريحات نافية لزيادة المصروفات، تاركاً ولى الأمر فريسة «قدر أحمق الخطا» إما أن يقبل الحكومى بكوارثه، أو يخضع لذل الخاص وإهانته. فى غمار كل هذا، تذكرت قولاً أعجبنى للرائع توفيق عبدالحميد فى مسلسل «حديث الصباح والمساء»، قال: «إحنا مش فى زمن محمد على.. دلوقتى المتعلم زى الجاهل».