الوجوه التى هتفت «يسقط حكم العسكر» عادت للتشكيك فى موقف الجيش من ترشح «السيسى» تعمّدوا الإساءة إلى بيان المجلس الأعلى.. وأرادوا من ذلك الحكم على مسار الانتخابات الرئاسية قبل أن تبدأ محاولة إقحام الجيش فى الصراع السياسى مؤامرة تصب فى صالح الإخوان والأمريكان.. والمؤسسة العسكرية تدرك أبعادها «السيسى» ظل رافضاً للترشح إلا أنه قرر الاستجابة للضغوط الشعبية إنقاذاً للوطن ومنعاً لعودة الإخوان عادوا مجدداً يطلُّون بوجوههم، يطلقون ألسنتهم محمّلة بذات السموم، التى أطلقوها فى أوقات سابقة، إنها ذات الألسنة التى كانت تردد مقولات التشكيك فى المؤسسة العسكرية وقادتها، بعضهم كان يهتف مع المحرّضين من أصحاب الأجندات: «يسقط حكم العسكر»، والآن عادوا ليرددوا وليشككوا فى مواقف المؤسسة ذاتها. فى الفترة الماضية جرى تزييف واسع للحقائق، روّجوا الادعاءات الكاذبة عن جيش مصر العظيم، قالوا إنه تآمر وقتل وأثار الفوضى، إلا أن كلمات صادقة أطلقها القائد العام المشير السيسى فى وقت سابق خلال لقاء المجلس الأعلى بالرئيس المعزول فى مارس الماضى عندما قال: «الجيش المصرى لم يقتل ولم يخن ولم يغدر»!! لم يكن جيش مصر العظيم طرفاً فى صراع سياسى، ولم يكن أيضاً ساعياً إلى دور غير الدور المنوط به، سعى كثيراً فى الفترة الماضية من أجل رأب الصدع، قدّم النصيحة، أصدر البيانات والتحذيرات، ولكن أحداً لم ينظر بجدية إلى مخاوف الجيش من خطورة انزلاق البلاد إلى حرب أهلية يضيع فيها كل شىء. وعندما خرج الملايين إلى الشوارع يعلنون إصرارهم على إسقاط حكم المرشد، بذل المشير السيسى جهوداً كبيرة من أجل إقناع الرئيس المعزول بالاستجابة لمطلب الشعب بإجراء استفتاء على إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وظل يحاول حتى اليوم الأخير، يوم الثالث من يوليو، إلا أن الجماعة الإخوانية وممثلها فى القصر الرئاسى رفضا ذلك بكل شدة. لم يكن أمام المشير السيسى والقيادة العامة للقوات المسلحة سوى الانحياز إلى إرادة الشعب المصرى، وحماية البلاد من خطر الفوضى. وكان البيان الأول حاسماً، لقد جرى الإعلان عن خارطة المستقبل، وتم تسليم أمر الحكم إلى رئيس المحكمة الدستورية العليا الذى تولى مهام رئيس الجمهورية المؤقت، تعاونه حكومة مدنية برئاسة الدكتور حازم الببلاوى. ظل المشير السيسى بعيداً عن إدارة شئون البلاد، كان أقل الوزراء حديثاً داخل مجلس الوزراء، كان يتعمّد التزام الصمت، حتى لا يُقال إنه يفرض وجهة نظر معينة على الآخرين، وهو ما أكده رئيس الوزراء حازم الببلاوى، فى أكثر من حديث صحفى. ومع تردى الأوضاع الأمنية وانتشار الإرهاب الذى استهدف الشعب والدولة طلب المشير السيسى من المصريين تفويضه لمواجهة الإرهاب، وخرج المصريون من كل حدب وصوب، عشرات الملايين فى الشوارع يهتفون باسمه ويمنحونه التفويض. ورغم أن «السيسى» حصل على أكبر دعم شعبى لاتخاذ القرارات الحاسمة لفض الاعتصام المسلح فى رابعة العدوية وفرض كل الإجراءات التى من شأنها اجتثاث الإرهاب من جذوره، فإن الرجل لم ينفرد بالقرار، ولم يستند إلى هذا التفويض لفرض إجراءات فردية، لكنه التزم بالقرار الجماعى داخل الحكومة وداخل مجلس الدفاع الوطنى. تحمّل الانتقادات والأقاويل والهمسات، والادعاءات