أجاد المشير عبدالفتاح السيسى أمس، عندما أفصح بشكل غير مباشر، عن نيته للترشح فى الانتخابات الرئاسية المقبلة، بعد أن دبّ «الفتور» إلى مؤيديه خلال الفترة الماضية.. ولم يعد يبقى سوى الإعلان الرسمى، بعد صدور قانون الانتخابات الرئاسية واستقالته من منصبه كوزير للدفاع، ثم تسجيل اسمه فى كشوف الناخبين قبل قرار لجنة الانتخابات الرئاسية بدعوة المواطنين لانتخاب رئيس الجمهورية. كنت أستغرب من تشكيك البعض فى ترشح السيسى خلال الفترة الماضية لأسباب واهية، فمرة يقولون إنه يخشى الرفض الأجنبى وخاصة أمريكا، مع أن الرجل لم يعتبر لهذا الأمر عندما انحاز لإرادة الشعب فى 30 يونيو، كما أنه رفع خلال الفترة الماضية شعار «الاستقلال الوطنى» فكيف يستسلم له.. الحجة الثانية كانت الحملة التى يقوم بها الإخوان ضده فى الداخل والخارج، مع أن أى متابع لهذه العصابة الإرهابية الخائنة، يدرك أنهم سيحاولون القيام بذلك حتى لو لم يترشح السيسى للرئاسة، فلن ينسوا أنه توّج إرادة الشعب فى تحطيم أطماعهم وأحلامهم.. أما حجة أن الرجل يخشى الفشل وانهيار صورته لدى الشعب، فهى أيضاً غير منطقية؛ لأن انحراف ثورة 30 يونيو نحو رئيس هاوٍ كفيل بوصول البلاد مرة أخرى إلى ما كانت عليه أيام الإخوان.. كما تعلّم «السيسى» من تجربة سلفه المشير حسين طنطاوى حين ظن الأخير أنه سيدخل التاريخ مثل «سوار الذهب» بتسليمه السلطة، لكن ما فعله الإخوان فى الحكم أضاع ما كان يحلم به طنطاوى الذى أصبح «مداناً» بحكم النتائج وليس الفعل.. ولا أعتقد أن المشير «الجديد» لم يستوعب أخطاء المشير «القديم»، أما فكرة الخوف من الفشل فلا أعتقد أن العسكريين يفكرون بالخوف أو ينظرون للمجد الشخصى فقط. لم أشك لحظة أن «السيسى» سيترشح، ويشهد على ذلك الأصدقاء د. عمار على حسن، ود. أحمد محمود، ومحمود الكردوسى، ليس بالمعلومات فقط ولكن بالتحليل، وكنت أردد دائماً أن هذا الرجل لم يعد يملك رفاهية أن يصبح مواطناً عادياً فقد كتبت له الظروف الحالية أن يكون «زعيماً» يواجه تحديات الداخل وتقلبات المنطقة ومؤامرات الخارج، لتكون هذه المهام هى الأولى بالطبع فى برنامجه الانتخابى. أغرب ما سمعته خلال فترة الريبة أن «السيسى» يعزّ عليه خلع البدلة العسكرية، وأن الجيش يحتاجه فى هذه المرحلة الصعبة، ورغم وجاهة الحجة، فإنه إذا كانت البدلة العسكرية وسيلة لخدمة الدولة، فإن هناك مواقع أخرى قد تكون أفيد وأفضل، كما أن الجيش هو مصنع الرجال ويملك من الكفاءات الكثيرين الذين يعوضون غياب «السيسى».. وإذا كان المشير قد تأخر فى إعلان موقفه فذلك ليس بسبب تردده، كما يشيع البعض، بل لأمور لوجيستية. ■ ■ لقد قُضى الأمر وأصبح «السيسى» مرشحاً لرئاسة مصر، وعليه أن يواجه كل المؤامرات والمكائد بعد أن يترك «عرينه» وخلفه شعب واعٍ وناضج وعظيم، يدرك معه تحديات المرحلة وطبيعة المؤامرات، خرج فى ثورة يونيو، وطرد الإخوان وأنتج قائداً تاريخياً اسمه عبدالفتاح السيسى!