معلق هو بين السماء والأرض، حياته فاصلا بين الحنين والأنين، والذكرى، الحنين إلى سنوات عمره الضائع، والذكريات بكل ما فيها من فرح وألم، عن الاصدقاء الطيبين والأصدقاء الخونة، عن والده الذى استقل قطارا ذات يوم مسافرا دون وداع حقيقي، عن والدته النبراس المضئ فى حياته، والذى يستمد منه قوته وكيانه، وينعم بدفء نصحه. عن اخوته الطيبين، الجنوب وأهله، حيث الحياة والدفء، الجدة ذات 80 عام، والتى لا فرق بينها وبين العمه " يمنه" فى رائعة الأبنودي، "الخلان" والأعمام، الأصدقاء و"لعب الكورة في الغيطان"، والصعود فوق أعمدة الكهرباء التى تتوسطها "ذات الضغط العالي"، " النخيل "، البحر، فلائق الصيد والابحار بها من الشرق الى الغرب، الجبل وصموده. العقارب الضالة، الدروب، الليل وظلمته، النهار وروعته، "الصحيان بدري" والسير حتى الجسر، "لتجد من هو مستيقظ قبلك " جالساُ يشرب الدخان " أسفل النخيل "، الذهاب عصراُ لتناول وجبة من الاسماك على ضفاف النهر فى القريه المجاورة. حينما يغمض عيناه، يتذكر جده وليالي الذكر ودعوة الناس للعشاء، يتذكر المندرة التى لا تخلو من الناس الطيبين، يتذكر فرح عمه، والذى استمر لاكثر من ثلاث أيام، في غناء بأسمى وارقى العبارات من "الفلكلور الصعيدي"، ومشاركة الأهل والأصدقاء والجيران لفرحنا. يتذكر القطار ورحلته مع خاله وصديقه القبطي، جدته لأمه، والتى كثيرا ما كانت تغضب، "لتغفيله لها دوما"، واستيلائه على كسرة من الخبز، والقائها إلى الكلاب الضالة "كنوع من إظهار الرحمة والتعاطف والشفقة"، وتناسى أن ذلك خطأ، لو علم عظيم، في عرف جدته، ولكن صغر سنه وقتها كان الشافع الوحيد له. يرى وسط الذكرى "الطورية" التى أصابت جفن عينه، وتبويخ والديه له، حينما يغمض عيناه يرى أصدقائه الطيبين الذين أحبوه وأحبهم إلى الآن، حينما يغمض عيناه يرى إخفاقه، وأحلامه المبعثرة، يرى أنين غربته ووجعه، ولكن وسط كل هذا تهل على روحه نسمات من هواء الربيع الممزوجه بالأمل، إنها "المحبة". حينما يغمض عينيه، يرى أن الحياة مهما أعطت الانسان من عطايا، فكلها لا ترقى إلى نِعم "المحبة"، الخير، السلام، الصفاء.