التى كانت تبث من وسائل الإعلام، ظل صامتاً يرفض الرد، حتى تكشّفت أبعاد المؤامرة التى عرقلت فض الاعتصام المسلح والتى راحت تتحدث عن المصالحة مع الإرهاب فى الوقت الذى تتدفّق فيه دماء الأبرياء فى الشارع على أيدى هذه العصابات التى قُدر لها أن تحكم مصر فى يوم ما. ومع إلحاح الشارع المصرى وحاجته إلى رجل يتمتع بثقة الشعب والقدرة على اتخاذ القرار، لم يكن هناك خيار أمامه سوى الاستجابة لهذا التكليف، أدرك «السيسى» أن اللحظة التى تعيشها مصر هى لحظة حاسمة، إنه لا يرغب، لكنه لا يستطيع أن يهرب من الميدان ويتخلى عن المسئولية التى أراده الشعب لها. كان الموقف مرهوناً بالاستفتاء والخروج الكبير فى 25 يناير، جاءت نتيجة المشاركة ونتيجة التصويت مذهلة، أكثر من عشرين مليوناً شاركوا وبنسبة ٪98.1 قالوا «نعم» للدستور، وقالوها ل«السيسى» مرشحاً للرئاسة أيضاً!! وفى الخامس والعشرين من يناير، خرج الملايين يحتفلون بالثورة ويحملون صور «السيسى»، يكلّفونه ويناشدونه ويهتفون باسمه فى الشوارع والميادين، إنه رجل المرحلة، فهل يستطيع «السيسى» أن يرفض؟، هل يستطيع أن يهرب من قدره وقدرنا؟! كان طبيعياً أن يلجأ إلى بيته الأول إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة، يطلب الإذن بالترشح، بعد مناقشات مطوّلة، لم يكن أمام المجلس الأعلى سوى الاستجابة، قدّم أعز الأبناء ليمارس المسئولية فى مكان آخر، بناءً على رغبة شعبية عارمة.. كان البيان محدداً.. وكانت الكلمات منتقاة، قال البيان «قرر المجلس الأعلى للقوات المسلحة أن للفريق أول عبدالفتاح السيسى أن يتصرّف وفق ضميره الوطنى ويتحمل مسئولية الواجب الذى نودى إليه، وخاصة أن الحكم فيه هو صوت جماهير الشعب فى صناديق الاقتراع، وأن المجلس فى كل الأحوال يعتبر أن الإرادة العليا لجماهير الشعب هى الآمر المطاع والواجب النفاذ فى كل الظروف»!! وما إن تم إعلان البيان الذى لا يمثل أى تدخل فى شئون الانتخابات، ولا يحمل أى تأييد للمشير السيسى أو غيره، حتى قامت الدنيا ولم تقعد. بيانات تصدر وأكاذيب تتردد، وكلها أرادت النيل من المؤسسة العسكرية واتهامها بالتدخل فى شئون الانتخابات الرئاسية وتأييد المشير عبدالفتاح السيسى فى الانتخابات المقبلة، واستغل البعض منابر إعلامية وصحفية ومواقع التواصل الاجتماعى لإقحام المؤسسة العسكرية فى الصراع الدائر فى المجتمع، وهى كلها أمور أثارت استياءً واسعاً داخل المؤسسة العسكرية المشغولة حالياً بخوض حرب شرسة ضد الإرهاب الذى يُمارس ضد الشعب والدولة على السواء. إنها ذات الوجوه عادت تطل، وتستخدم أساليب جديدة هدفها النيل من المؤسسة العسكرية وتعمّد الإساءة إلى المشير السيسى، وكأنهم بذلك يعيدون نفس السيناريوهات السابقة.. فباسم الثورة أساءوا إلى جيش مصر وأهانوا رجاله فى الشوارع وهتفوا ضد المشير طنطاوى وأقاموا له المشانق فى الشوارع وراحوا يهتفون فى كل مكان «يسقط.. يسقط حكم العسكر». باسم الشهداء، الذين كان الجيش براءً من دمائهم، راحوا يملأون جدران الشوارع بإساءات متعمدة للجيش ولمجلسه العسكرى، ويطالبون بالثأر منهم، مع أن الحقائق أثبتت الآن أن من كان يحرك بعضاً من هؤلاء الشباب هم أنفسهم من ارتكبوا جرائم القتل والفوضى، وأقصد هنا