ثمة ظاهرة تستحق الرصد والمتابعة، يمكن أن تساعد فى نشر الفوضى، نعم تأثيرها لا ينخدع له إلا قليلون، لانقطاع الظاهرة عن الدين والواقع والمجتمع، لكن تأثيرها المحدود فيه إسالة للدماء، إن أُخذ منتَجها مأخذ الجد أوقات الحماسة وضبابية الرؤية، تلك الظاهرة هى «غلمان الشيخ القرضاوى» (المقربون منه رأساً)، ولأن جل الاهتمام انصب على مقولات «القرضاوى»، فلم ترصد ظاهرة «صبيانه» وحالتهم النفسية وتكوينهم العلمى رصداً مستقلاً، كما رصدت ظاهرة المنشقين عن الإخوان مثلاً. أهم سمات خطاب «غلمان القرضاوى» أنه خطاب أُنتج فى معظم مراحله وبالأخص مراحله الأخيرة، أنه لم يولد فى بيئة علمية مستقرة بل وُلد فى أجواء الإحباط والعصبية والتشنج والضغط النفسى، وفى إطار التنظيم والتعبئة والاستنفار والحماس واليأس، وُلد من رحم الردود والمجادلات والنقاشات والاستقطابات، ولم يولد من رحم الهدوء والانضباط العلمى المنهجى، ما أبرز منتجاً مشوهاً فى المنهج، نزع به هؤلاء «الصبيان» صوب الاستعراض بالشريعة أمام الأتباع، وفق لغة سوقية حادة، منها قول أحدهم: إن الشيخ الطيب -سليل بيت النبوة- من الأشرار الأرجاس، والجهلة الأميين، وأنه صعد للمشيخة على جماجم الأبرياء. وحين دخل «القرضاوى» بقوة على خط الاحتداد على الأزهر، واتسمت خطبه من فوق منبر مسجد «عمر بن الخطاب» «بقطر» بالعداء للأزهر، ودعا أتباعه «ليوقفوا شيخ الأزهر عند حده»، كما فى خطبة 30/8/2013 - كان غلمانه فى مصر ينفذون كلامه، فحاصر «صلاح سلطان» مشيخة الأزهر، وحاول ومعه مناصروه منع دخول الشيخ إلى المشيخة مع قذفه بأحط العبارات. من هؤلاء الصبيان ورَّاق اسمه «عصام تليمة»، تعوَّد اللعب بوعى وحماس أبناء وشباب الإخوان بطريقة سمجة ممقوتة، يجدد بها سياسة الخوارج والقطبيين، حيث أتى بفتوى لو استُفتى فيها إبليس لقصر باعُه فى المكر والخداع والتلبيس بالأدلة أن يأتى بمثل ما أتى به هذا الصبى، الذى ولج بظهره ميدان الفكر الإسلامى، كما ولجه الورَّاقون والصحافيون، فسوَّد غثاً وسموماً وفتناً سماها فتوى، ونصب لها أدلة ظاهرها الشكلى مقبول عند العوام لأنها مسنودة بنصوص شرعية، وحقيقتها استدلالات باردة جوفاء جلها أو كلها نتاج ظنون وتخرصات وإحباطات وعوامل نفسية. ذلك أنه دعا من «قطر» شباب الإخوان للقصاص بأنفسهم من الضباط بعد التأكد مما فعلوه، وأضاف: «لن يمنعك فقيه عن هذا»، دعك من أنه لم يشرح كيفية هذا التأكيد، ولا كيفية القصاص، وأنه إما أن له مقتولاً، وهنا نسأله: لماذا لا يأتى من «قطر» ليقتص بنفسه كما أفتى لغيره؟ وإما أنه ليس له مقتول وهو الأرجح، وهنا يكون كلامه موجهاً لتوريط غيره فى مصيبة لا يعلم مداها إلا الله، فلا يكفى هذا الغلام المتسرع أن رجلاً مات له ابن بل يريد توريطه فى قتل الضباط، فإما أن ينجح وهنا سيعدمونه، فيموت الابن ويُعدم الأب، وإما أن يقبض عليه قبل تنفيذ جريمته، فيموت الابن ويُسجن الأب، موت وخراب ديار، ولا على هذا الصبى من حرج طالما أنه وأسرته منعَّمون فى «قطر». أمام عبث هذا الصبى المتلاعب خرج د. شوقى علام مفتى الديار ليقول: «إن القصاص حق للدولة وليس للأفراد»، ليس اهتماماً بالشخص وإنما خوفاً من سريان الظاهرة، فإذا بهذا «التليمة» يغمز ويلمز ويتهمه تلميحاً أو تصريحاً بالمساعدة فى هتك الأعراض وقتل الأبرياء، ليصل المشروع الإسلامى المزعوم على أيدى غلمان «القرضاوى» إلى أعلى درجات خسارته العلمية والأخلاقية، فاقداً ربانية النضال، ومحمدية الخلاف، ومصلحة الوطن.