تطلعت إليه، بلحيته الكثة، وثيابه الرثة، والجوال الذى يحمله على ظهره، والعصا التى بيمينه، وهو واقف أمامى يتحدث بثقة: «ألا تسكن هنا يا بك»؟ أومئ برأسى، فيبتسم متشجعاً: «طلبتنا يا بك»؟ أهز رأسى نافياً. «الثعبان عندك يا بك.. أنا أعرف ذلك، وأنت طلبتنا لنصطاده لك». كانت حيلة جديدة من حيل النصب التى انتشرت فى الآونة الأخيرة.. يأتون من مناطق بعيدة ويسمون نفسهم «الرفاعية». يضعون ثعابين غير سامة فى الجوال الذى يحملونه، ويؤكدون أن أحدهم طلبهم وهم يقسمون بأغلظ الأيمان إن الثعبان مختبئ تحت الفراش. «وحياة ولادى يا بك سأخرجه لك، وأنقذ أولادك من سمه.. ساعدنى يا بك». أغمغم بكلمات ساخطة، وأسبه كى يمشى، لكنه لا يتزحزح.. «ولادك مثل أولادى يا بك.. لا أريد أن يؤذيهم الثعبان». أبدأ فى دفعه، وأنا أخبره أن حيلته انكشفت. ينظر لى فى توسل: «ألا تعطينى شيئاً لأولادى يا بك؟ صدقنى لن تندم، وسأريك الثعبان، حتى لا تظن أننى أنصب عليك يا بك». أتركه وأمشى، يمشى فى اتجاه معاكس، وهو يضرب كفاً بكف، وتنطلق من نافذة منزلى صرخة زوجتى، وهى تهتف فى هلع: «ثعبان.. ثعبان».. أنظر خلفى، فلا أجد الرفاعى. أقفز درجات السلم فى سرعة. أدلف إلى منزلى فى ذعر. أجد زوحتى ما زالت تصرخ، وابنى مرتميا على الأرض، وقد فارق الحياة، بينما ألمح الثعبان يزحف مبتعداً أسفل الفراش، قبل أن يختفى، وأنظر من البلكونة، فلا أجد الرفاعى.. لا أجده أبداً.