تسير الدولة فى خُطى ثابتة، محاولة تحقيق أكبر مكتسبات ثورتها، من إقرار دستور جديد وتنصيب رئيس للجمهورية، إلى آخر مرحلة واختيار نواب مجلسها التشريعى، لتمهد «تونس» طريقاً جديداً أمام خطى التحول الديمقراطى، عقب إجراء الانتخابات البرلمانية منذ عدة أيام. شهدت «تونس» الاقتراع على الانتخابات البرلمانية فى مطلع الأسبوع الحالى، كان أبرز المتنافسين فى هذه الانتخابات حزب «النهضة» الإسلامى، الذى جلس على مقاعد السلطة منذ عامين عقب الثورة التونسية، وحزب «نداء تونس» الذى يمثل المعارضة العلمانية، بالإضافة إلى جماعات يسارية وإسلامية أخرى. خرجت النتائج الأولية بتقدم حزب نداء تونس على حزب النهضة الإسلامى. كانت «تونس» أول دولة تشهد صعود جماعة الإخوان إلى الحكم عقب ما عُرف بثورات دول «الربيع العربى»، إلا أن نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة تشير إلى إسقاط صدارة جماعة الإخوان إلى المشهد السياسى عن طريق صناديق الاقتراع. «الإجابة تونس»، كانت تلك هى المقولة التى ترددت كثيراً إبان المراحل الانتقالية التى شهدتها دول «الربيع العربى»، لتشير إلى الدور الذى لعبته تونس كملهمة للثورات والانتفاضات الشعبية التى شهدتها عدة بلدان عربية خلال العام الذى أعقب قيام الثورة التونسية فى 17 ديسمبر 2010. على خطى الثورة التونسية سارت عدة ثورات عربية أخرى، كانت أهمها «الثورة المصرية»، ثورات ما عُرف باسم «الربيع العربى»، تلك الدول التى سارت على خطى تونس أيضاً فى إعادة بناء أنظمتها السياسية الحاكمة، والتى كانت معظم نتائج الانتخابات فيها تصب فى صالح سيطرة جماعة «الإخوان» على الحكم بها. مع بداية الحملات الانتخابية تحول الأمر، لتلعب مصر دور الملهمة التى تسير تونس على خطاها الآن. فمع بدء المنافسة على الانتخابات التشريعية التونسية، اتخذت حركة «نداء تونس» التى يتزعمها الباجى قائد السبسى، رئيس الوزراء التونسى سابقاً، شعار «تحيا تونس»، على طريقة «تحيا مصر». نتائج الانتخابات التونسية واكتمال تجربتها جعلت العالم ينظر مجدداً إلى تونس كنموذج رائد لنجاح التحول الديمقراطى فى العالم العربى، فقد أكدت هذه الانتخابات تراجع شعبية تيار الإسلام السياسى الذى يمثله حزب «النهضة» فى تونس، وإمكانية وصول تيار «الدولة المدنية» للسلطة فى انتخابات نزيهة، فيما يرى المراقبون أن هذا التطور مرتبط إلى حد كبير بسقوط «الإخوان» فى مصر والاتهامات التى تلاحقهم بدعم وممارسة العنف والإرهاب بعد ثورة 30 يونيو، كما أن مرور الانتخابات التونسية دون أحداث عنف وتوترات وتراجع حركة «النهضة» قد يمكن أن يعيد إلى تونس من جديد دور «الملهمة» التى يمكن أن تسير على خطاها الانتخابات التشريعية التى من المتوقع أن تشهدها عدة بلدان عربية قريباً يكون فى مقدمتها مصر.