الحيرة التي أصابته وهو يقف على خشبة المسرح، مرددا "مش أنت شفيق يا راجل؟"، بينما محمد نجم يخرج ويدخل أمامه بشخصيات مختلفة، استطاع بعدها أن ينقلها لملايين من متابعي التليفزيون في مصر، وربما العالم العربي، وهم يحاولون تخمين "سر شويبس" في سلسلة من الإعلانات السابقة لعهدها في ذلك الوقت. حسن عابدين، الصعيدي الذي جاء إلى الدنيا في 21 أكتوبر 1931 بمدينة بني سويف، نجح رغم بدايته الفنية المتأخرة أن يحفر اسمه إلى جانب الكبار، وهو الذي بدأ حبه للتمثيل ينمو في الرابعة من عمره، واختاره أحد المخرجين المسرحين في سن العاشرة، إلا أنه لم يكمل وفقا لرؤية الأب الرافضة للتمثيل آنذاك. ما إن تسمع اسمه حتى تراه في خيالك يقف محافظا على سر "شويبس" المقدس، ماسحا صلعته بمنديل وهو يحاول معرفة حقيقة "شفيق يا راجل"، على خلفية من موسيقى تتر المقدمة لمسلسل "أنا وأنت وبابا في المشمش". المسرح في حياة حسن عابدين حب كبير، بدأ منذ أن كان ممثلا في المسرح العسكري خلال فترة تطوعه في الجيش، وقد كانت شهرته بين الجمهور العريض وأبناء الجيل الحالي قادمة من مسرحية "عش المجانين" التي قدمها مع محمد نجم وليلى علوي وميمي جمال عام 1980، وهي المسرحية التي اشتهرت بعبارة "شفيق يا راجل"، كما قدم "على الرصيف" عام 1987، مع رفيق دربه حسن حسني والقديرة سهير البابلي وأحمد بدير، وكانت مسرحية سياسية اجتماعية ناجحة باقتدار. السن الكبيرة التي بدأ خلالها النجاح في مشواره الفني أجبرته على تقلد أدوار الأب كثيرا، ولم تخرج تلك الأدوار عن الأب الطيب الحنون الذي قد يقسو على أبنائه وبناته قليلا، إلا أن هذه القسوة هي في النهاية لمصلحتهم، وكان أشهر دورين قدمهما كأب في مسرحية "عش المجانين" السابق ذكرها، في دور جاد الحق متولي عويس شبرا، ومسلسل "أنا وأنت وبابا في المشمش" مع فردوس عبدالحميد ومحمود الجندي، في دور عبدالباقي الجوهري. لم يستطع حسن عابدين أن يُثري عالم الفن والتمثيل بما هو أكثر مما قدمه، بعدما وافته المنية في الخامس من نوفمبر 1989 عن عمر ناهز 58 عاما، وهو عمر يعد صغيرا في عالم النجوم الذين يمكنهم العطاء حتى ما هو أبعد، إلا أن العزاء الوحيد فيما تركه وراءه من "إبداع يا رااااجل".
