كشفت المؤشرات الأولية للانتخابات التشريعية التونسية أنّ حزب "نداء تونس" المعارض، قد حقق تقدما "واضحا" فى الانتخابات وسقوطا مدويا لحركة النهضة واعتبر كل من باجى قايد السبسي، رئيس حركة نداء تونس التى تشكلت عام 2012، وأمينها العام الهادى البكوش، أنّ الأرقام الأولية التى حصلوا عليها تشير إلى تقدم واضح. وقد بدأت صفحات الحزب الرسمية تنشر تباعا ما قالت إنه نتائج عمليات فرز فى غالبية مكاتب الاقتراع داخل تونس وخارجها، متوقعة ألا يقلّ نصيب الحزب عن 80 مقعدا. لكن حزب حركة النهضة، صاحب الأغلبية فى الجمعية التأسيسية، قال إنّ الأمر يتعلق باستباق للنتائج الرسمية، منددا بما وصفته مصادر منه بعملية "انقلاب إعلامي" فى إشارة إلى قنوات تلفزيونية تولت الإعلان عن النتائج، فى الوقت الذى مازال فيه زمن الصمت الانتخابى جاريا. ومن جهتها، قالت الهيئة العليا للانتخابات إنّ ما تم إعلانه من نتائج لا يلزمها وأنّه يخرق القانون الانتخابي، فى الوقت الذى رجّحت فيه عمليات احتساب لنتائج تم تعليقها على مكاتب الاقتراع بعد الانتهاء منه أن تكون حركة النهضة حلت ثانية بما يناهز 70 مقعدا، مما يعنى أنّ كلا من حركة النهضة وحركة نداء تونس قد ضمنتا الثلث المعطل أو الضامن، علما بأنّ البرلمان المقبل الذى يطلق عليه "مجلس نواب الشعب" سيضم 217 نائبا. كما أعلنت الجبهة الشعبية المعارضة عن توصلها بتقارير ترجّح أنها أحرزت 12 مقعدا فى البرلمان، ومن جهته، قال حزب الاتحاد الوطنى الحر الذى أسسه رجل الأعمال الشاب سليم الرياحى إن المؤشرات تدل على حصوله على ثالث نسبة من المقاعد. وفى حال تأكدت تلك الأرقام فإنّ ذلك يعنى أنّ هزيمة كل من حزبى التكتل (الذى يتزعمه رئيس المجلس التأسيسى مصطفى بن جعفر) والمؤتمر (الذى أسسه الرئيس المؤقت منصف المرزوقي) كانت مدوية بحيث قد يتراجعان إلى فئة الأحزاب ضئيلة التمثيلية، مقابل صعود أحزاب أخرى قد تشارك فى الائتلاف الحاكم المقبل ومن ضمنها الجبهة الشعبية اليسارية والاتحاد الوطنى الحر و"آفاق" الليبراليين. لكنّ محللين يتوقعون أن يتشكل الائتلاف المقبل أساسا من حزبى "نداء تونس" و"النهضة." وأعلنت الهيئة العليا عن وصول نسبة المشاركة فى الانتخابات التشريعية إلى 61.8 فى المائة بعد إغلاق الصناديق، وقال رئيسها شفيق صرصار، إنه يستحيل إعلان النتائج الأولية للانتخابات، الأحد، باعتبار أن آخر صندوق اقتراع يصل الساعة العاشرة من صباح الإثنين، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء التونسية الرسمية. لكن الأهم من ذلك، ومع مرورها من دون أحداث أمنية أو توترات، فإنه يمكن القول إنّ تلك الانتخابات لا تتعلق بتونس قدر ما تتعلق بغالبية دول المنطقة. فالتونسيون على وشك قطع خطوة عملاقة صوب الديمقراطية. وبدأت الانتخابات فى تونس الأحد داخل البلاد. وقال أنطونى دوركين، من مجلس العلاقات الخارجية الأوروبى إذا استمر انتقال البلاد نحو الديمقراطية قدما فسيكون هناك علامة قوية على أن الديمقراطية يمكن أن تتجذّر فى العالم العربي. وفى الوقت الذى يبدو فيه أى أمل للإصلاح السياسى قد تلقى انتكاسة فى غيرها من دول المنطقة، تبدو تونس الدولة الوحيدة القادرة على تلبية الآمال فى نهضة العرب فى مستقبل قريب." وأضاف "حتى لو تم تجاهل المثال التونسى فى المدى المنظور، بما لا يجعله قادرا على أن يلهم الغير مثلما كانت ملهمة الربيع العربي، فإنّ تجذير ديمقراطية ناجحة فى البلاد، سيكون دافعا قويا للبقية ودلالة واضحة وقوية على أنّ الإصلاح والتعددية السياسية ليس مقدرا لها الفشل فى العالم العربي." ومن بين أبرز المتنافسين فى الانتخابات حركة النهضة الإسلامية وحركة نداء تونس التى أسسها رئيس الوزراء السابق باجى قايد السبسي. وقد اعتبر مراقبون تراجع نسبة حركة النهضة التونسية فشلا للإخوان فى بلدان الربيع العربى وهو ما أدركه التونسيون الذين بادروا فى إشعال التغيير بالمنطقة.