بينما تشهد أسعار الذهب تذبذبًا واضحًا، صعودًا وهبوطًا، بفعل حركة الأسواق العالمية، وسط تزايد تساؤلات قطاع من المواطنين حول الأداءة الأفضل لاستثمار مدخراتهم، التي زادت لدى القطاع المصرفي وتضاعفت من 832 مليار جنيه، في العام 2014، إلى ما يزيد على تريليوني جنيه في فبراير الماضي، وفقًا لأرقام البنك المركزي؛ تزداد الحاجة إلى رصد الأوعية الإدخارية الأفضل، والتي تتنوع ما بين الذهب وشهادات البنوك، والعقارات، وأسهم البورصة. وترصد "الوطن" في النقاط التالية أبرز الأوعية الإدخارية الأكثر ملائمة لأصحاب المدخرات التي تقل أو تزيد على 100 ألف جنيه: 1- الذهب: يجمع تجار الذهب والمجوهرات بالغرف التجارية على أنَّ الذهب لا يزال "ملاذًا آمنًا" لمدخرات المواطنين، لكن ذلك مرتبط بشرط، هو أن تكون تلك المدخرات في حدود معقولة، فلا تتجاوز مثلًا حدود ال100 ألف جنيه، معتقدين أنَّه لو زادت المدخرات عن هذا الحد فقد يكون من الأفضل أن يجرى استثمارها في مشروع تجاري ما؛ يدر ربحًا أكثر مما يوفره الذهب. وبحسب رفيق عباسي رئيس شعبة المجوهرات والذهب باتحاد الصناعات، فإنَّ الذهب يعد، وعلى المستوى العالمي، ملاذا آمنا للمؤسسات الاقتصادية و للحكومات، كما أنه على المستوى المحلى والأفراد "ملاذا" لمعظم الأسر المصرية، خاصة تلك التي لا تلجأ لفتح حساب بنكي لإيداع مبلغ متواضع يتراوح بين 5 إلى 10 آلاف جنيه. وقال رئيس شعبة المجوهرات إنَّ الذهب له ميزة مهمة وهي الحفاظ على القيمة، لكونه مخزونًا قادرًا على الاحتفاظ بالقيمة مستقبلًا، مؤكّدًا أنَّ الذهب ليس الوسيلة الجيدة لتحقيق العائدات والأرباح سريعًا كما في العقارات، أو المشروعات الإنتاجية. 2- شهادات وودائع البنوك: تُعد كل من الوديعة والشهادة أداتين رئيسيتين لادخار الأموال في البنوك، لكن العديد من الأفراد يخلطون بينهما، وتُعتبر الوديعة لأجل محدد وعاءً ادخاريًا يمتد عادةً من أسبوع إلى سنة أو أكثر، وبدأت بعض البنوك في الفترة الأخيرة بتقديم ودائع طويلة الأجل تصل فترتها إلى 10 سنوات، ويختلف عائد الوديعة باختلاف مدتها، ودورية صرف العائد التي تتباين بين عائد (شهري – ربع سنوي – نصف سنوي – سنوي)، وعند استحقاق الوديعة يمكن لمصرفك أن يجددها إضافةً إلى العوائد، أو يمكنك تحويلها إلى حساباتك الأخرى، أو سحب كامل المبلغ. ويعتبر الدكتور هشام إبراهيم الخبير المصرفي، أنَّ سعر الفائدة في الوقت الحالي أعلى من معدلات التضخم وهو ما يحقق ميزة جيدة لم تكن موجودة في وقت سابق، بما يحافظ على القوة الشرائية لمدخرات المواطنين من ناحية ويضيف إليها عائدًا أيضًا. ويوضح الخبير المصرفي، في تصريحه ل"الوطن"، أنَّ الانتقال بين أدوات الاستثمار المختلفة والمدخرات ليس أمرًا سهلًا ولا يناسب كل العملاء، مؤكّدًا أنَّه مع توقعات التضخم خلال الفترة المقبلة سيستمر سعر الفائدة في مستويات جيدة وأعلى من معدلات التضخم، مع تلبية احتياجات العملاء بعائد جيد على مدخراتهم، مبينًا أنَّ معدل ارتفاع أسعار السلع لم يعد جاذبًا للمواطنين، بما يدفعهم لاقتنائها قبل مزيد من الارتفاع ما يجعل من الادخار في البنوك حلاً أمثل في الوقت الحالي. 