الإخوان الإرهابيين!! وهكذا بدأت الموجة الثالثة من الحرب الموجّهة ضد الجيش وضد «السيسى» تأخذ طريقها من خلال التشكيك والادعاءات الزائفة، فإذا وقفت وطالبت ب«السيسى» مرشحاً فأنت منافق، وإذا غنّى البعض له وهتفوا فى الشوارع والميادين، فهؤلاء هم من يصنعون الفرعون الجديد، وهكذا أصبح هؤلاء يصادرون على حق الشعب فى التعبير عن دعمه لرجل انحاز إلى إرادة المصريين وحمى البلاد من خطر الفوضى والحرب الأهلية. يا أيها المرضى النفسيون.. كفوا عن حديثكم الآثم، لقد مملنا المصطلحات المغموسة فى حبر الليبرالية الزائفة، دعكم من الزيف والبهتان، أنتم لستم أوصياء على الشعب المصرى وعلى حقه فى البحث عن الأمن والاستقرار.. لو كان الوقوف والدعم للمشير السيسى يعد نفاقاً، فنحن نفخر بذلك، وندرك أن النفاق هو لغتكم أنتم ونرجوكم مراجعة مواقفكم من زمن «مبارك»، مروراً بزمن «مرسى»، وانتهاءً بجوقة أكاذيبكم عن الجيش وقائده العام.. لقد مل الشعب من ادعاءاتكم وتزييفكم للحقائق، تريدون إحداث الانقسام المجتمعى من جديد، بزعم أن الفلول عائدون وأن هناك مخططاً لإعادة إنتاج نظام «مبارك»، هذا عبث وكذب وبهتان، فنظام الفساد والاستبداد انتهى إلى غير رجعة، وتقسيم المجتمع إلى فلول وثوار هو نفس نهج الإخوان الذين قسّموا المجتمع إلى إسلاميين وكفار.. إن هذه الأقلام والألسنة المسمومة التى تردد هذه الأقاويل والادعاءات، لا تريد لهذا الوطن استقراراً، ولا أمناً وهم يخدمون مخططات الإخوان، أرادوا ذلك أم لم يريدوه.. إن الوطن مرَّ بمرحلة تاريخية حساسة ومهمة وخطيرة، حيث تتكالب قوى الشر لإنهاكه وإشعال الحروب على أراضيه والحيلولة دون استقراره، وفى مثل هذه الحالات، فإن كل صاحب حس وطنى حقيقى، لا يملك إلا أن يقف مع دولته وجيشه وشرطته، فالوطن يتعرّض لخطر الإرهاب المدعوم من الخارج والذى يستهدف إسقاط الدولة وإشاعة الفوضى.. إننى أدرك أن هذه الأكاذيب التى يروّجها البعض لن تنال أبداً من عزيمة جيشنا وشرطتنا، ولن تؤثر أبداً فى صلابة الرجل الذى أحبه الشعب وبنى عليه آماله وطموحاته فى عودة مصر آمنة مستقرة، يجد فيها الفقير لقمة عيشه، ويجد فيها الغنى أمنه على ماله وكيانه.. لكل ذلك.. امضِ يا سيادة المشير على طريقك وكلنا خلفك.. أدرك أن الضغوط والدعايات الكاذبة لن تنال من عزيمتك، فأنت المؤمن، الواثق، القوى، المنتمى، الرجل، الشجاع.. أعرف أنك لن تتردد، وأنك لن تعير جوقة الكذابين اهتماماً. كل من يقفون حولك لا يريدون من الدنيا سوى وطن آمن مستقر، لا يبحثون عن مكسب أو مغنم، يناشدونك من قلوبهم، ويهتفون باسمك، وهم يشعرون بالفخر، هؤلاء شعروا بك قبل أن يعرفوك، سمعوا كلماتك وأحبوك.. من أجل الغلابة لا تتردد.. من أجل الكادحين والمكلومين، من أجل أرواح شهداء صعدت إلى خالقها دفاعاً عن مصر، من أجل تراب الوطن الذى أحببته.. من أجل أن تكون مصر «أد» الدنيا على يديك لا تتردد.. أيها الفارس النبيل.. بشرنا بالقرار وامض على الطريق، ونحن خلفك، والله لو خُضت البحر لخضناه من خلفك، سنتحمل الألم والجوع.. سنستمع إلى كلماتك وننفذ قراراتك، لأننا نثق أنك ابن مخلص لهذا الوطن، صادق الوعد، قادر على صنع المستحيل بإرادة الشعب وبتوفيق من الله سبحانه وتعالى.. فلا تتردد!!