أوصت الدائرة الأولى لهيئة مفوضي الدولة في الدعوى رقم 54451 لسنة 67 قضائية المُقامة من أيمن زكريا حسن، بعدم اختصاص المحكمة ولائيًا بنظر دعوى المطالبة بوقف محاكمة الرئيس الأسبق حسنى مبارك ورموز نظامه في جرائم قتل المتظاهرين وتصدير الغاز وتقاضي رشاوي من رجل الأعمال حسين سالم، لحين قيام السلطة التشريعية بإصدار تشريعات وفقا لمنهج القانون الدولي والأمم المتحدة، يمكن من خلالها إظهار نصوص إجرائية وجنائية لإظهار العدالة لتتناسب مع الحالة الثورية التى تمر بها البلاد . وقال التقرير الذى أعده المستشار وائل فرحات عبد العظيم، تحت إشراف المستشار تامر يوسف طه نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس الدائرة ، "إنه من الأمور المسلمة أن الاختصاص الولائي يعتبر من النظام العام، ويكون مطروحا دائما على المحكمة كمسألة أولية وأساسية تقضي فيها من تلقاء نفسها دون حاجة إلى دفع بذلك من أحد الخصوم بما يكفل ألا تقضي المحكمة فى الدعوى أو فى شق منها على حين تكون المنازعة برمتها مما يخرج عن اختصاصها وولايتها". وإلى نص التقرير: بعد الإطلاع على الأوراق والمستندات ومن حيث أن المدعي يهدف بدعواه – وفقاً للتكييف القانوني الصحيح لطلباته – إلى طلب الحكم بقبولها شكلاً ، وفي الموضوع: أولاً: بوقف تنفيذ وإلغاء قرار المدعى عليهم السلبي بالإمتناع عن وقف محاكمة مبارك ورموز النظام السابق في جرائم قتل المتظاهرين وتصدير الغاز لإسرائيل بأسعار زهيدة ، وتقاضي رشاوى ، لحين قيام السلطة التشريعية بإصدار تشريعات وفق منهج القانون الدولي والأمم المتحدة ، مع ما يترتب على ذلك من آثار . ثانياً: بوقف تنفيذ وإلغاء القرار السلبي بإمتناع السلطة التشريعية عن إصدار تشريعات تحقق محاكمات ثورية وعاجلة لرموز النظام السابق وفق منهج القانون الدولي والأمم المتحدة ، مع ما يترتب على ذلك من آثار . وإلزام جهة الإدارة المصروفات. ومن حيث أن البحث في اختصاص المحكمة يسبق البحث في شكل الدعوى وموضوعها . ومن حيث إنه عن الطلب الأول: وحيث إنه من الأمور المسلمة أن الاختصاص الولائى يعتبر من النظام العام، ويكون مطروحا دائما على المحكمة كمسألة أولية وأساسية تقضى فيها من تلقاء نفسها دون حاجة إلى دفع بذلك من أحد الخصوم بما يكفل ألا تقضى المحكمة فى الدعوى أو فى شق منها على حين تكون المنازعة برمتها مما يخرج عن اختصاصها وولايتها. (المحكمة الإدارية العليا – الطعن رقم 382 لسنة 34 ق – جلسة 20-6-1994 . الطعن رقم 1597 لسنة 30 ق – جلسة 8-6-1991) ومن حيث إن المادة (184) من دستور جمهورية مصر العربية المعدل – والنافذ اعتباراً من 18/1/2014 – تنص على أن " السلطة القضائية مستقلة، وتتولاها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها، وتصدر أحكامها وفق القانون ، ويبين القانون صلاحيتها ، والتدخل في شئون العدالة أو القضايا جريمة لا تسقط بالتقادم ". وتنص المادة (188) من الدستور على أن " يختص القضاء بالفصل في كافة المنازعات والجرائم عدا ما تختص به جهة قضائية أخرى، يفصل دون غيره في المنازعات المتعلقة بشئون أعضائه، ويدير شئونه مجلس أعلى ينظم القانون تشكيله وإختصاصاته ". وتنص المادة (190) منه على أن " مجلس الدولة جهة قضائية مستقلة ، ويختص دون غيره بالفصل في المنازعات الإدارية، ومنازعات التنفيذ المتعلقة بجميع أحكامه، كما يختص بالفصل في الدعاوى والطعون التأديبية، ........... ويحدد القانون إختصاصاته الأخرى". وتنص المادة (109) من قانون المرافعات المدنية والتجارية على أن " الدفع بعدم اختصاص المحكمة لانتقاء ولايتها أو بسبب نوع الدعوى أو قيمتها تحكم به المحكمة من تلقاء نفسها ، ويجوز الدفع به فى أية حالة كانت عليها الدعوى ". ومن حيث إن المادة (221) من قانون الإجراءات الجنائية رقم 150 لسنة 1950 تنص على أن " تختص المحكمة الجنائية بالفصل فى