لم يكن «أحمد» البالغ من العمر 20 عاماً، يعلم أنه على موعد مع الموت، حينما اتصل بوالده، وقت أن دقت عقارب الساعة معلنة الثانية عشرة منتصف ليلة الأربعاء، وهو فى قمة السعادة، متشوقاً إلى لقاء والدته ووالده رمضان على، الذى يعمل موظفاً بإدارة إبشواى التموينية، بعد أن حصل على إجازة 11 يوماً، ليخبر والديه بقدومه من رفح إلى مسقط رأسه بقرية فريد يعقوب التابعة للوحدة المحلية بقصر بياض مركز إبشواى، ذات القرية الصغيرة التى لا يتجاوز عدد سكانها ثلاثة آلاف نسمة، على طريق الفيوم- إبشواى السياحى. أحمد.. شهيد الفيوم فى الحادث الإرهابى بالشيخ زويد، كان قد وصل وقت المغرب يوم الثلاثاء الماضى إلى خدمته الجديدة برفح، قادماً من الكتيبة 20 مشاه بمنطقة التل الكبير بالإسماعيلية، بعد أن تم نقله و9 آخرين من زملائه فى الكتيبة للخدمة فى منطقة رفح لخروج 10 مجندين منها «رديف» فى بداية الشهر المقبل، وعندما وصل لمنطقة خدمته الجديدة، طلب من قائد الكتيبة أن يحصل على إجازة من يوم 20 حتى 30 من الشهر الجارى، ليرى أسرته الصغيرة وخطيبته «سماح» التى كانت تنتظره، فى الوقت الذى كان شقيقه الأكبر «مدحت» لم يمر على التحاقه بالخدمة العسكرية سوى 20 يوماً فقط. هكذا كان حلم الشهيد قبل أن يلقى ربه فى هذا الحادث الإرهابى الأليم، أن يرى والديه وخطيبته، وكان قبل مغادرته الفيوم عائداً إلى كتيبته الأساسية بالتل الكبير بالإسماعيلية، يتحدث مع والدته عن مواصفات عش الزوجية الذى يحلم به مع أسرته الجديدة، بعد أن ينهى خدمته العسكرية ويتمم زواجه من خطيبته. جلس والد الشهيد، رمضان على على، الموظف بإدارة إبشواى التموينية فى منزله، منتظراً أن يرى نجليه «أحمد» الأصغر الحاصل على دبلوم صنايع و«مدحت» الأكبر خريج كلية العلوم، بعد أن اتصل به أيضاً الأخير ليخبره أن قائد كتيبته منحه إجازة 10 أيام، وهو لم يمر عليه سوى 20 يوماً فى مركز التدريب بكينج مريوط بالإسكندرية، بعد التحاقه بالخدمة العسكرية هذا الشهر.. الأمل يراود الأب المكلوم، وكأن لسان حاله يقول: «أحمدك يا رب.. هاشوف ولادى الاتنين».. حتى فوجئ بخبر استشهاد نجله الأصغر على شاشات التليفزيون. «بابا بارك لى، أنا أخدت إجازة 11 يوم.. وجاى بكرة أقضى معكم حتى 30 نوفمبر وأعود إلى وحدتى الأصلية بالتل الكبير، بعد أن تم تعديل قرار نقلى إلى رفح»، بهذه الكلمات كان الحوار الأخير الذى دار بين الشهيد ووالده، فكان طلب الوالد ألا يعود مساءً خشية عليه من مخاطر الطريق.. ولكن الابن طمأنه قائلاً: «أنا جاى بكرة فى أوتوبيس القوات المسلحة مع زملائى». الأب المكلوم تحدث ل«الوطن» قائلاً: «ذنبهم إيه الناس اللى ماتوا؟ آه هى أعمار لكن مش بالشكل ده». وصمت قليلاً مردداً: «لأ.. لأ، كان عندى أمل أشوف ولادى الاتنين، رجع لى واحد بس والتانى راح.. الحمد لله على كل شىء»، ويستكمل: «تلقيت اتصالاً من نجلى يوم السبت الماضى يخبرنى بأنه سيمكث فى مقر قيادة الجيش بالإسماعيلية ثم يتسلم خدمته فى رفح يوم الثلاثاء الماضى، ولكنى طلبت منه ألا يذهب إلى رفح، فكانت إجابته محددة قائلاً: ما باليد حيلة، وبعد علمى بأن انتدابه من الإسماعيلية إلى رفح تم تعديله ليعود للإسماعيلية كنت مطمئنا جداً، حتى طالته يد الإرهاب لتضيع على فرحتى». كان الآلاف من أهالى القرية قد شيعوا جثمان الشهيد مساء أمس إلى مدافن العائلة ليوارى جسده التراب، فيما توجه ظهر اليوم الدكتور حازم عطية الله، محافظ الفيوم، إلى منزل الشهيد لتقديم العزاء لأسرته. الأخبار المتعلقة: «مكافحة العنف» يطالب بسرعة القبض على مفجرى أتوبيس العريش تنكيس الأعلام وحداد3 أيام بالمحافظات على شهداء الإرهاب والدة شهيد «كفر طنبدى» تصرخ: «منهم لله الكفرة اللى بيحرقوا قلبنا على ولادنا» أسرة الشهيد عبدالسلام صبيح: «ابننا مات غدراً على يد من يقتلون باسم الإسلام» وداع «الشماعة» للرقيب عمرو محمد: «هما ليه بس الغلابة اللى بيدفعوا التمن؟» «نبيهة»: الإخوان بيقتلونا باسم الدين.. وإحنا مكملين والدة الشهيد «رياض الديب» بالدموع: «كنت مستنية أزفك لعروستك يابنى.. زفّيتك لآخرتك» رائد شرطة عسكرية «يداً بيد» مع والد الشهيد والد «سائق أوتوبيس الشهداء»: «إيه ذنبه هو وزمايله.. ليه يموتوا غدر؟» والد الشهيد صديق قنديل: رأيت ابنى فى المنام شهيداً ليلة الحادث والد الشهيد صديق قنديل: رأيت ابنى فى المنام شهيداً ليلة الحادث شهيد «قرية المنسترلى» لعائلته: «لو كل واحد ساب سيناء مين هيحميها؟» والد الشهيد أحمد محسن: «لو كان عاش المرّة دى كنت هارجعه وحدته علشان يستشهد دفاعاً عن وطنه» «سلكا».. سرادق عزاء كبير فى وداع الشهيد عبدالله أسرة شهيد «الحمادات» ذهبت لإحضار «مهندس ديكور» لشقته.. وعادت ب«حفار قبور» مصر الحزينة فى «مواكب الشهداء»