أثار التحقيق الذى نشرته «الوطن» أمس عن مخازن الآثار فى منطقتى سقارة وميت رهينة، جنوبالجيزة، والذى كشف -بالصور- عن حفظ القطع الأثرية النادرة فى «كراتين وأقفاص» ردود فعل غاضبة داخل وزارة الآثار، حيث أمر الدكتور ممدوح الدماطى، وزير الآثار، بفتح تحقيق موسّع مع مسئولى منطقتى آثار سقارة وميت رهينة للكشف عن كيفية حصول «الوطن» على صور للمخازن من الداخل والخارج وعمليات الجرد، خصوصاً أنها مناطق يُحظر دخولها على غير العاملين بها، دون التطرّق إلى كيفية «تخزين» الآثار بهذه الطريقة! من جانبه، انتقد اللواء ممتاز فتحى، مساعد وزير الداخلية ومدير الإدارة العامة لشرطة السياحة والآثار، إلقاء مسئولى الوزارة بالمسئولية على «الداخلية»، موضحاً أن «قوام قطاع التأمين بوزارة الآثار يعادل 50 مرة قوام شرطة السياحة والآثار». وقال «فتحى» ل«الوطن» إن «مهمة شرطة الآثار إشرافية على المناطق (الأثرية)، ويقع على كاهلها تأمين المتاحف من الخارج، أما المخازن نفسها فهى مسئولية وزارة الآثار التى تعيّن أفراداً غير مسلحين للحراسة، على الرغم من إمكانية تسليحهم بطلب من وزارة الآثار، وهو ما لا يتم إلا فى حالات قليلة، هذا بخلاف وجود مشرفين مهمتهم الأولى هى حماية العهدة». وأضاف «فتحى»: «وضعنا مؤخراً حراسات تابعة للداخلية على بعض المخازن المهمة، واكتشفنا أن المخازن التى تتم سرقتها هى المؤمّنة بمعرفة وزارة الآثار، ولأول مرة نشهد سرقة قطع أثرية ووضع نسخ مقلدة مكانها، وهو ما يطرح تساؤلاً عن هوية لصوص الآثار، فالوقائع تؤكد أنهم على علم بما تحويه المخازن بدقة، ويعلمون أهمية القطع التى تتم سرقتها، بخلاف أنه متاح لهم الدخول بحرية دون مساءلة». وطالب مساعد وزير الداخلية «من يتهمون شرطة الآثار بالتقصير بالعودة إلى المحاضر والكشف عن عدد القطع الأثرية التى أعادتها شرطة السياحة، حيث استطعنا إعادة 8 آلاف قطعة منذ ثورة 25 يناير، عدد كبير منها سُرق من المخازن، ونتيجة لضغوط وزارة الداخلية وتضييق الخناق عليهم، لا يجد سارقو هذه القطع إلا حاويات القمامة والمناطق الزراعية للتخلص منها، حيث استطعنا العام الماضى إعادة 104 قطع من أصل 231 قطعة سُرقت من مخازن ميت رهينة المتهالكة». وأوضح «فتحى» أن «هناك طلباً مقدماً من شرطة السياحة والآثار إلى وزارة الآثار بسرعة الانتهاء من نقل كل محتويات المخازن الفرعية والمخازن المتحفية؛ تنفيذاً لقرارى وزير الدولة لشئون الآثار رقمى 707 و708 لسنة 2009، وزيادة عدد الحراس، وسرعة اتخاذ إجراءات تسليحهم وتسجيل الآثار المستخرجة من أعمال البعثات، مع نقل محتويات المخازن القديمة إلى مبانٍ أخرى معدّة بالفعل وأكثر تأميناً وتجهيزاً لحماية الآثار، وهو ما تجاهلته الوزارة وفضّلت أن تترك تاريخنا وآثارنا عرضة للنهب والسرقة والتلف». من جهته، كشف خالد كرار مدير «مركز البحث العلمى» التابع لوزارة الآثار، عن «وجود مشروع معد لتوثيق الآثار المحفوظة فى المخازن إلكترونياً ووضع بصمة لكل أثر، يصعب معها تقليده أو سرقته، إلا أن المشروع لم ينفذ بعد». فيما قال أحمد شهاب، رئيس «جمعية حماية حقوق الأثريين»، إن «تحقيق (الوطن) يكشف عن أمر فى غاية الخطورة، لأن مخازن ميت رهينة وسقارة تحتوى على الآثار الناتجة عن حفريات البعثات المصرية والأجنبية، ونتاج حفائر جامعة القاهرة، ونظراً لأن أغلبها قطع حديثة، فإنها لا تُدرج فى الكشوف ولا توثّق، مما يعنى ضياع حق مصر فى استعادتها حال سرقتها وتهريبها إلى الخارج، طبقاً لاتفاقية (اليونيسكو) التى تعطينا الحق فى استعادة القطع المسجلة فقط، أما غير المسجلة فستضيع إلى الأبد».