(1) الرجل لواء متقاعد، وكان يجلس على نفس (التختة) مع عبدالفتاح سعيد، والذى سيُعرف فيما بعد بعبدالفتاح السيسى، وما زال الرجل اللواء المتقاعد زميل التختة يحتفظ بورقة قديمة بخط يد «السيسى» لسبب لا نعرفه، فربما كان الرجل يتعامل معها ك(حجاب)، أو أن كاتبها سيصير له شأن عظيم، لكن ما يعنينا أن الورقة بها مجموعة من الأوراد والأذكار قال له «السيسى» إنه إذا قرأها 999 ألف مرة، فسيرى الحياة مختلفة!! الأوراد والأذكار شىء جميل، والصلة بالله يجب ألا تنقطع، ولا يزال اللسان رطباً بذكر الله تعالى، لكن 999 ألف مرة؟؟!! مش كتير شوية؟؟ والشىء المذهل، أن «السيسى» -على ما يبدو- انتهى منها وهو بعد فى المدرسة، فهل اختلفت الدنيا؟؟ (2) المعلومة السابقة جاءت فى سياق فيلم دعائى أنتجته حملة «السيسى»، وبسؤال الحملة الرسمية أكدت أنها ليس لها علاقة بالفيلم، وأنه من صنع حملة (شعبية) اسمها (بأمر الشعب).. حسناً.. لنأتِ للبداية التى نقترح أن تكون كالتالى: - اسم الحملات الشعبية الخاصة بالسيسى: الحملتان الشهيرتان هما (كمل جميلك)، وهو اسم مبتذل لحملة دعائية، حيث تصور الرجل وكأن له (جميل) على هذا الوطن، ويبدو الأمر وكأن «السيسى» سيكمل جميله بالترشح للرئاسة، وكأنه يتنازل ويحكمنا.. هذه هى الرسالة التى وصلت للعديدين فهل هذا ما أرادوه؟ هناك حملة أخرى اسمها «بأمر الشعب»، يبدو منها وكأن الشعب هو الذى أمر «السيسى» بالترشح. لكن أى شعب؟ ولماذا يتحدث الجميع باسمه؟ (3) الأمر نفسه بالمناسبة ينطبق على حملة «صباحى» الدعائية، وإذا أردت أن تضع قاعدة فلتكن: قل لى رسائلك أقل لك من أنت. فى حملة «السيسى» الكل يركز على رجل قوى، ليس مهماً أن يكون له برنامج (هكذا قال أغلب مؤيدى الرجل)، ومحاطاً بدعم شعبى لا محدود، والواقع أننى على استعداد لتصديق كل ذلك لو كف مؤيدو الرجل عن الضجر من المرشح المنافس، الذى يتعاملون معه على أنه نكرة، ومع ذلك يوجهون كل سهامهم إليه بمناسبة ودون مناسبة. أما التاريخ فسيذكر أن تصريحات رسمية للمتحدث العسكرى قالت إن الرجل لن يترشح للرئاسة، والرجل نفسه قال ذلك فى البداية، ومع ذلك فلا بأس من كونه مرشح الضرورة كما قال هيكل. فى حملة «صباحى» الكل يركز على أنه المرشح المدنى (يعنى الآخر عسكرى)، وأنه مرشح الثورة (قيل صراحة إن الآخر هو مرشح الثورة المضادة)، وهو واحد مننا، ويسعى الرجل للعدالة الاجتماعية، لكن كل هذا ينهدم أصلاً أصلاً أصلاً إذا طالعت تصريحات «صباحى» القديمة حول ترشيحه للسيسى ودعمه، وأقرب داعمى «صباحى» الذين يعملون الآن فى حملة «السيسى». السؤال هنا: هل هناك فى الحملتين من يفهم فى (علم) الدعاية الانتخابية؟ (4) فى علم الإعلام (لاحظ أننا نتكلم الآن عن علم) يوجد ما يسمى التسويق السياسى، ويوجد ما يسمى الحملات الدعائية، والتى يجب أن تركز على أهداف محددة، تستهدف شريحة معينة من الجمهور، لإيصال رسائل واضحة، وما لم يتم الأمر بهذه الطريقة فنحن أمام حملات عشوائية. إذا لم تصغ رسائل حملتك بشكل دقيق، فلن تصل كما تريد. استراتيجية حملة «السيسى» هى دوره القديم وتعاون مؤسسات الدولة معه والتركيز على كونه الرجل القوى صاحب الشعبية العظيمة، فيما تبدو استراتيجية حملة حمدين تعتمد فى الأساس على الاستفادة من أخطاء حملة «السيسى»!! المجهود الذى بذلته الحملة الشعبية للسيسى فى صنع فيلم دعائى (فلوسها منين بالمناسبة؟) مجهود طيب، لكنه مجهود غير احترافى بالمرة، وكانت نتيجته أن الناس لم تلتفت فى الفيلم سوى لحدوتة ال999 ألف مرة التى ستبدو بعدها الحياة مختلفة، والواقع أن أى شخص يردد أى شىء 999 ألف مرة إن لم يصب بالهسهس وهو يعد، فسيرى الدنيا مختلفة لأسباب بيولوجية بحتة. أما حملة «صباحى»، فستظل دائماً متأخرة بخطوة لها علاقة بالاستفادة من هذه الأخطاء.