انتظام امتحانات النقل للمراحل الابتدائية والإعدادية والثانوية الفنية بالبحيرة    جامعة بنها الأهلية: بدء الدراسة بكليتي الفنون البصرية والطب البيطري العام القادم    قطاع الدراسات العليا بجامعة القناة يعقد اجتماعه التحضيري الأول للاستعداد لمؤتمره السنوي    وزيرة الهجرة: المصريون بالخارج يعززون من تأثير القوى الناعمة المصرية ولهم دور وطني في الداخل    ارتفاع جماعي لكافة مؤشرات البورصة اليوم الخميس 9 مايو 2024    إزالة 37 إعلانا مخالفا في مركز الرياض بكفر الشيخ    منها «الألف يوم الذهبية».. «الصحة» تعلن نتائج تنفيذ توصيات مؤتمر «السكان والتنمية» (تفاصيل)    النائب أحمد المصرى: توجيهات الرئيس بشأن مشروعات التوسع الزراعى تحقق الأمن الغذائي للبلاد    مصدر رفيع المستوى: مصر جددت تحذيرها من خطورة فشل مفاوضات الهدنة    السيسي يبحث مع رئيس الوزراء الأردني عواقب اجتياح رفح الفلسطينية| صور    باحث استراتيجي: رؤية مصر لوقف الحرب على غزة تشمل 3 مراحل    شطة ل«أهل مصر»: أؤيد تجديد عقد معلول مع الأهلي ولا أعتقد أنه ينتظر منصب في النادي    لاعبو ريال مدريد يحتفلون بالتأهل في مطعم    محافظ المنوفية يحيل مختصين بمديرية التضامن الاجتماعي وإحدى الجمعيات الأهلية للنيابة    تأجيل محاكمة مالك جراج وعامل قتلا شخصًا خلال مشاجرة بشبرا الخيمة    القبض على المتهمين بغسيل أموال ب 20 مليون جنيه    «الداخلية»: تحرير 536 مخالفة لعدم ارتداء الخوذة.. وسحب 1390 رخصة خلال 24 ساعة    تأجيل محاكمة المتهمين بقضية فساد التموين الكبرى لجلسة 8 يوليو    وصول جثمان سهير عبد العزيز تمهيدا لإقامة صلاة الجنازة    فاصل من اللحظات اللذيذة ثالثًا في شباك تذاكر أفلام السينما (تفاصيل)    حسين فهمي ضيف شرف اليوبيل الذهبي لمهرجان جمعية الفيلم    وحش الكون يؤمر.. أحمد العوضي يستجيب لطلب ياسمين عبد العزيز    ما حكم قطع صلة الرحم بسبب الأذى؟.. «الإفتاء» تُجيب    الخشت يؤكد اهتمام جامعة القاهرة بالاعتماد الدولي لكلياتها وبرامجها المختلفة    دفاع حسين الشحات يطالب بوقف دعوى اتهامه بالتعدي على الشيبي    موازنات القطاع الصحي بجدول أعمال لجان البرلمان اليوم    وزير الإسكان العُماني يزور مشروعات العاصمة الإدارية    بالفيديو.. رئيس حزب الشعب الديمقراطي: مصر هي أيقونة السلام في العالم    الليلة.. فرقة السلام تقدم عرض حزام ناسف على مسرح قصر ثقافة روض الفرج    مفاجآت سارة ل5 أبراج خلال شهر مايو.. فرص لتحقيق مكاسب مالية    مسلسل البيت بيتي الحلقة 5، كراكيري يخسر منزله وينتقل إلى بيت المزرعة    حماية المستهلك: تشكيل لجنة مشتركة بين مصر وتركيا لنقل الخبرات المصرية    إمام وخطيب مسجد عمرو بن العاص يوضح حكم حج الرجل عن أخته المريضة    الكشف على 278 مواطنا في قافلة طبية لجامعة بنها    السكري- ما أعراض مرحلة ما قبل الإصابة؟    