مجموعة الزعماء السياسيين الذين يعملون مذيعين بالفضائيات المصرية والعربية فى أوقات فراغهم، وكذلك ضيوفهم من أشاوس الاستوديوهات، هؤلاء جميعاً غاضبون للغاية من إقدام فئات مختلفة من المصريين على تنظيم إضرابات عن العمل والمطالبة بتحسين الأحوال المعيشية، خصوصاً بعد أن امتد هذا الإضراب إلى العاملين بهيئة النقل العام. من الطبيعى أن يغضب هؤلاء الزعماء، وكذا ضيوفهم من أصحاب الكرافتات الشيك، لأن أياً من هؤلاء لم يذهب إلى البنك أو صراف المؤسسة التى يعمل بها ولم يجد مرتبه، أو تأخر صرف الحوافز المستحقة له، أو تلكأت الجهة التى يعمل بها فى صرف أى زيادة مقررة له فى المرتب. إنسان يحصل على حقه «تالت ومتلت» من الطبيعى جداً ألا يحس بمواطن عادى، كل ما يطلبه فى الحياة هو تطبيق قرار الحد الأدنى للأجور، أو الحصول على حوافز أو أرباح لا تتجاوز عشرات الجنيهات. زعماء الاستوديوهات يشنفون آذاننا -على هامش هذه الإضرابات- بأحاديث لا تنتهى عن الوطن والوطنية، والظروف التى تمر بها البلاد، وكيف أن اللجوء إلى الإضرابات حالياً سوف يؤدى إلى تعقيد المعقَّد من المشكلات التى تواجه مصر. وهو كلام «حق» لكن يراد به باطل. جميل أن يحدثنا هؤلاء عن مراعاة الظروف التى تعيشها البلاد حالياً، لكن الباطل كل الباطل أن يطلبوا من عمال النقل -على سبيل المثال- الذى يعملون 14 ساعة فى اليوم ويسفّون تراب الشوارع ليل نهار أن يطعموا أبناءهم زلطاً بسبب الارتفاعات المتوالية فى الأسعار، فى ظل حكومة عاجزة كل العجز عن ضبط أسعار السلع والخدمات. لعلك تذكر حديث حكومة «الببلاوى» عن الأسعار «الإجبارية» التى تحولت فيما بعد إلى «الاسترشادية»، هل تمكنت الحكومة من ضبط الأسعار؟ هل تمكن وزير الكهرباء من منع انقطاع التيار؟ هل وفرت وزارة البترول السولار؟ نستطيع أن نمد الخط على استقامته ونسأل عشرات الأسئلة حول أداء الحكومة، وسوف تكون الإجابة عنها ثابتة وهى «ضعيف جداً». فى ظل ذلك لماذا لم يسأل زعماء الاستوديوهات كبار المسئولين الذين يديرون البلاد حالياً، هل ذهب أحدهم لقبض مرتبه أو حوافزه أو بدلاته آخر الشهر فوجد أنها قد نقصت جنيهاً واحداً؟ وماذا سيفعل لو حدث ذلك؟ الأطباء والصيادلة والعاملون بهيئة النقل العام وغيرهم وغيرهم يتابعون الأخبار التى تتدفق عبر وسائل الإعلام عن الزيادات المتلاحقة فى مرتبات رجال الشرطة وغيرهم، وآخرها زيادة بدل الخطر للعاملين ب«الداخلية»، ويسألون: لماذا لا يطالب زعماء الاستوديوهات بإيقاف هذه الزيادات تقديراً للظروف الاقتصادية للبلاد؟ ولماذا لم يلتفت الزعماء إلى قيام أمناء الشرطة بإغلاق مديريات الأمن والإضراب عن العمل منذ عدة أيام، ليشنفوا آذاننا -كما يفعلون الآن- بالحديث عن تأثير هذه الإضرابات والاعتصامات على عجلة الحياة فى مصر، وعدم تواؤمها أخلاقياً مع ما تمر به البلاد من ظروف؟!.. «اعدلوا هو أقرب للتقوى».