جميع المسائل التي يتوقف عليها الحكم فى الدعوى الجنائية المرفوعة أمامها ، ما لم ينص القانون على خلاف ذلك ". ومن حيث إن المادة (15/1) من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 تنص على أن " فيما عدا المنازعات الادارية التى يختص بها مجلس الدولة تختص المحاكم بالفصل فى كافة المنازعات والجرائم الا ما استثنى بنص خاص ... ". ومن حيث إن المادة (10) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972 تنص على أن " تختص محاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل فى المسائل الآتية :............ ( رابع عشر) سائر المنازعات الإدارية .....................". ومن حيث إنه من المستقر عليه أن توزيع ولاية القضاء بين جهتيه العادي والإداري من المسائل وثيقة الصلة بأسس النظام القضائي الذي بُسطت قواعده وشرعت مواده ابتغاء تحقيق أغراض ومصالح عامة، لذلك كانت قواعد الاختصاص المحددة لولاية جهتي القضاء العادي والإداري من النظام العام ، ومن ثم تعين على القضاء بحسبانه أميناً على النظام العام أن يتصدى له من تلقاء ذاته حتى ولو أغفل ذوو الشأن عن الدفع به وذلك قبل أن يتصدى للفصل في أي دفع شكلي أو موضوعي ومن باب أولى من قبل تصديه بالفصل في موضوع النزاع ، إذ لا يستمد القضاء ولاية الفصل في موضوع النزاع وفيما يتفرع عنه من دفوع شكلية وموضوعية إلا من إسناد ولاية الفصل في الموضوع إليه بمقتضى الدستور . ومن حيث إن قضاء المحكمة الإدارية العليا قد استقر على أن " مجلس الدولة أضحى بما عقد له من اختصاصات بموجب المادة 172 من الدستور والمادة العاشرة من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة صاحب الولاية العامة بنظر سائر المنازعات الإدارية وقاضيها الطبيعى بحيث لا تنأى منازعة إدارية عن اختصاصه إلا بنص خاص فى القانون . وأن اختصاص مجلس الدولة بصريح نص الدستور يكون موازياً لاختصاص القضاء العادى وفق قانون السلطة القضائية وليس استثناء من اختصاص المحاكم العادية ، وكذلك فإن اختصاص القضاء العادى لا يجوز لمحاكم مجلس الدولة إقحام نفسها فيه ومد ولايتها إليه حتى ولو كان ذلك فى مسألة أولية فى دعوى إدارية أو تأديبية تختص بها مادامت المسألة الأولية تستلزم بحثاً تمحيصاً ودفاعاً خلال خصومة كاملة أمام المحكمة المختصة للتوصل إلى صحيح حكم القانون فيها بناء على حقيقة الواقع ". (المحكمة الإدارية العليا – الطعن رقم 382 لسنة 34 ق – جلسة 20-6-1994 . الطعن رقم 1597 لسنة 30 ق – جلسة 8-6-1991) كما أنه من المستقر عليه أن القرار القضائي هو القرار الذي تصدره هيئة قضائية وهي تؤدي وظيفتها القضائية التي منحها لها القانون ، وتحسم به على أساس قاعدة قانونية خصومة قائمة بين خصمين ، ومن ثم فإن ما تمارسه المحكمة الجنائية من إجراءات لمباشرة الدعوى الجنائية المنظورة أمامها وصولاً لإصدار حكمها فيها تعد من الأعمال القضائية التي تنحسر عنها رقابة القضاء الإداري. تأسيساً على ما كان ما تقدم ، ولما كان المدعي يهدف بطلبه الماثل إلى وقف تنفيذ وإلغاء القرار السلبي بالإمتناع عن وقف محاكمة مبارك ورموز النظام السابق في إتهامات قتل المتظاهرين وتصدير الغاز لإسرائيل ، وكانت هذه الإتهامات محل قضايا لا تزال منظورة أمام القضاء الجنائي ، وكانت المحكمة الجنائية هي التي تختص بالفصل فى جميع المسائل التي يتوقف عليها الحكم فى الدعوى الجنائية المرفوعة أمامها ، باعتبار أن هذه المسائل تعد من الأعمال القضائية التي تصدر عنها في ضوء ولايتها القضائية على الأنزعة محل القضايا المنظورة أمامها والتي تنحسر ولاية محاكم مجلس الدولة عن التعرض لها ، ويكون إستنهاض ولايتها فى هذا الشأن تدخلاً فى الوظيفة القضائية لجهات القضاء العادي وهو ما ينأى عنه مجلس الدولة ، الأمر الذي يتعين معه التقرير بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى . ومن حيث إن المدعي لم يحدد قضايا معينة منظورة أمام محكمة معينة حتى يمكن الإحالة إليها ، ومن ثم فإننا نكتفي بالحكم بعدم الإختصاص دون إحالة . ومن حيث إنه عن الطلب الثاني: ومن حيث إنه من الأمور المسلمة أن الاختصاص الولائى يعتبر من النظام العام، ويكون مطروحا دائما على المحكمة كمسألة أولية وأساسية تقضى فيها من تلقاء نفسها دون حاجة إلى دفع بذلك من أحد الخصوم بما يكفل ألا تقضى المحكمة فى الدعوى أو فى شق منها على حين تكون المنازعة برمتها مما يخرج عن اختصاصها وولايتها. (المحكمة الإدارية العليا – الطعن رقم 382 لسنة 34 ق – جلسة 20-6-1994 . الطعن رقم 1597 لسنة 30 ق – جلسة 8-6-1991) ومن حيث إن المادة (97) من الدستور المعدل تنص على أن " التقاضى حق مصون ومكفول للناس كافة ... ". وتنص المادة (101) منه على أن " يتولى مجلس النواب سلطة التشريع ، ..........". وتنص المادة (122) على أنه " لرئيس الجمهورية ، ولمجلس الوزراء، ولكل عضو في مجلس النواب إقتراح القوانين ". وتنص المادة (123) على أنه " لرئيس الجمهورية حق إصدار القوانين أو الاعتراض عليها . ........... ". وتنص المادة (156) على أن " إذا حدث في غير دور إنعقاد مجلس النواب ما يوجب الإسراع في إتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير، يدعو رئيس الجمهورية المجلس لإنعقاد طارئ لعرض الأمر عليه، وإذا كان المجلس غير قائم يجوز لرئيس الجمهورية إصدار قرارات بقوانين. ومن حيث إن المادة (10) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972 تنص على أن " تختص محاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل فى المسائل الآتية :............ ( رابع عشر) سائر المنازعات الإدارية .....................". ومفاد ما تقدم أن مجلس الدولة هو صاحب الولاية العامة والقاضى الطبيعى المختص بنظر المنازعات الإدارية على مختلف أشكالها وتعدد صورها لكى لا يكون هناك جنوح عن مبدأ المشروعية أو مروق عن سيادة القانون تحقيقاً للغاية التى استلزمها المشرع الدستورى من كفالة حق التقاضي ، وإذا كان مجلس الدولة باعتباره قاضى المشروعية حريصا على اختصاصه دون إفراط أو تفريط فإنه لا يقل حرصا على ألا يتجاوز إختصاصاته المقررة دستوراً وقانوناً وذلك إحتراما لصحيح حكم المشروعية ونزولا على اعتبارات سيادة القانون . وحيث كان المستقر عليه أن العمل التشريعى المتعلق بإصدار القانونين واقتراحها يختلف تماما عن العمل الإدارى ، فالعمل التشريعي هو الذي يصدر عن السلطة التشريعية (مجلس النواب) أو الجهة القائمة بمقتضى الدستور بشئون التشريع (كرئيس الجمهورية في حالة عدم قيام مجلس النواب) في شأن متعلق بعملية تشريع القوانين سواء إقتراحها أو مناقشتها أو إصدارها ، وهو ما يختلف عن العمل الإداري الذي يصدر تطبيقاً وتنفيذا لهذه القوانين ، وهذا العمل هو الذي يدخل فى إختصاص القضاء الإدارى بينما يخرج الأول عن دائرة هذا الاختصاص ولا يكون للقضاء الإدارى حق مراقبة مشروعية ذلك العمل التشريعى الذى يتم وفقا لآلية دستورية على النحو المشار إليه بالنصوص الدستورية سالفة البيان . تأسيساً على ما تقدم ، ولما كان الطلب الماثل يتعلق بإمتناع السلطة التشريعية عن إصدار تشريعات تحقق محاكمات ثورية وعاجلة لرموز النظام السابق وفق منهج القانون الدولي والأمم المتحدة ، ومن ثم فهى تتعلق بعمل تشريعى تتولاه الجهات المعنية وفقاً للألية الدستورية المقررة ، وعليه يضحى النزاع الماثل خارجاً عن دائرة الاختصاص الولائى المقررة لهذه المحكمة لتعلقه بعمل تشريعى ، وهو ما يتعين التقرير معه بعدم إختصاص المحكمة ولائياً بنظر الطلب الماثل دون إحالة بإعتبار ان الإحالة تكون للمحكمة المختصة فقط . ومن حيث إن الحكم بعدم الاختصاص دون إحالة منه للخصومة ، عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.