رغم حالة الركود التى تعانيها السوق المصرية، ارتفعت أسعار السلع الاستهلاكية بنحو 40% منذ يناير 2011 وحتى الآن، بسبب تزايد تهريب البضائع والمنتجات عبر الحدود الشرقية إلى غزة والغربية إلى ليبيا. وأرجع الخبراء الظاهرة إلى ضعف الإنتاج وغلق الكثير من المصانع، مع تصدير سلع أساسية وتهريبها للخارج واستمرار الممارسات الاحتكارية للسلع. وقال عماد عابدين، سكرتير شعبة المواد الغذائية فى الغرفة التجارية بالقاهرة، إن أسعار السلع عموما ارتفعت بنسب متفاوتة، نتيجة للتهريب إلى غزة وليبيا، فضلا عن وجود احتكارات لمعظم السلع، وتدنى الغرامة الواقعة على المتلاعبين من التجار. وأشار عابدين إلى أن ارتفاع الأسعار قبل الثورة كان «موسميا»، أى أنه يرتفع فى مواسم معينة مثل شهر رمضان والأعياد، أما الآن فالأسعار ترتفع دون ضوابط. وقدّر عابدين ارتفاع الأسعار منذ اندلاع الثورة وحتى الآن بمتوسط 40%، متوقعا زيادتها فى شهر رمضان بنسبة 10% إضافية، ونوه إلى أن التجار يشترون السلع بأسعار مرتفعة من المنبع سواء من المستورد أو المنتج وأن الشركات المنتجة ترفع الأسعار قبل الموسم. وذكر تقرير حديث للجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء أن معدلات التضخم ارتفعت فى جميع أنحاء الجمهورية خلال أبريل الماضى لتسجل زيادة سنوية بلغت نسبتها 9.3% مقارنة بالشهر نفسه من عام 2011. وأرجع التقرير زيادة التضخم الشهر الماضى إلى الارتفاعات الملحوظة فى أسعار الخضراوات والأسماك والمأكولات البحرية والفاكهة، فضلا عن اللحوم والدواجن. وقال الدكتور على لطفى، الخبير الاقتصادى رئيس وزراء مصر الأسبق، إن السبب فى ارتفاع الأسعار يرجع إلى حالة الفوضى والمظاهرات التى أثرت على النشاط الاقتصادى، وأدت إلى أزمة فى المعروض من السلع والخدمات بسبب مشاكل النقل وانخفاض الإنتاج، وعدم توفير المواد الخام، فضلا عن ارتفاع أسعار الدولار مقابل الجنيه. وأكد الدكتور حمدى عبدالعظيم، الخبير الاقتصادى، أن ما تشهده الأسواق الآن يسمى «الركود التضخمى» وهو جمع بين النقيضين (الركود وارتفاع الأسعار) الذى ظهر لأول مرة عالميا مع بداية السبعينات بعد ارتفاع أسعار البترول. وأضاف عبدالعظيم أن ظاهرة الركود التضخمى غالبا ما تظهر بعد الثورات واضطراب الأوضاع السياسية والاقتصادية مع استمرار الممارسات الاحتكارية، وتستمر حتى تستقر الأوضاع. وأشار عبدالعظيم إلى أن الحكومات تكافح الركود أولا من خلال تنشيط الطلب وزيادة الدخل أو زيادة طبع النقود، ثم تتحرك لتواجه التضخم. ونوه إلى أنه يجب اتباع سياسات اقتصادية سليمة للقضاء على هذه المرحلة، تبدأ من الإصلاح الجذرى لجميع القوانين المنظمة للتجارة ومنع الاحتكار، فضلاً عن هيكلة الموازنة العامة للدولة، وزيادة الإنفاق على التعليم والصحة، وتخفيض النفقات الحكومية وتبسيط إجراءات الاستثمار، وضبط خلل الجهاز المصرفى والسياسة النقدية. وأوضح الخبير الاقتصادى أن العلاج يكمن فى تشجيع الاستثمار المحلى لزيادة الإنتاج بشتى الوسائل، وذلك باتباع سياسة مالية تهدف إلى تخفيض تكاليف الإنتاج وخفض معدلات البطالة، حيث إن سياسة تشجيع الاستثمار توفر فرصا جديدة للعمل، لافتا إلى أن الركود التضخمى فى مصر يرجع أحيانا إلى أسباب خارجية تتعلق بزيادة الاستيراد خاصة أننا نستود أكثر من 80% من السلع. وقالت سعاد الديب، نائب رئيس الاتحاد العربى للمستهلك، إن جهاز حماية المستهلك ليس له أى دور فعلى فى كبح جماح الأسعار، موضحة أن دور الجهاز يقتصر فقط على كتابة الدراسات والأبحاث، التى لا يؤخذ بها فى الغالب، وأن الأسعار ترتفع حسب أمزجة التجار والصناع والمحتكرين.