تذكرت أحد المحامين الأغنياء عن التعريف، والذي لا هم له سوى أن يرفع قضية على المطربة الفلانية؛ لأنها ظهرت مرتدية فستان سوارية يُظهِر جزءًا من صدرها على الشاشة، كنت دائمًا ما أتمنى الصراخ في وجهه قائلًا: "وانت كنت بتتفرج عليها ليه أساسًا؟!". جلس الشاب إلى جهاز الكمبيوتر الخاص به، وحاول الوصول إلى أحد المواقع الإباحية الشهيرة، ليجد عبارة غريبة تظهر له بأن هذا الموقع ممنوع الوصول إليه.. تمتم لنفسه "اللعنة!"، وحاول الوصول يمينًا ويسارًا فلم يتمكن، ظل قرابة 3 ساعات يحاول فتح أي موقع إباحي لكنه لم يستطع، فلقد قام جاره صاحب وصلة الإنترنت بمنعها تمامًا، نموذج مصغّر للدعوات المطالبة "للحكومة" بفرض الرقابة على الإنترنت بهدف منع المواقع الإباحية عن الشباب. والآن ما رأيك في هذا الشاب؟ ما رأيك في الحجب الذي فرضه عليه صاحب الوصاية؟ هل حافظنا على أخلاقه هكذا؟ أي أخلاق تلك التي نتحدث عنها هنا؟ هل تكمن المشكلة في نجاح الشاب في الوصول إلى تلك الأشياء؟ أم أن المشكلة متمثلة في أنه "حاول" الوصول إليها من الأساس؟، إذا كانت مشكلتك كلها متمثلة في أن تمنعه من "النجاح في الوصول"، فأنت منافق؛ لأنك تعلم جيدًا أنك مهما فعلت فهناك مئات الطرق ليحصل بها على مراده، وتصعيبك عليه الأمور لا يمثل سوى حافز لمشاعر التحدي الموجودة عند كل بني البشر وحب خرق القوانين الموجود بشكل متفاوت من شخص إلى آخر، ولنأخذ من "الحشيش" و"الخمر" مثالًا: الخمور: في مصر ليست ممنوعة وتباع علنًا في المحال وبأسعار رخيصة، ولكن لا أحد يهتم بها نهائيًا ومصر تقريبًا أقل دولة في العالم من ناحية استهلاك الخمور. الحشيش: فلا داعي للحديث عنه فكلنا نعلم جيدًا نسب استخدامه، (ملحوظة): لو ظهر نفس صديقنا الخبيث، واعتبر الكلام هنا أنه دعوة لدعم الحشيش والهيروين والكوكايين ونزولهم على دفاتر التموين؛ سأضطر آسفًا للرد عليه بألفاظ نابية!. صديقى الخبيث الممل يسأل بطريقته المعتاده: "إذن أنت ترى أن التحضر يعني إباحة العري؟".. في الحقيقة أنا أرى أن قمة التحضر هي مقاطعة العري، وإن قمة التحضر هي أن يقوم أحد المنتجين بإنتاج فيلم "هابط مسف"، ونقوم نحن بإسقاطه عن طريق مقاطعته ثم يتم رفعه من السينما خلال أسبوع من عرضه وذلك لفشله الشديد، هذا هو التحضر الحقيقي، فالتحضر ليس أبدًا أن تقوم بمنع نزول فيلم بدور العرض فقط ليتداوله الشباب جميعًا ليعرفوا سبب منعه!. إذا كنا شعبًا اختار لنفسه الحرية حقًا، فلنكن ناضجين فكريًا بالشكل الكافي لنراقب أنفسنا ذاتيًا، فنحن لا نحتاج لحكومة رقيبة تحجب عن الشعب المراهق ما قد يضره، وتقدم له ما قد ينفعه، فكلنا نعلم جيدًا أننا لو حبسنا الشعب كله في قمقم فسيصل في النهاية إلى مبتغاه رغم كل شىء. قم بتربية أولادك على مقاطعة تلك الأشياء تكون أديت رسالتك صحيحة وكاملة، واعلم انك إذا طالبت بمنعها، فكأنك بالضبط تطالب بنشرها أكثر وأكثر.