اليوم.. وزير الشباب والرياضة يحل ضيفًا على «بوابة أخبار اليوم»    جهاد جريشة يطمئن الزمالك بشأن حكام نهائي الكونفدرالية أمام نهضة بركان    مصدر عسكري: يجب على إسرائيل أن تعيد النظر في خططها العسكرية برفح بعد تصريحات بايدن    بوتين يحيي ذكرى انتصار الاتحاد السوفيتي على ألمانيا النازية في الحرب العالمية الثانية    الحوثيون يستهدفون 3 سفن إسرائيلية في خليج عدن وبحر العرب    البورصة تخسر 5 مليارات جنيه في مستهل أخر جلسات الأسبوع    وزير الري: زيادة الإيرادات تساهم في تحسين منظومة التدريب وبناء القدرات    12 صورة بالمواعيد.. تشغيل قطارات المصيف إلى الإسكندرية ومرسى مطروح    قبل امتحانات نهاية العام 2024.. احرص على ترديد هذه الأدعية    مصرع شخص وإصابة 4 آخرين في حادث تصادم بسوهاج    طلب إحاطة بتعديل مكافآت طلاب الامتياز ورفع مستوى تدريبهم    فئات هم الأكثر عرضة للإصابة بمتحور كورونا الجديد.. المتعافين من الفيروس ليسوا بمأمن    تعرف علي الفئات الأكثر عرضة للإصابة بالرمد الربيعي    بعد العاصفة الأخيرة.. تحذير شديد من الأرصاد السعودية بشأن طقس اليوم    علي جمعة: القلب له بابان.. وعلى كل مسلم بدء صفحة جديدة مع الله    الرئاسة الفلسطينية: وحدة الأراضي خط أحمر ونلتزم بالقانون الدولي ومبادرة السلام العربية    الأهلي يخطف صفقة الزمالك.. والحسم بعد موقعة الترجي (تفاصيل)    محمد فضل يفجر مفاجأة: إمام عاشور وقع للأهلي قبل انتقاله للزمالك    أحمد عيد عبدالملك: تكاتف ودعم الإدارة والجماهير وراء صعود غزل المحلة للممتاز    تامر حسني يقدم العزاء ل كريم عبدالعزيز في وفاة والدته    إبراهيم عيسى: السلفيين عكروا العقل المصري لدرجة منع تهنئة المسيحيين في أعيادهم    «أسترازينيكا» تبدأ سحب لقاح كورونا عالميًا    دعاء في جوف الليل: اللهم اجعل لنا في كل أمر يسراً وفي كل رزق بركة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تطبيق الشريعة وتجريد القرآن
نشر في الوطن يوم 15 - 05 - 2012

انتهينا فى مقال سابق إلى حقيقة هامة مفادها أن العالم الإسلامى على امتداده زماناً ومكاناً لم يعرف نمطاً محدداً فى التشريع، يمكن إحياؤه وتطبيقه فى مصر المعاصرة، إذ شهدت المجتمعات الإسلامية تعدداً وتنوعاً فى التشريع على الرغم من وحدة مرجعيته.
وعندنا أن ذلك يرجع أساساً إلى كون الإسلام هو الدين الخاتم. ومن ثم فمن المستحيل صياغة تشريع ثابت «للعالمين» حتى قيام الساعة. فالأحكام الثابتة لا يمكن أن تعالج قضايا ومشاكل ومسائل مستحدثة تفرزها سنة التغير والتطور. من هنا قدم الإسلام مبادئ عامة لا ينسخها منطق الصيرورة كالإخاء والعدل والمساواة.
