حقاً ما أبعد اليوم عن البارحة!! هذا ما يتضح ونحن نقارن بين قمتين، القمة العربية العادية فى الكويت 2014 والقمة العربية الاقتصادية فى الكويت 2009، والعامل المشترك فى القمتين هو «قطر». قمة هذا العام جاءت وقطر مطرودة من الإجماع العربى على الأقل من ثلاث دول خليجية «السعودية، الإمارات والبحرين» بالإضافة إلى مصر بعد قرار هذه الدول سحب سفرائها وهى الخطوة التى تسبق القطيعة الدبلوماسية، بالإضافة إلى ضعف داعميها من حلفائها الإقليميين، فبشار محاصر فى قصره وإيران تعيد ترتيبات أوراقها فى ظل رئيس يحاول أن يرمم ما دمره أحمدى نجاد، أما أردوغان فانشغل بقضايا الفساد التى تطارده. وبرغم أن هذه القمة لم تشر إلى موضوع المصالحة فى جدول أعمالها فإن الخلاف كان مسيطراً وواضحاً رغم براعة وقدرة ونجاح الجهود الكويتية فى لجم هذا الخلاف وعدم السماح له بالظهور على السطح. الفرق بين هذه القمة والقمة الاقتصادية عام 2009 هو فرق فى الزمن والأحداث والمتغيرات، لكن ما أراه مهماً هو أن ما كنا نعتبره شكاً وتخميناً فى 2009 بات حقيقة واضحة وماثلة للعيان فى 2014 وأعنى هنا الدور الذى طالما لعبته قطر. فى القمة الاقتصادية بالكويت 2009 وقعت أكبر عملية استقطاب عربى بين معسكرين، الأول ما أطلق عليه دول الاعتدال وكان ممثَلا فى مصر ودول الخليج باستثناء قطر، والثانى ما أطلق عليه دول الممانعة وكان ممثلاً فى سورياوقطر وحماس وبعض الدول الأخرى. هذا الاستقطاب قادته قطر حين دعت إلى عقد قمة استثنائية طارئة فى الدوحة فى نفس توقيت عقد الترتيبات للقمة الاقتصادية فى الكويت، والهدف كما أعلنته وقتها البحث عن موقف ضد العدوان الإسرائيلى على غزة الذى بدأ فى ديسمبر 2008، وقتها تعثرت هذه القمة فى الانعقاد بسبب عدم اكتمال النصاب القانونى لذلك، وما زلت أتذكر مقولة لعمرو موسى أمين عام الجامعة العربية وقتها فى المؤتمر الصحفى الذى عقده فى مطار الكويت حين قال: «العالم العربى منقسم بين قمتين وأن الجهد العربى مشتت وهناك انقسام كبير»، وقال «إن لم يكتمل النصاب لن تُعقد قمة الدوحة الاستثنائية». فى نفس التوقيت تابعنا تصريحات وزير الخارجية القطرى بأن القمة ستعقد مهما حصل، وبدأنا نتابع وصول الرئيس السورى ووقتها تمت دعوة خالد مشعل وتم تمثيل حماس مما أغضب الرئيس الفلسطينى، ونذكر مثلاً أن الملك عبدالله ملك الأردن غضب وغادر القمة مبكراً لأنه لم يتم استقباله الاستقبال اللائق به كما استُقبل بشار أو خالد مشعل. عرفنا وقتها أنه كانت هناك نية وقرار قطرى بأنه حتى لو لم يكتمل النصاب ولم تحضر الجامعة كانت القمة ستعقد لتكون أول قمة عربية خارج مظلة الجامعة العربية، وتكون هذه القمة كما كان مخططاً لها قمة إعلان موت الجامعة، وقمة شرعنة الانقسام العربى، لكن بعد مشاركة العراق اكتمل النصاب وانعقدت القمة فى 30 مارس 2009 وبعدها عُقدت القمة الاقتصادية فى الكويت والذين حضروا هنا هم أنفسهم الذين حضروا هناك ولم يحدث شىء سوى تغيير فى الأماكن وحشر للدور القطرى الباحث دائماً عن دور. وحركت قمة الكويت الاقتصادية الكثير من المياه الراكدة بين المختلفين فى العالم العربى، وهنا علينا أن نذكر دور خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حين عقد قمة مصغرة فى الرياض ودعا إليها مبارك وبشار بحضور أمير الكويت، ورفضت مصر وقتها مشاركة أمير قطر فى هذا اللقاء وكان لقاء مصالحة. ولأن العالم العربى والإقليمى يمر بمتغيرات شديدة الخطورة فى الداخل والخارج كنا نتوقع ونعول كثيراً على أن تكون هذه القمة أكثر تأثيراً، لكن ربما تكون عملية التأسيس لنظام عربى جديد لم تكتمل بعد وأقصد هنا تحديد طبيعة وملامح التحالفات العربية المقبلة. ربما يتحقق ذلك فى القمة المقبلة التى ستعقد فى القاهرة العام المقبل.