هذا الخطاب ليس موجهاً إلى قيادة جماعة الإخوان، سواء من كان منهم فى السجون ويحاكم الآن بتهم مختلفة أو من كان هارباً داخل أو خارج البلاد، ليس موجهاً إلى أولئك الذين هربوا بعد فشلهم وسوء إدارتهم للبلاد، الذين دفعوا بالشباب إلى حمامات دم، ولا يزالون يدفعون بهم إلى مزيد من التخريب والتدمير والفوضى.. لكنه موجه إلى هؤلاء الشباب الذين لا يشاركون فى أى من هذا كله، من منطلق {مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ}، ومن باب {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ}.. تعالوا نتذكر ونتدبر معاً ما حدث بشىء من المنطق والهدوء، ولكم بعد ذلك أن تتخذوا المواقف التى ترونها.. قد تقرءون كلاماً يؤلمكم، أو يوجع قلوبكم، لكن -للأسف- هذه هى الحقيقة. - تدعون أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة كان يتحين الفرص لكى ينقض على السلطة.. حسناً، فكيف تم ذلك؟ هل استيقظتم فجأة فوجدتم القوات المسلحة قد سيطرت على كل شىء أم كانت هناك صفارات إنذار وأجراس تحذير وفرص كثيرة لكنكم أضعتموها؟ ثم من الذى وصف «السيسى» ومن معه فى آخر خطاب له بأنهم «رجال من دهب»؟! ومن الذى كان يبحث عن مخرج آمن للمجلس العسكرى بقيادة المشير طنطاوى؟! ومن الذى صمت على المذابح التى ارتكبت فى عهده؟! ومن الذى قال لرجال الشرطة: «أنتم من عبر بنا إلى ثورة 25 يناير»؟! ومن الذين كانوا يدافعون عنهم بعد قتلهم وسحلهم وتعذيبهم للثوار؟! - تقولون: إن الأجهزة قامت بتثوير الشعب ليخرج ضدنا فى 30 يونيو.. حسناً، فكيف فشلت هذه الأجهزة فى إنجاح الفريق أحمد شفيق فى الجولة الثانية لانتخابات الرئاسة؟ ولماذا قبل هذا الشعب «الساذج» أن يساق هكذا إلى ثورة هو لا يريدها وضد أناس هو يتعاطف معهم ويرى فيهم أمله ومناه؟ القضية أن القيادة الفاشلة تضحك على نفسها وعليكم، تريد أن تتنصل من فشلها، لنا سؤال: من الذى أوصلكم إلى قمة هرم السلطة؟ الشعب أليس كذلك؟ وهل أوصلكم عن طريق الحرق والتخريب والتدمير وعمليات الاغتيال أم عن طريق صناديق الاقتراع؟ ولماذا لم تعودوا إليه يوم أن «انقلب» عليكم المجلس الأعلى للقوات المسلحة؟ لماذا لم تجعلوا الشعب حكماً بينكما؟ الحقيقة أن هذه القيادة جعلتكم تخسرون كل شىء حتى الذين عصروا على أنفسهم الليمون واختاروكم، أنتم تخسرون كل يوم، والمنطق والعقل والواقع والتاريخ كل ذلك يقول بضرورة إعادة الحسابات ومراجعة المواقف. - تقولون إن الأقباط كانوا يشكلون أكثر من 60٪ من الذين ثاروا عليكم فى 30 يونيو، وهو سبب غيظكم وغضبكم منهم، وبالتالى حرقكم لكنائسهم وممتلكاتهم.. حسناً، ولماذا خرج هؤلاء وثاروا ضدكم؟ أليس ذلك دليلاً على فشلكم وأنكم لم تستطيعوا -وأنتم فى قمة السلطة- الاقتراب منهم والتفاهم معهم واستيعابهم؟ ثم أليس هؤلاء جزءاً من نسيج هذا الوطن ولهم كافة حقوق المواطنة؟ - تراهنون على الإرهاب وأعمال العنف.. حسناً، فماذا أنتم فاعلون يوم يتم القضاء عليه وتصفية بؤره؟ - تراهنون على أمريكا وأذيالها ومن يدور فى فلكها.. حسناً، فماذا أنتم فاعلون يوم تدير أمريكا ظهرها لكم وتنحاز إلى الدولة؟ يومها لن تجدوا دعماً أو تأييداً أو مساعدة، سوف تكتشفون أنهم -كفئران السفينة- أغرقوكم ونجوا بأنفسهم، تركوكم تلقون مصيركم ونهايتكم، هل هذا مقبول أو معقول؟! - تراهنون على انهيار الدولة اقتصادياً.. اطمئنوا فهى لن تنهار، لأن انهيارها سوف يكون كارثة على الجميع، على المستويين المحلى والإقليمى.. - وإذا كنتم تعتقدون أن المؤسستين العسكرية والشرطية هما السبب فى «الانقلاب» المزعوم، وأنه لم تكن هناك ثورة اسمها ثورة 30 يونيو.. حسناً، كونوا أنتم «أم الولد»؛ حافظوا على بلدكم، أم أن المسألة شعارات وخطب؟ - هل نظرتم وتأملتم فيما يحدث فى سوريا؟ هل تريدون لمصر أن تكون صورة أخرى لها؛ قتلاً وخراباً ودماراً؟ أفيقوا أيها الشباب، هذه القيادة ليس وراءها سوى الفشل، فشلت وهى فى السلطة، وفشلت فى إدارة الأزمة مع القوى السياسية، كانت الطلبات بسيطة للغاية؛ إقالة حكومة هشام قنديل، وتغيير النائب الخصوصى، وأن يتم اختيار بديل له وفقاً للقانون، وتغيير بعض مواد دستور 2012.. وكان من الممكن تحقيق هذه المطالب بأقل الخسائر، هذه القيادة هى صاحبة الإعلان الدستورى الكارثى والمشئوم، والخطاب الفضيحة لشيمون بيريز، ومجزرة قصر الاتحادية.. هذه القيادة كان أمامها عشرات الفرص خلال اعتصام «رابعة والنهضة» فى الخروج الآمن ونجاة المئات من الضحايا والمصابين، لكنها لم تكن حريصة على هذه الدماء وأهدرتها من أجل سلطة فشلت فى إدارتها.. أعلم أن بعضكم لا يزال متعاطفاً معها رغم كل ذلك، وبعضكم الآخر غير راضٍ عن توجهاتها وفقدوا الثقة بها، والبعض الثالث متحرج من إعلان رفضهم لها.. لكن لا بد من وقفة. وحرصاً منى عليكم وعلى الوطن لست أرى سوى إعلان موقف واضح يتضمن ما يلى: - التوقف الكامل عن إثارة الفوضى وأعمال التخريب والتدمير. - رفع الغطاء السياسى عن جماعات التكفير والعنف والإرهاب. - الاعتراف بثورة 30 يونيو، وخريطة الطريق، والاستفتاء على دستور 2014.. بعد ذلك سوف يكون لكل حادث حديث.