باتت حوادث القطارات في مصر علامة مميزة لقطاع النقل البري. ورغم تعاقب الحكومات والمسئولين تستمر الحوادث لنفس الأسباب؛ ذلك لأن العقاب يكون بإقالة وزير أو مسؤول، دون البحث عن الأسباب الحقيقية المتسببة في هذه الحوادث. وأحيا حادث قطار "القاهرةأسيوط" الذي وقع أمس الثلاثاء في محطة البدرشين، الحوادث المؤسفة التي أتت على أرواح الكثير من أبناء مصر، والتي كانت الحكومة تقوم بتهدئة الرأي العام بإقالة وزير أو مسؤول. ليتكرر الحدث بنفس الطريقة. وبالعودة إلى الوراء قليلا، لتنذكر أبرز مصادمات القطارات، التي كانت أولها في شهر ديسمبر من عام 1993، عندما أدى تصادم قطارين على بعد 90 كيلو مترًا شمال القاهرة عن مقتل 12 وإصابة 60 آخرين. ولم يمر سوى عامين، حتى كانت صدمة أخرى، أسفرت عن موت 75 راكبًا، وإصابة المئات عندما اصطدم قطار بمؤخرة قطار آخر. وفي عام 1997، يغادر دنيانا 11 شخصًا، إثر تصادم قطارين في شمال أسوان. ويتواصل المشهد، وكان الموعد هذه المرة في مدينة الإسكندرية، ففي أكتوبر من عام 1998، اصطدم قطار بالقرب من المدينة بأحد الكتل الإسمنتية الضخمة، مما أدى إلى اندفاعها نحو المتواجدين بالقرب من المكان، وخرج القطار نحو أحد الأسواق المزدحمة بالبائعين المتجولين ليودي بحياة 50 شخصًا، وإصابة أكثر من 80 مصابًا. وتتوالى المشاهد المؤسفة، حتى عام 2002، لنشهد كارثة العياط، والتي تعد الأكبر والأسوأ في تاريخ السكك الحديدية، بسبب "جاموسة" شاردة على القضبان في العياط،، عندما شب حريق في قطار مزدحم أثناء سيره مما أسفر عن مقتل361 شخصًا، معظمهم احترقوا بعد أن فشلوا في الخروج من العربات المشتعلة. ووقع حادث بلبيس في مايو 2005 بسبب عبث أحد الركاب ب"جزرة" الفرامل، مما أدى إلى اصطدام قطار الشحن القادم من الزقازيق في طريقه للقاهرة، وقطار آخر للركاب كان متوقفاً علي نفس القضبان في الطريق المعاكس، وتسبب هذا الحادث في إصابة 45 ، وإهدار ما يقرب من240 طن قمح، فضلا عن تحطم مقدمة القطار الأول، واتلاف4 عربات من قطار البضائع. وفي أغسطس2006 قتل 58 شخصا على الاقل واصيب 144 في اصطدام قطارين كانا يسيران على السكة نفسها، وفي واحدة من المرات القليلة حكم على 14 من موظفي هيئة السكك الحديدة بالسجن لمدة عام بعد إدانتهم بتهمة الإهمال. وفي يوليو 2008، قتل 44 شخصًا على الاقل عندما اصطدم قطار بحافلة ركاب بالقرب من مدينة مرسى مطروح الساحلية على البحر المتوسط. وكان المسئولون يواجهون مثل هذه الكوا ث، بإقالة وزراء أو مسئولين، حيث تمت إقالة 8 رؤساء للهيئة العامة للسكك الحديدية، على رأسهم المهندس حسين حليم، بسبب مجاملته لمحافظ البحيرة عام 1991، حينما أوقف أحد القطارات في محطة دمنهور مجاملة له، ثم عبدالسلام شعث الذي أقيل بعد حادث العياط وجنوح قطارين، والمهندس محمود مرعي الذي خرج من الخدمة بعد حادث كفر الدوار، والمهندس طلعت خطاب الذي تقدم باستقالته بسبب الحوادث المتكررة على القضبان. ولم تجد الحكومة في عام 2002، إثر كارثة قطار العياط، سوى إقالة إبراهيم الدميري وزير النقل، وأقيل معه المهندس أحمد الشريف رئيس الهيئة.