الطريق الوحيد لسكان شارع عارف الصمدى للحصول على رغيف الخبز هو عبور أكوام من القمامة تجمعت فى ساحة كبيرة بجوار منفذ بيع الخبز المدعم فى منطقة الطالبية بالهرم، يتنفس الواقفون رائحة القمامة كرها، فلا سبيل لديهم من البقاء أمام منفذ بيع الخبز لساعات من أجل حصولهم على لقمة العيش، ليست الرائحة وحدها هى سمة المنطقة ولكن هناك بعضا من المواطنين يشعلون النيران فى أكوام الزبالة تتبعها سحابة بيضاء بالمكان قد تحجب الرؤية فى بعض الأحيان لمن يضطر للمرور بالشارع. سكان المنطقة سئموا من الشكوى إلى حى العمرانية التابعين له، لكن الشكوى دائما ما تجد طريقها للمجهول، تفادى مرسى هو أحد سكان شارع الصمدى قدم شكاوى متكررة للحى يقول: «مشفناش الزبالة قلت من الساحة رغم كثرة الشكاوى.. نفسنا نشم هوا نضيف مفيهش دخان زبالة ولا ريحتها». صفاء عبدالعزيز إحدى سكان شارع عثمان محرم والمعروف بشارع الطالبية تحكى عن أزمة الزبالة بالمكان قائلة: «المواطنون لا يجدون صناديق لتجميع القمامة الأمر الذى يدفعهم للتخلص من أكياس القمامة فى المناطق الخالية بصورة تسمح بانتشار الحشرات فى المكان»، صفاء تؤكد أن رفع القمامة من الصناديق أو الشوارع أمر حضارى لم ترتق منطقة الطالبية إليه بعد فى ظل تجاهل المسئولين وتقاعس عمال النظافة عن أداء عملهم. تجمعات القمامة لا تنتهى بامتداد شارع الطالبية بالهرم وبخاصة فى الشوارع الجانبية منه ففى شارع أحمد اللواء تتراص أكوام الزبالة لتقيم سدا منيعا يخشاه المارة فى الشارع، يزداد الأمر سوءا بغياب رجال النظافة من المنطقة ليصبح «أحمد اللواء» شارع تجميع الزبالة بالمنطقة فيقصده القريب والبعيد لإلقاء أكياس القمامة، يقول سعداوى عبدالكريم أحد سكان الشارع «الأهالى يجدون فى المنطقة ساحة لتجميع الزبالة ولا يحاول العاملون فى هيئة النظافة حل المشكلة بتخليصنا من بؤرة الأمراض التى لا تنتهى على مدار اليوم»، يعتبر عبدالكريم البقاء فى شارع أحمد اللواء بداية للإصابة بالأمراض ويكشف عن تعرض أحد أفراد أسرته لمرض الحساسية الصدرية بسبب الأدخنة المتزايدة التى لا تنقطع عن أكوام الزبالة المتراكمة فى المنطقة. تتزايد أكوام الزبالة بامتداد الشارع حتى تصبح تلالا تحجب الرؤية وتمنع المارة من العبور فيه، وسط أكوام الزبالة يختبئ وجه محفوظ محمد، أسفل لافتة كبيرة دوّنها مؤيدو الدكتور محمد مرسى رئيس الجمهورية على جدران شارع ترعة الزمر، باحثا عن كراتين ورقية فارغة يجمعها فى جوال ملازم ليديه التى لا تتوقف عن البحث، وجهه العشرينى من كثرة احتكاكه بأكوام الزبالة تلتصق به بعض من سماتها فصار ملوثا بأتربة القمامة بصورة أضاعت ملامحه، لكن بحثه لا ينقطع عن تجميع الكراتين الفارغة ليذهب حاملا إياها لمن يعيد تدويرها مرة أخرى نظير 35 قرشا للكيلو، يوم محفوظ يبدأ من ساعات الصباح الباكر ولا ينتهى، فبحسب كلامه «الشوارع كلها زبالة وده رزقى ورزق ولادى ومعرفش مهنة غيرها»، نبش محفوظ لا ينقطع عن تلال الزبالة المتراصة بالمكان لتتبعثر الرائحة يمينا ويسارا وتفترش الطرقات بأكوام الزبالة بعدما فتش فيها محفوظ ومن يشاركه مهنته. المشهد يزداد سوءا فى ظل وجود موقف للفواعلية بالشارع يقفون على مقربة من تجمعات الزبالة يشعرون بضيق مضاعف فى ظل مهنة لا ترحمهم ورائحة كريهة لا تغيب عن المكان الذى يستعدون فيه للعمل، يقول عبدالله محمود أحد العمال: «يومنا بيبدأ من 6 صباحا.. كل يوم بنلاقى أكوام الزبالة بتزيد عن اليوم اللى قبله، والرائحة تزيد بسبب من ينبشون فى القمامة لتجميع أوراق أو علب فارغة»، يتساءل عبدالله فى حسرة: «فين المسئولين اللى ينضفوا البلد من الوباء ده»، فى إشارة منه لما تسببه القمامة من أمراض وانتشار للحشرات فى المناطق المجاورة بصورة كبيرة، الطرق تزداد ضيقا باكتساح أكوام القمامة فيها، وتزيد معه شكوى المارة أو السكان القانطين بالمكان، إلا أن الشكوى دائما تجد طريقها للنسيان وهو ما أكده عثمان على أحد السكان: «من كتر ما بنشتكى ومحدش بيسأل.. بطلنا نشتكى وبنقول يارب». أزمة تجمعات القمامة لا تنتهى بحى العمرانية والشوارع التابعة له فيما أكد أحمد نصار رئيس حى العمرانية أن الأزمة فى طريقها للحل، خاصة بعد أن تم تكليف شركة المقاولون العرب ببرنامج عمل لرفع التراكمات فى عدة مناطق منها ترعة المريوطية ومنطقة الإخلاص وترعة الزمر وخلف سور مترو محطة ساقية مكى، وأضاف: «وزارة البيئة لديها برنامج لرفع منطقة المناولة فى المريوطية والليبينى وباقى المريوطية»، وأوضح نصار أن هناك خطة لتكثيف العمل اليومى للقضاء على القمامة التى افترشت الطرقات سواء فى شارع خاتم المرسلين أو شارع الطالبية أو باقى المناطق التى بها تجمعات للقمامة.