أعرف يا رئيس أقوى دولة فى العالم أنك مشغول جداً هذه الأيام فى مشاكل داخلية دقيقة، وأظن أيضاً فى مشاكل خارجية محرجة.. ولكنى أرجو أن تجد بعض الدقائق لتتصفح هذه الرسالة.. أنا أقدر حزنك وخجلك من الفشل التام الذى أصاب مشروعكم الميمون المدعو ب«الشرق الأوسط الجديد» وخيبة أملكم الديمقراطى فى كشف الثورات الملونة بلون الورود والمصدرة لنا بألوان العمالة والخيانة أملا فى تقسيم البلاد ونهب ثرواتها وتحويلها للنموذج الديمقراطى البديع الذى يأكل فى العراق ويهدم ويقتل، والذى نراه من جهلنا الديمقراطى دماراً وخراباً.. ولكن ربما يسعدك ويهدئ من روعك قليلاً ما تم إنجازه فى السودان وليبيا واليمن وسوريا وتونس، وإن كان انتظارك لنتيجة ما يحدث فى مصر قد أصابك بالإحباط.. وأنا أقدر تماماً المجهود الشاق الذى بذلتموه للوصول إلى قلب مصر لطعنه وتفتيته.. وأقدر المصاريف الباهظة بالدولار والريال واليورو التى موّلتم بها حلفاءكم مخلب القط الساذج المدعوين بالإخوان الإرهابيين.. أعذرك فى محاولات الإنكار للفشل المدوى الذى تحاوله صحفكم الغراء مثل «نيويورك تايمز» التى تتحدث عن الدستور المصرى بأن (بنوده محطمة لآمال ثورات الربيع العربى وأنه يدعم مؤسسات الدولة المصرية التى تحكم سيطرتها على البلاد بقبضة من حديد).. وقالت أيضاً (إن هناك بعض الغموض بين سطور الدستور يصب فى مصلحة الشرطة والجيش والقضاء!!.. ويوسع من نفوذهم الذى مكنهم من الإطاحة بالرئيس المنتخب محمد مرسى وحل جماعة الإخوان المسلمين بل وحظرها أيضاً». ولا أخفيك سراً يا سيادة الرئيس أننى قد ضحكت بشدة من هذه السطور لأن كاتبها يقصد بها ذماً بينما هى فى الحقيقة مدح للدستور المصرى الجديد فقد أصبحنا من ذوى السلطة القضائية القوية الفولاذية مثلكم تماماً وهو الأمل المنشود.. أما اعتراضكم على محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكرى فهى -تصحيحاً لمعلوماتكم المغلوطة- بدأت فى مصر منذ عام 1893 وتم النص على اختصاصات القضاء العسكرى بقانون 25 لعام 1966.. وهو ليس وليدا للدستور الجديد.. وأظن أنه لو حاول أحد الاقتراب بمظاهرة فقط من مبنى البنتاجون الأمريكى لكان مصيره القتل الفورى وليس المحاكمة أمام القضاء العسكرى لديكم.. ولكننا ولله الحمد لم نصل لهذا المستوى من الديمقراطية العريقة لديكم وها هى القناة الديمقراطية الشهيرة ب«سى إن إن» تحاول إقناع شعبكم المسكين بأن الاستفتاء على الدستور المصرى تم بناء على تحريض إعلامى وأن الشرطة المصرية تقتل المعارضين فى الشوارع وتذكرنا هذه القناة بقناة الجزيرة التى أصبحت الآن تتحدث وتسمع نفسها فقط ولكنى واثقة من أنكم تعلمون جيداً من القاتل ومن المقتول فى شوارع مصر.. وإذا كانت تلك هى معلوماتكم فأسرعوا بإغلاق جهاز المخابرات المركزية الأمريكية وتأجير المبنى لمحلات «ماكدونالدز». وأقدر أيضاً خيبة الأمل الشديدة التى أصابتكم بعد أن تم كشف نشطائكم المحترمين الذين رأيناهم منذ عامين فى قلب ميدان «وول ستريت» يطلبون فى مظاهرة مصورة مساعدتكم لإسقاط المؤسسة العسكرية المصرية.. كان آخرهم هذا الفتى ابن مفتى الناتو الذى حاول اللحاق بتنظيم الإخوان الدولى فى بلادكم لكنه للأسف مُنع من السفر فى مطار القاهرة لأننا لا نقدر الديمقراطية الأمريكانى حق قدرها.. والحقيقة أريد أن أوصيكم خيراً بالسيدة السفيرة السابقة، فقد بذلت مجهوداً مضنيا فى سبيل إنقاذ الإخوان المسلمين من نهايتهم المحتومة حتى أوشكت أن تنضم إلى اعتصامهم فى ميدان رابعة العدوية، وربما تسير الآن فى شوارع واشنطن وهى ترتدى «تى شيرت» أصفر عليه بعض الأصابع. لعلك الآن يا سيادة الرئيس لا تعرف من أين جاءت الصفعة المفاجئة؛ لذلك وجب التوضيح: الصفعة جاءت من جهلكم الشديد بحقيقة الشعب المصرى، وتراث الشعب المصرى وتاريخ الشعب المصرى، وحضارة سبعة آلاف عام.. لذلك عندما التف الشعب حول جيشه العظيم الذى كان هدفكم الحقيقى.. جاءت الصفعة.. أظن أن سيادتكم قد شاهدتم ملحمة الاستفتاء على الدستور وربما الاحتفال والرقص والغناء والحب الجارف لرجالنا الشرفاء أصحاب الانقلاب الشهير.. هذا الشعب هو القاهر لكل من حاول على مدى تاريخه أن يمس وطنه أو حدوده أو وحدته، هو شعب غير قابل للانكسار ولا الانقسام ولا التفريط فى ذرة من ترابه.. فى النهاية أهدى لسيادتكم موال محمد طه العظيم «مصر جميلة.. خليك فاكر».