3 - العقارات: يعتبر سيف فرج الخبير العقاري، إنَّ العقار كوعاء استثماري يحقق ربحًا أكثر من القطاع المصرفي لكن على المدى الطويل، بمعنى أنَّ دورته الزمنية لا تقل مثلًا عن 5 سنوات ليأتي بثماره المرجوة، لافتًا إلى أنَّ المواطن عليه أن يختار وسيلة الادخار والاستثمار المناسبة له، فإذ كان يحتاج إلى دورة مال سريعة فاختيار العقار هنا ليس صحيحا كوعاء إدخاري. ويعتقد "فرج"، أنَّه "من الضروري أيضًا معرفة حركة العرض والطلب في السوق العقاري المصري، خاصة لكونها تتحكم في دورة رأس المال، وحاليًا يشهد السوق العقاري المصري تباطؤا في العرض والطلب، بسبب الترقب والحذر لأن الناس تنتظر زيادات كقبلة مع تحركات في أسعار أسعار مواد البناء، وزيادة تكاليف المعيشة. 4- أسهم البورصة: يعتقد خبراء مجال الاستثمار، ومسؤولو البورصة في المقام الأول، أنَّ سوق المال -وعلى عكس التصور السائد- وعاء إدخار أكثر ربحية وملائمة من غيره من الوعاءات المعروفة، بما فيها شهادات البنوك الادخارية، وذلك يرجع لأسباب عديدة، منها أنَّها أكثر سيولة من أي وعاء آخر، فسهولة الدخول والخروج من السوق تتيح للمستثمر استثمار ماله في سهم ما، ثم التخلص ببيعه بمجرد جني أرباحه في وقت أسرع، فضلاً عن وجود عوائد على الاستثمار قد تكون أعلى من البنوك، مثل مكاسب رأس المال وتوزيعات الأرباح. وتتيح سوق المال ميزة أخرى، تتمثل في إمكانية تنويع الاستثمارات، بحيث يتمكن المستثمر من تأسيس محفظة استثمارية تضم مجموعة متنوعة من الأوراق المالية، بشكل قد يؤدي إلى تقليل عنصر المخاطرة، ويرى الخبراء، أنَّ البورصة قد تصلح بشكل أكبر لعمليات الادخار طويلة الأجل. ووفقًا ل محمد فريد رئيس البورصة الحالي، فإن الادخار والاستثمار طويل الأجل في أسواق المال يمكن المتعاملين من التحوط ضد ارتفاع الأسعار وتآكل القوى الشرائية للدخول، مؤكّدًا في تصريحات سابقة، أنَّ إحدى أكبر الفرص التي لا يراها كثيرون هي تراكم الإدخار مع خلال الاستثمار في سوق الأسهم على المدى البعيد، لافتًا إلى أنَّ المخاوف بشأن التذبذب وتغير اتجاهات السوق تعتبر "تفاصيل صغيرة" عندما يتم النظر إليها على المدى الطويل. وأوضح رئيس البورصة، أنَّ الاستثمار والادخار على مدى 20 و25 عامًا هو الأنسب في تلك الحالة، متابعًا: "الناس يعتقدون أن 20 سنة فترة طويلة جدا، ولكن الأرقام تثبت بالفعل تحقيق عوائد مجزية". ويري وائل النحاس الخبير ببورصة الأوراق المالية، أنَّ الاستثمار في البورصة في الوقت الحالي "أمر في غاية الخطورة"، نظرًا لأنَّ البورصة المصرية تعاني في الوقت الحالي من تراجع كبير. ورغم ميل البعض إلى الاتجاه نحو البورصة، إلا أنَّ "النحاس"، ينصح المستثمرين الصغار بتكوين مشروعات متناهية الصغر عبر شركات صغيرة سواء مع الأصدقاء أو الأقارب أو مستثمرين آخرين المستثمرين، مؤكّدًا أنَّ هذا هو الوعاء الأكثر أمانًا في ظل حالة الضبابية التي تخيم علي بورصة الأوراق المالية المصرية حاليًا.