(1) يحتاج الإخوان وأنصارهم بين حين وآخر إلى أن نذكرهم بما فعلوه وتركوه من آثار إبان فترة حكمهم البائس الذى لم يستمر سوى عام واحد.. نذكرهم حتى لا تختلط الأمور أمام أعينهم وتضيع معالم الحقيقة خلف ستائر سميكة من الوهم أو التوهم، وأملاً فى الانتفاع بالتذكرة من باب: {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ المُؤْمِنِينَ}، ولأنه فى النهاية لا يصح إلا الصحيح نذكرهم، ليس لأننا كمصريين نتمتع بذاكرة سمكية، أو كما قال «محفوظ»: «آفة حارتنا النسيان»، لكن لأننا فى الغالب الأعم ننسى -أو نتناسى- إساءاتنا للآخرين، فى الوقت الذى نتذكر فيه جيداً -وبالتفاصيل المملة- إساءة الآخرين لنا، لذلك جاء فى أمثالنا العامية: «الأسية ماتتنسيش». ما أكثرها تلك الأخطاء القاتلة التى وقع فيها الإخوان وأنصارهم فى حق أنفسهم وفى حق الشعب المصرى أثناء فترة حكمهم! من تمزيق للنسيج الوطنى، ورعايتهم لفصائل العنف والإرهاب، وتهاونهم فى الحفاظ على تراب الوطن (مثلث حلايب وشلاتين)، علاوة على الاحتراب الأهلى، والتخاذل فى تطبيق العدالة الاجتماعية، والفشل فى الخروج من الأزمة الاقتصادية الخانقة، ناهيك عن الهروب من استحقاق الشهداء فى القصاص من قتلتهم، الأمر الذى أدى فى النهاية إلى ثورة 30 يونيو، وانحياز الجيش لها فى 3 يوليو. من المؤكد أن عمليات العنف والإرهاب التى قامت وتقوم بها السلفية الجهادية، سواء فى سيناء أو فى المحافظات القريبة منها، لم تأتِ من فراغ، أو بين يوم وليلة، بل كان وراءها تنظيمات ومعسكرات تدريب، وتدفق أسلحة وما تتطلبه من مال... إلخ. ومن هنا نستطيع أن نتفهم لماذا كان انحياز الجيش لثورة 30 يونيو، كى لا تقع البلاد فى حرب أهلية تأكل الأخضر واليابس. (2) وبدلاً من أن يعترف الإخوان بفشلهم ويقروا بأخطائهم إذا بهم يزعمون أن مؤامرة تمت، وخيانة وقعت فأطاحت بهم وألقتهم بعيداً، بعد أن كانوا على قمة هرم السلطة. البعض فى السجون ومحالٌ إلى محاكم الجنايات، والآلاف فى الحبس الاحتياطى، والآلاف الآخرون متابعون.. حسناً، لنفترض جدلاً أنها كانت مؤامرة وخيانة، لكن أين كنتم؟! هل كنتم نائمين، أم لعب الغرور بأدمغتكم فشغلكم عما يجرى حولكم، أم أحسنتم الظن -غفلة- بساعدكم وسندكم؟ وإذا كنتم تقولون إنكم أمام حيات وأفاعٍ غدرت بكم وأرسلت سمومها فجالت فى أوصالكم، فهل نسيتم أن «من حمى أفعى لدغته» وأن من «ربى نمراً فتك به»، وأن من أعان ظالماً سلطه الله عليه؟! يا سادة، هل شربتم شيئاً «أصفر»، فغيبكم عن الوعى ليلة أفقتم بعدها فإذا كل شىء قد انتهى؟! واستكمالاً للمؤامرة، ما زالوا يدعون أن الحشود التى خرجت فى 30 يونيو و3 يوليو كانت «فوتوشوب»، وأن المسألة لا تعدو كونها بضعة آلاف من «المأجورين» من «عيال» «مبارك» وإخواننا الأقباط(!)، وأن هناك من خطط ودبر لإخراجها، تُرى هل هى تلك الأصابع السحرية الشريرة التى كانت تلعب فى «الحارة المزنوقة»، أم هو الفريق «السيسى» بالاتفاق مع محمد إبراهيم؟! لقد شاهد عشرات الملايين من شعب مصر «مرسى» فى آخر لحظة وهو يشيد بالفريق «السيسى» وقيادات القوات المسلحة و«الداخلية»، وأنهم رجال من «دهب».. فهل انقلبوا فى غمضة عين إلى «صفيح»، أم إنه كان على علم بمخططهم فأراد خداعهم واستدراجهم لكن -للأسف- فاته أن «يتغدى بهم قبل أن يتعشوا به»؟! (3) سواء كان هذا كله أو بعضه، فقد أثبتم أنكم لستم أهلاً للحكم، استعجلتم الصعود يا أحبابى، لم تعدوا للأمر عدته كما ينبغى، غرتكم الأمانىّ، وظننتم الأمر سهلاً، وأن إدارة جماعة كإدارة وطن. يا سادة، كان هذا مكمن الخطر، فالسباحة على الشاطئ ليست كالسباحة فى «الغريق»، والصيد فى الأماكن الضحلة ليس كما الصيد فى أعالى البحار، هذا شىء وذاك شىء مختلف تماماً، تثيرون الإشفاق والرثاء. حقيقة، حزننا عليكم شديد، لكن حزننا على البلد أشد. من المؤكد أن الغيظ يستبد بكم، لكن بدلاً من أن تتصرفوا بحكمة إذا بكم تضيفون إلى كل ما سبق قدراً لا بأس به من العبث، انظروا إلى ما فعله ويفعله رجال الحزب الوطنى، صحيح أنهم لم يختفوا من الصورة تماماً، ظلوا «لابدين فى الدرة» يتحينون الفرصة تلو الأخرى، وها هم يعودون إلى الظهور مرة أخرى بعد أن نفضوا التراب عن كاهلهم. يا إخوان، أفيقوا، ما هكذا تُورَدُ الإبلُ! لا تسلموا أنفسكم لمن يتاجر بكم؛ أمريكا، أو تركيا، أو قطر، هؤلاء لهم مصالحهم وحساباتهم، هم كفئران السفينة، سبب فسادها وأول من يغادرها بعد وقوع الكارثة، دعكم من هذا الهزل الذى تفعلون، أنا لكم ناصح أمين، مسألة التظاهرات والتخريب والتدمير «لعب صغار»، «بمب أطفال»، لن يجلب لكم سوى الخيبة، بل هو فى حد ذاته خيبة، أرجو أن تقلعوا عنها، كما أرجو ألا تكون لكم صلة بما يجرى فى سيناء من إرهاب، أعلنوا براءتكم منه، دينوه وارفضوه. اللهم قد بلغت، اللهم فاشهد.