وفى هذا الصدد تختلف نظرة القرآن عن الرؤية التوراتية التى قننت لأدق التفصيلات والجزئيات التى تحولت إلى «دوجما» لفظها التاريخ. ليس أدل على ذلك من تحريف الأحبار للتوراة وابتداع التلمود والمشنا ونحوها تحت تأثير معطيات التطور. بينما عول المفهوم الإسلامى للتشريع على المرونة والانفتاح والتيسير وما شابه، ولم يجد الخلفاء الراشدون غضاضة فى صياغة أحكام تجارى معطيات الزمان والمكان ومعطيات الواقع؛ فعمر بن الخطاب خالف سابقه أبابكر فى الكثير من الأحكام كما هو الحال فى قضية توزيع الفىء وتوزيع الأرض على جنود الفتح. بل إنه أوقف حد السرقة فى عام «الرمادة». ولعمر قول حكيم هو: «جردوا القرآن، وأقلوا فى الرواية عن محمد (ص)»، لا لشىء إلا لاختلاف الظروف؛ فأحكام «حكومة المدينة» لا يمكن نقلها لإدارة «الدولة الإمبراطورية» التى اقتبس من نظم الفرس والروم لتسيير شئونها. كما اعتمد الأمويون فقه «الأوزاعى» -المتأثر بالقانون الرومانى- للأسباب ذاتها، وتأثر مذهب مالك فى الأندلس بقوانين القوط لمواجهة أخطار الممالك النصرانية.
وإذ أغلق باب الاجتهاد خلال عصور الانحطاط تحجر الفقه، وعجز عن مواكبة متغيرات الواقع فى الغرب الإسلامى حيث انشغل الفقهاء المالكية بالسياسة -طلباً للمال والجاه- وتحول الفقه إلى «نوازل» لمعالجة قضايا مستحدثة وكانت معظم فتاوى «فقهاء السلطان» بصددها أبعد ما يكون عن مقاصد الشريعة. وهذا يفسر لماذا لجأت الرعية فى كل إقليم أو مدينة إلى «الأعراف» كبديل عن الفقه؛ كما هو حال «أعمال أهل فاس» و«أعمال أهل قرطبة» على سبيل المثال. ولقد تدهور فى المشرق بالمثل؛ ولجأ جل الفقهاء إلى «الحيل» التى كان بعضها يحلل الحرام ويحرم الحلال!
على أن بعض الفقهاء المستنيرين تركوا تراثاً هاماً يتعلق بعلم أصول الفقه يمكن لنا الاسترشاد به فى صياغة قوانين ولوائح تستلهم روح الشريعة الإسلامية، منهم «ابن رشد الحفيد» فى كتابه (بداية المجتهد ونهاية المقتصد) الذى نقد فقه سابقيه ومعاصريه؛ وعول على العقل فى استنباط أحكام مستمدة من قواعد «الاستصلاح» و«الاستحسان» و«المصالح المرسلة»؛ بما يحقق «مقاصد الشريعة». ومنهم «العز بن عبدالسلام» الذى نصح الفقهاء بمراعاة «صحة الأحكام وتحقيق المصلحة باعتماد العادات والتجارب والأخذ بالعرف.. مع طلب الأدلة»، ونصح ب«نسبية اليقين» ورفض «التقييد وجمود التأويل». أما «الشاطبى» فقد جعل «تحقيق المصالح» عماد اجتهاداته، إلى جانب إبراز دور العقل فى صياغة أحكام تتسق مع معطيات الواقع.
واعتبر بعض الفقهاء من أمثال الجوينى والقرافى وابن القيم وغيرهم تحقيق «المصالح» غاية التشريع حتى لو تعارض التحقيق مع ظاهر النصوص الدينية؛ حيث يمكن تجاوز تلك المشكلة عن طريق التعويل على «التأويل».. فهل يعى الداعون إلى تطبيق الشريعة ما قدمه هؤلاء الفقهاء العظام ويتخذون من مؤلفاتهم مرجعية لدعوتهم كبديل لإمامهم «ابن تيمية»؟.. إنا لمنتظرون!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.